الثلاثاء ٢٠ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٧
بقلم عمار بولحبال

الكتاب الحي.. الفن الدرامي المنسي

سألني أحد قراء المحقق بمدينة ميلة من الذين يهتمون بالفن الدرامي إن كانت ثقافتنا المسرحية قد وصلت إلى حد التشبع، أم أننا ما زلنا لم ندرك بعض الوسائل الدرامية التي بقيت بعيدة عن الإستغلال لإيصال رسائل " أبو الفنون ".

وعندما فكرت في الأمر مليا وجدت أن الكتاب الحي من الفنون الدرامية المنسية البعيدة عن التطبيق فوق ركح المسرح الجزائري. والكتاب الحي يُعتبر وسيلة شبه مسرحية استخدمت في بداية القرن الماضي لإحياء الرواية بصفة خاصة، بعد أن لوحظ أنّ هذه الأخيرة أصبحت لا تجلب كثيرا من القراء رغم أنها أسلوب جميل جدا وغني بالأحداث والوقائع، ومرد ذلك تأثير الوسائل السمعية البصرية التي ظهرت آنذاك. ومعنى الكتاب الحي هو إخراج أحداث وأشخاص الكتاب من الصفحات " أي من عالم الأموات إلى عالم الأحياء " وهو محاولة لحمل الكتاب حتى يُعاصر الرواية معتمدا على ثلاث خطوات أولها هي اختيار الأثر، بمعنى الرواية، والثانية تتمثل في توزيع النسخ على أعضاء الفوج أو الفرقة، وأخيرا تكليف كل عضو بقراءة الرواية وتقديم ملخص عنها وملخص عن حياة صاحبها.

ويؤكد المهتمون بهذا الشأن أن الفائدة المرجوة من استخدام هذه الخطوات في بداية التحضير والإستعداد لهذا العمل المسرحي هي اكتساب ثقافة أدبية واستيعاب النص واستخلاص واستنتاج العبر، إلى جانب التعود على العمل الجماعي وتحمل المسؤولية الجماعية.

وبعدها تأتي خطوة تُعد الأهم في بداية تطبيق العمل وهي تقطيع الكتاب، والمقصود هو إبراز المقاطع والكلمات التي يقرأها كل واحد إلى جانب المحاورة والمحادثة التي يتلفظ بها كل الأشخاص الرئيسيين في الرواية، لتنطلق بعدها عملية التجارب، حيث تبدأ مرحلة قراءة النصوص المستخلصة لمعرفة الأصوات المناسبة لكل دور، فتمر القراءة بثلاث خطوات أولها القراءة العادية ( صامتة وناطقة ) ثم القراءة الحية المنفردة، وبعد الوقوف على قدرات كل فرد من المجموعة ومدى تلاؤم صوته مع الأدوار الموجودة يتم توزيع الشخصيات الموجودة بالرواية على أعضاء الفرقة القادرين على أداء الأدوار، ويكلف الباقون بالإشراف على الصوت والضوء والديكور وغير لك من الإكسسوارات التي تساهم في إنجاح العمل المنجز. وهنا لابد من التأكيد على بعض الملاحظات التي يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار حتى يكون العمل في قمة العطاء ويؤدي الرسالة المنوطة به حيث من المستحسن أن يكون صوت المنسق مختلفا عن صوت الراوي في قوة النغم حتى يتم استقطاب الجمهور وإبعاد الملل. ويفضل المهتمون بهذا الجانب أن يكون المنسق امرأة والروي رجلا، كما يجب أن تكون القراءة تمثيلية مع مراعاة التعبير بالملامح والحركة، إلى جانب استخدام الوسائل السمعية البصرية.

وحتى إن كان هذا الفن الدرامي لا يلتفت إليه احد الآن إلا أنه سيبقى واحدا من روافد " أبو الفنون "، والعودة إليه قد تعطي نكهة خاصة للأعمال الأدبية وتحولها من رفوف المكتبات إلى ركح المسرح.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى