الخميس ١٨ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٧
بقلم محمد قصيبات

قصيدة عمودية للشاعر الأرجنتيني روبيرتو خواروس

ولد الشاعرُ الأرجنتيني "روبيرتو خواروس" في مدينة "كورونيل دوريجو" بالقرب من بوينس أيرس عام 1925. درس الفلسفة في جامعة العاصمة الأرجنتينية قبل أن يسافر إلى فرنسا للدراسة في السوربون.

أصدر أول دواوينه الشعرية عام 1958 وحمل عنوان" الشعر العمودي" العنوان ذاته الذي أختاره بعدها لجميع دواوينه الأربعة عشر.

لم تحمل قصائده أية عناوين حيث رأى الشاعر أن على القارئ أن يدخل القصيدة على نحو مباشر دون الحاجة للطرق على الأبواب. ورأي خواروس أيضًا أن الشعر لا يصل إلى علوه شيء سوى الشعر، فظهر شعره صافيًا نقيًا من كل ما هو سياسي واجتماعي وفلسفي. وكان يخضع في شعره إلى "جاذبية متناقضة" . وهو يعتنق في شعره الفكرة التي تقول أن الإنسان مصيره السقوط إلى أسفل السافلين فهو يعيش سقوطًا حتميًا، لكن هذا السقوط يولد عند البشر الحاجة إلى الصعود والارتقاء ... إن الإنسان يرتقي عن طريق السلالم الثلاثة... الفكر واللغة والحب.

هكذا يعيش الإنسانُ عند خواروس هذه الحركة الثنائية بين السقوطِ والارتقاء، وتتخذ قصائده إيقاع عصا المسافر عبر الجبال... تلك العصا التي ترقى لتنزل إلى الأرض ِ بقوة يدِ المسافر ِ, إن شعر خواروس يحمل فلسفة "رونيه باشلار" الذي أعتبر أن زمنَ الشعرِ هو زمنٌ عمودي.

أعتبره النقاد واحدًا من أهم شعراء الأسبانية في القرن العشرين ووضعوه في قائمة تحمل الشعراء الكبار مثل أنطونيو ماشادو ، وفديريكو غارسيا لوركا، وفاسنتي اليكسندر وأكتافيو باث.. قال عنه الأخير : "إن خواروس هو شاعر اللحظات المطلقة" وأن "اللغة الشعرية عنده تتحول إلى قطرةٍ من نور" ، وقال خوليو كورثزار عن قصائده أنها "ترتقي إلى أعلى ما يكون وتنزل إلى أعمق ما يمكن".

أعتمد روبيرتو خواروس في كتابة شعره على إيقاع ِ اللغةِ حيث يرى الشاعرُ الإيقاع في كلِّ شيٍ حتى الموت... يقول خواروس في إحدى قصائده:

"هل ثمة إيقاع في الموت؟
إيقاع على الأقل؟
إذ هل يمكن لشيء أن يولد دون إيقاع
كل السرِّ ، بلا شك ، هو أن تجده
تستطيع أن تبدأ بالصمت.."

توفي الشاعر "روبيرتو خواروس" في بوينس أيرس في مارس عام 1995

**

الكلماتُ
أيضًا
تسقط
على
الأرض ِ
مثل العصافير التي تصاب بالدوار
بسببِ حركاتِها المجنونة،
ومثل كلِّ الأشياءِ التي تفقد توازنها،
ومثل الناس ِ الذين يعثرون دون أن يصطدموا
بشيء
ومثل المهرجين
 
عندها تأخذ الكلماتُ التي
على الأرض سلمًا
لكي ترقى إلى ألسنةِ البشر
في لج..لج.. لجلجتهم
وفي ثأثأتهم
ثم في جملهم المفيدة
ولكن من الكلماتِ ما يبقى على
الأرض ِ
فيأتي رجلٌ فيلقاها
تنتظر في محاكاةٍ مرتبكةٍ،
وكأنها كانت تعرفُ أن شخصًا ما
سوف يأتي ويجمعُها
ليصنع منها لغة جديدة،
لغة لا تتكون إلا من الكلماتِ اللقيطة.

***
نشرت الترجمة بمجلة الفصول الأربعة (اكتوبر 2001)


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى