الأربعاء ٢٠ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم عبدالوهاب محمد الجبوري

وطن

(1)
وطن، على الرمال، تتكسّر أحلامه
سفرٌ فوق التلال
تتأوّه صفحاته
فوقَ الهوادج تتلبّد هموم ثقالْ
جسد تتموّج مسافاته
تتراءى قسماته
في رعشة السنابل
في حمّى القنابلْ
 
(4)
سهوب ٌ لم تطؤها
سوى عربدة السرفات
وانّاتٍ ...
وآهاتْ ...
تاركة للثكالى
عصا من دموع
وجراحاً
مزملة بريح المسك
أنزوي حزينا في عبراتها
اكتوي بين لفح الهواجر
على جمراتها
هو سبي
ورحيل
احتلال .. احتلال
 
(3)
واضيعة البلد المستباحْ
بريقٌ رائق في عيون الأطفال
أطفأه النواحْ
 
(4)
نخلة أسيرة
تسقط بلحا أخضرْ
نحلة
تنزف عسلاً احمرْ
وشمعة هزيلة
تبحث عن ثقاب
في الزوايا المظلمة ..
على تلك الجدران
صورة إنسان
بقايا مكسورة
شظايا مهجورة
تؤسس للنسيان
مملكة للأحزان
 
(5)
مساءٌ يزفّ عرسه
بلا جيدٍ مخضبٍ باللآلئ
ريحٌ صفراءْ
تعوي في جنون
تظل مع الزمن
دولابا يدور
وسريري المهجور
يتوسد نارا
وبحرا بلا شواطئ
 
(6)
عجبا أيها الذبيح
كيف وثبتَ مرة واحدة ، بضعا وعشرين نهرا
وقضيت مرة ، بضعا وعشرين عمرا
وقرأت مرة ، بضعا وعشرين سفرا
ويحهم .. كيف نسوا
انك تشرب النزف في فؤاد طعين
وكل الذي حولك
يشب أنينا في اثر أنين
أرضك ، هواؤك ، أنين
أنينٌ ، أنينْ
حتى الجدول الصغير
يُدمدِم في مسائي الحزينْ
يبكي كئيبا دون ماءْ
والنوارس في كل بحر
تشرب زفراتها
مثل ثكالى النساءْ
وأنا في لهفة الوعود
انوء في ثقل القيود
أتجرّع كاس السنين
أطوف على الوفاء
أزهو بتراتيلَ من شوق
يفيض على المدى بنشيدي
يوم ان طاف على كل الغصون
وميضا على خطو فجر سعيد ِ
أقطع شوط الكابات وحدي
أتفقد الزمان
لعل أيامي اليتيمات تنقضي
أو ارتدي ثوبا
يُكسي غربتي
ثوبا يبكي مدامعي
ثوبا بلون نوائبي
 
(7)
ويحهم .. كيف نسوا
انك مرة تهوي
فتمتدّ على الأفق عنوانا للعطاءْ
كيف نسوا
انك ، ألف مرةٍ ، تسمو
على كل الذرى ، تصبو
نسراً يشرئبّ ، يملأ السماء
أجنحة
تتوقى لفحة الرمضاءْ
تهفو للهوى
في نشوةِ عصفور
يحن إلى اللقاءْ
في لعبة صبيان بريئة
تداعب أطياف المساء ْ
 
(8)
وطن جريح ، شوق ً للعلا
يأبى ان يستريح
نزفٌ يدرّ مسكاً
يضئ المصابيح
قامات بخور، ومرايا عطر، وتسابيح
تأخذني
تنتشلني من هاوية الأحزان
 
(9)
آه ...
يا متمرداً على المغيب
يا طائراً رحلت به الريح
نحو عش غريب
 
(10)
آه ..
يابلح الجنوب
تأخر اللقاح هذا العام
ولم تحمل عذارى الحي
أهازيج الشط في موسم الحناء
لم يبق سواك أيها الوفاء
فنارا به نهتدي
صبحا اذا تنفس
ليلا اذا عسعس
غصنا اذا اشرأبّ
في رقصة العرس المباح
او هبّت على الغصون الرياح
اه ..
يا زيتون الشمال
أسرج خيلك ،
سحائب لم تُسدِل ذوائبها
سواقي انتشاءٍ في تدافعها
وفي العناقيد وجدٌ ظلّ يعصرها
كل القلوب على الامال ترقب اطيافها
وكل العيون بلا وعد تمدّ اهدابها
فاي العابرين على الاشواك
غدا يجني من كؤوس رحيقها ؟
 
(11)
ابحث عن قبس في حطب الغابات
كي انسج دفئاً للثكالى
ترتجف الطرقات
اطوي الدروب محلقا في مداك
لبيك ان صفونا
يمر مداك
ومضات زنابقَ بفوح شذاك
والليالي تمر محمّلة
غصصا حتى
تلقى على الجراح هواك
 
(12)
بحر
دماء
هموم
أفكار جوف راسي تحوم
يا بساتين النخل
والكروم
يا أجمل فردوس في الدنيا
سرحي ثمارك
دعيها تعشق
تتناسل تحت القصف
 
(13)
يا قلب لا تصمت
أشكو إليك شقائقاً في الكف تذوي
دعني اخلد مطمئناً بين يديك
أنا وسيفي
ابحث فيك عن اسمي
حكاية من الأرق
عطش يرويني
رسمته على الورق
أنت محرابي وديني
جرحك ترياق يداويني
 
(14)
آه..
يا بلد التاريخ
لملم جراحك
افرد جناحك
دع طيورك المأسورة ترحلْ
كي تعود بالأمل
على براق بابل
حبلى بالسنابل ْ
 
(15)
في أعماقي صمت يتحرق
يغفو ويصحو على غضبتي
تنتفض قصيدتي
وخلف الأسوار بابل تترقب ْ
تثاءب احلامها
تلك سلالتي
مجد الحضارة لها ينتسب
 
(16)
دم الخريف
يتلو على الشرفات
فاتحة النزيف
فتح الفجر ابوابه للغصون
ثمارأ فضية
مجللة بضفائر وردية
وتبقى بغداد
سماء تمد للخلاص نسورا
وهل يعلم الحاقدون
بانهم خائفون ؟
وان السجون التي يملأون
(تضيق لتمتد يوما سعيرا
يلاحقهم حيثما يذهبون
فياكلهم فوق ما يحسبون)
( فلا عاصم اليوم ) لو يدركون !
وهل يعلم الجائعون
بان الدماء التي يسفكون
ستنقض يوما فكل العراق
يهب نشورا
ليحصد منهم نحورا
ويحصد منهم صدورا
(وكل فتاة لنا
وكل حصاة لنا ان تثورا
فهل حسب البائعون الضميرا ؟)
 
(17)
دجلة يجري
وشمس الفرات انضجت ثمارك
تطوف في شواطئك
اشرعة الندى
مطرزة بالنوارس والصدى
وسنابل في عروشها
تتلو، قرآن الهدى
 
(18)
صار الخطبُ شهوة عذابْ
وحش من دم وانيابْ
تنهش في جسد محموم
أعرني سيفك يابن الخطابْ
صار الحزن عتمة انتظار
غمامٌ من دخان
ظلام من رعب يجهض الازهارْ
أعرني بأسك ياكرار
هوذا قد طلع النهار
 
(19)
قام اهلي
حملوا الراية والسيفين
ابشري ياأم الحسنين
هو قسم !!
ان تظل بغداد الحبيبة (خبزي وملحي)
ان تظل بغداد الاميرة (سيفي ورمحي)
 
(20)
آه.. يا مدينة العشق
كم كان الشتاء قاس عليك
عشقت حدائق الليمون في وجنتيك
ضاقت ساحة الاحلام
بالاشواق اليكِ
كتبت اغنيتكِ
من احلى قمر يسكن عينيكِ
خذي صمتي
غضبي
قصيدتي
وارتحلي نحو العلا
 
(21)
انساك ؟
لا كان هذا ولا ذاكَ
بل روحي فداكَ
عدلا فديتك روحي
فمن لي في شفاء الجروح
سواك
انت نور في المدى قد تفجر
اما سمعتني يا قمر ؟
يوما ساتي على لقاك
(وعندما تسحُّ مقلتاك
ذوائب السنا )
يصدح الاريجُ بالنداء
نجوس معابر المغول
نمد نحو الضفاف اشرعتك
ابشر
فالطوفان يحتضر
ماضٍ يأفل
وحزن يرحل
ابشري يا ام الحسنين
هو قسم!
ان تظل بغداد الحبيبة (خبزي وملحي)
ان تظل بغداد الاميرة (سيفي ورمحي)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى