الاثنين ٢٧ شباط (فبراير) ٢٠١٢
بقلم
نَحْلُ الأماني
هاتي الْكؤوسَ لِنَشْرَبَ الأنْخابا | وَتَذَكّري الأصْحابَ وَالأحْبابا |
وَتَأمّلي بَيْتَ الْقَصيدِ فَرُبّما | يأْتي الْحَبيبُ وَيَقْرَعُ الأبْوابا |
وَارْوي الْفُؤادَ ـ إذا سَقَيْتِ ـ مَحَبَّةً | لا تَمْلَئي كَأْسَ الْحَزينِ عِتابا |
الْحُبُّ يُنْبِتُ في الفُؤادِ سَعادَةً | وَالْبُغْضُ يَحْصِدُهُ أذىً وَخَرابا |
وَالْغائِبُ الْمَعْذورُ يَحْمِلُ شَوْقَهُ | وَالشَّوْكُ يَزْرَعُ في الدُّروبِ عَذابا |
يا روحُ بِالضَّوْءِ امْلَئي الْأكوابا | فَالْلَيْلُ طالَ وَجَدّدَ الأوْصابا |
صُبّي الْحَنانَ عَلى الْكَمانِ وَرَتِّلي | فَعَلى لِسانِكِ كُلُّ شدْوٍ طابا |
رُشّي الرَّذاذَ على وُرودِ قَصائدي | قَدْ يَمْتَطي عَبَقُ النَّشيدِ سَحابا |
وَيَطيرُ فَوْقَ الْوَقْتِ يَقْطِفُ نَجْمَةً | وَيُضيءُ مِنْ جَمْرِ الْقَصيدِ شِهابا |
وَبِإبْرَةِ الأشْواقِ حاكَ حنينَهُ | حَتّى يُطَرِّزَ لِلْوَفاءِ ثِيابا |
ما أَجْمَلَ الْكَلِماتِ حينَ تَزُفُّها | لَوْ شِئْتَ تَنْحَتُها لَكُنَّ صِعابا |
ما أرْشَقَ الشِّعْرَ الْبَديعَ فَإنّهُ | ضَوْءُ الصّباحِ يُدَغْدِغُ الأهْدابا |
جُلُّ الْكلامِ قَليلُهُ وَدَليلُهُ | سِحْرُ الْمعاني يَخْطَفُ الألْبابا |
أمّا الْعَويلُ طَويلُهُ وذَليلُهُ | كَذِبٌ على شَفَةِ الذِّئابِ تَغابى |
نَحْلُ الأماني يَرْصُفُ الدُّنْيا شَذى | لَحْنُ الأغاني قَدْ أتى مُنْسابا |
قَدْ تُبْهِرُ الرّسّامَ حُمْرَةُ لَوْحَةٍ | كَمْ تاهَ لُبٌّ والْفُؤادُ أصابا |
حتى إذا ذَبَلَتْ بِعَينيْ دَمْعَةٌ | سَتَظَلُّ روحُ الشِّعْرِ فِيَّ شَبابا |
والشَّعْرُ فِضَّتُهُ تَزيدُ بهاءَهُ | وَالشِّعْرُ مِنْ ذَهَبٍ يُصاغُ كِتابا |
الصَّمْتُ سَيْفُ الشّكِّ فَلْيُكْسَرْ إذَنْ! | إنّي أريدُ ـ إذا سَألْتُ ـ جَوابا |
هَلْ يَحْمِلُ الْقَمَرُ الْوَديعُ أمانَةً | مِمَّنْ نُحِبُّ وَلا يُطيقُ غِيابا؟ |
كَمْ مَرّةً زارَ السُّؤالُ جَوابَهُ | وَالصَّمْتُ صَدَّ صَداهُ .. ثُمَّ الْبابا! |
كَمْ غَرّدَ الْعُصْفورُ نَحْوَ حَبيبِهِ | والْغُصْنُ يَرْجُفُ تَحْتَهُ مُرْتابا! |
وَبَعَثْتُ طَيْرَ الْقَلْبِ يُنْشِدُ حُبَّهُ | فَأعادَهُ لي بومَةً وَغُرابا |
أَيُقابَلُ الْغُرَباءُ مِثْلَ أحِبَّةٍ؟ | وَالْعاشِقونَ تَفَرّقوا أغْرابا ! |
أَيْنَ الْجَوابُ َيَضُمّني وَأضُمُّهُ ؟ | حَتّى يَذوبَ كَما سُؤالي ذابا |
الْحُبُّ عَذْبٌ وَالْلِقاءُ عُذوبَةٌ | وَعَذابُهُ مُرٌّ إذا حَبيبُكِ غابا |
يَتَعَثَّرُ الْحُكَماءُ في تَفْسيرِهِ | فالْحُبُّ لَمْ يَجِدوا لَهُ أَسْبابا |
قَدْ لامَني الْجُهَلاءُ: تِلْكَ أَميرَةٌ! | قُلْتُ: الْهَوى لا يَعْرِفُ الألْقابا |
لَوْ مَرَّةً نَظَرَ الضَّريرُ لِلَيْلِهِ | ما كانَ نَجْماً في سَماءٍ عابا |
وَلَرُبَّما نَظَرَ الْبَصيرُ لِلَيْلِهِ | فَازْدادَ في عُمْقِ الْمَدى إعْجابا |
يا مَنْ تُقَسِّمُ ثُمَّ تَضْرِبُ طامِعاً | ما كانَ حُبُّ الْمُخْلِصينَ حِسابا |
هذا الوِشاحُ أشدُّهُ وَأشُمُّهُ | بِيَدَيَّ عِطْرُ الذّكْرَياتِ انْسابا |
وَيَحِنُّ بَحْرٌ لِلِّقاءِ وَيَشْتهي | نَهْراً يُعيدُ لِقَلْبِهِ الْغُيّابا |
وَتَتوهُ في لُغَةِ الْعُيونِ قَصائِدٌ | وَتَسيلُ في شَفَةِ الْحَبيبِ شَرابا |
يا روحُ هُزِّيني أتِلْكَ حَقيقَةٌ | أَمْ أنَّ ذاكَ النَّبْعَ كانَ سَرابا؟ |