الجمعة ٣١ آب (أغسطس) ٢٠٠٧

البيان بلا لسان: دراسة في لغة الجسد،

صدر عن دار الكتب العلمية في بيروت للباحث، والأكاديمي الفلسطيني الدكتور المحاضر في جامعة بير زيت في فلسطين مهدي عرار، وعنوانه البيان بلا لسان: دراسة في لغة الجسد، وقد قدم له د. نهاد الموسى، وكتب عنه د. وليد سيف، ود. إبراهيم السعافين وغيرهم. بلغ عدد صفحات الكتاب 352 من الحجم الكبير.

وقد جاء في مقدمة الكتاب ما يلي:

رَبِّ يَسِّرْ وَأَعِنْ

مِهادٌ وَتَأْسيسٌ:

ابْتَدِئُ بِاسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، وَأُثَنّي بِالصّلاةِ وَالسّلامِ عَلى رَسولِهِ الكَريمِ، وَأُكْثِرُ حَمْدَهُ على ما مَنَحَ، وَأرْغَبُ إِليْهِ في إيزاعِ الشُّكْرِ عَلى فَوائِدِ النِّعَمِ، وَبَعْدُ،

فَهذِهِ مُباحَثَةٌ أَسْتَشْرِفُ فيها الدِّلالَةَ التي تَتَخَلَّقُ مِنْ "لُغَةِ الجَسَدِ"، وَقَدْ عَقَدْتُ لَها عُنْوانًا وَسَمْتُهُ بـ"البَيانُ بِلا لِسانٍ: دِراسَةٌ في لُغَةِ الجَسَدِ"، مُرْتَضِيًا أَنْ أَجْعَلَها مُؤْتَلِفَةً مِنْ ثَلاثَةِ مَطالِبَ عَريضَةٍ:
  أَوَّلُها: الأَنْظارُ المُمَهِّدَةُ.
  وَثانيها: الأَنْظارُ المُؤَصِّلَةُ.
  وَثالِثُها: الأَنْظارُ المُسْتَشْرِفَةُ.

أَمّا بابُ القَوْلِ عَلى "الأَنْظارِ المُمَهِّدَةِ" فَقَدْ أَتَيْتُ فيهِ عَلى مِهادٍ يَسْتَجْمِعُ حَديثًا عَنِ البَيانِ بِلا لِسانٍ، وَحَديثًا آخَرَ عَنْ سُهْمَةِ لُغَةِ الجَسَدِ المُتَجَلِّيَةِ "بِالصَّمْتِيّاتِ" وَ"الحَرَكِيّاتِ" في الإِبانَةِ وَالتّواصُلِ، وَأَنَّ تِلْكُمُ الصَّمْتِيّاتِ قَدْ تَقومُ مَقامَ الكَلامِيّاتِ في سِياقاتٍ مَخْصوصَةٍ، وَكَذلِكَ أَتَيْتُ في هذا المَطْلَبِ عَلى لُغَةِ الإِشارَةِ التي يَنْعَقِدُ عَلَيْها إِجْماعُ الصّمِّ وَالبُكْمِ، وَالتَّمْثيلِ الصّامِتِ الذي يَفيءُ أَهْلُهُ إِلى "لُغَةِ الجَسَد" في الإِبانَةِ عَنِ المَقاصِدِ، وَإِلى رَسْمِ المَعْنى رَسْمًا تَمْثيلِيًّا وَحَرَكِيًّا يَقْتَنِصُ مِنْهُ النَّظّارَةُ الدِّلالَةَ بَلِ الدِّلالاتِ، وَقَدْ أتَيْتُ فيهِ أَيْضًا عَلى أَنَّ "لُغَةَ الجَسَدِ" تَتَرَدَّدُ بَيْنَ الفِطْرِيِّ وَالمُكتَسَبِ، وَالعامِّ وَالخاصِّ، وَالتَّواصُلِ وَالتَّفاصُلِ.

أَمّا بابُ القَوْلِ عَلى "الأَنْظارِ المُؤَصِّلَةِ" فَقَدْ وَلَّيْتُ وَجْهي نَحْوَ تَأْصيلِ دَرْسِ هذِهِ الظّاهِرَةِ، وَتَلَمُّسِ مَواضِعِ وُرودِها في بَعْضِ دِراساتِ القُدَماءِ، فَوَقَفْتُ عَلى نَماذِجَ مُعْجِبَةٍ، وَآراءٍ مُسْتَنيرَةٍ أَفْضَتْ بي إِلى التَّقْريرِ بِأَنَّ القُدَماءَ جَعَلوا مِنْ "لُغَةِ الجَسَدِ" مُحْتَكَمًا رَئيسًا في الإِبانَةِ عَنِ المَعاني، وَشاهِدًا أَمينًا عَلى المَقاصِدِ الجَوّانِيّةِ، وَأَنَّهُمْ قَرَّروا أَنَّ المَعْنى قَدْ يُسْتَقى مِنَ الرّافِدَيْنِ: الصّامِتِ وَالصّائِتِ: الصّامِتِ المُتَجَلّي "بِالحَرَكِيّاتِ"، وَالصّائِتِ المُتَجَلّي "بِالكَلامِيّاتِ"، وَقَدْ جَعَلْتُ هذا المَطْلَبَ آخِذًا في خَمْسِ شُعَبٍ: أَوّلُها تَلَمّسُ "لُغَةِ الجَسَدِ" عِنْدَ البَلاغِيّينَ، وَكانَ الجاحِظُ أُنْموذَجًا، وَثانيها تَلَمُّسُها عِنْدَ المُعْجَمِيّينَ، وَكانَ الثَّعالِبِيُّ في "فِقْه اللُّغَةِ" أُنْموذَجًا، وَثالِثُها تَلَمُّسُها عِنْدَ اللُّغَوِيّينَ، وَكانَ ابنُ جِنّي في "الخَصائِص" أُنْموذَجًا، وَرابِعُها تَلَمُّسُها عِنْدَ الأُصولِيّينَ، وَكانَ الإِمامُ الغَزالِيُّ في "المُسْتَصْفى" أُنْموذَجًا، وَخامِسُها تَلَمُّسُها عِنْدَ الفَلاسِفَةِ وَالفِراسِيّينَ، وَكانَ الرّازي في "الفِراسَة" أُنْموذَجًا.

أَمّا بابُ القَوْلِ عَلى "الأَنْظارِ المُسْتَشْرِفَةِ" فقَدْ كانَ المَقْصِدُ المُتَعَيِّنُ مِنْ إِنْشائِهِ تَلَمُّسَ هذِهِ الظّاهِرَةِ في نُصوصِ العَرَبِيّةِ المُتَقادِمَةِ، وَتَلَمُّسَ تَجَلِّياتِها، وَدِلالاتِها، وَأَغْراضِها، فَكانَ مُؤْتَلِفًا مِنْ ثَلاثِ مُباحَثاتٍ فَرْعِيّةٍ تَقَعُ تَحْتَ هذا المَطْلَبِ المَعْقودِ لَهُ العُنْوانُ "الأَنْظارُ المُسْتَشْرِفَةُ"، أمّا المُباحَثَةُ الأولى فيهِ فَكانَ مِضْمارُها التَّنْزيلَ العَزيزَ، وَأَمّا الثّانِيَةُ فَكانَ الحَديثَ النّبَوِيَّ الشَّريفَ، وَأَمّا الثّالِثَةُ فَكانَ أَدَبَ العِشْقِ وَالعُشّاقِ، وَلَيْسَ يَذْهَبُ الظّنُّ بِالقارِئِ إِلى أَنَّني أَتَيْتُ عَلى كُلِّ المُثُلِ المُنْتَسِبَةِ إِلى "لُغَةِ الجَسَدِ" في المُباحَثاتِ المُتَقَدِّمِ بَيانُها، بَلْ عَرَّجْتُ عَلى هذِهِ الظّاهِرَةِ في كُلِّ مُباحَثَةٍ مُعْتَمِدًا عَلى أَجْلى المُثُلِ، فَكانَتْ كُلُّ مُباحَثَةٍ مُشْتَمِلَةً عَلى أمْثِلَةٍ جُزْئِيّةٍ تَعْقُبُها مَقولاتٌ كُلّيّةٌ، وَقَدْ بَدا أَنَّ "لُغَةَ الجَسَدِ" قَدْ تَكونُ مُعَزِّزَةً للمَعْنى المُتَخَلِّقِ مِنْ "جَسَدِ اللّغَةِ"، أَوْ نائِبَةً عَنْهُ في مَقاماتٍ، أَوْ ناسِخَةً لَهُ في مَقاماتٍ أُخَرَ، وَالحَقُّ أنَّني لَسْتُ أُريدُ أَنْ أُصادِرَ شَيئًا مِمّا سَيَأتي بَعْدًا، فَفيهِ مُسْتَغْنًى وَمُسْتَأنَفٌ لِما أُلْمِحَ إليْهِ في مَقامِيَ هذا.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى