الثلاثاء ١ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
قراءة في كتاب
بقلم خليل محمود الصمادي

المقصور والممدود

قسم الباحث الكتاب إلى قسمين تناول في أولها ابن ولاد اسمه ونسبه وشيوخه ومصنفاته وكتابه هذا ومنهج ابن ولاد فيه، كما أحصى الباحث ماألف في هذا الفن وحمل اسم المقصور والممدود، وقد بلغت ما يقرب الخمسين عنوانا وقد بين المطبوع منها والمخطوط ، وأما القسم الثاني من الكتاب فهو الكتاب محققا وهذا ما سنتكلم عنه.

ذكر المحقق أنَّ ابن ولاد هو أبو العباس أحمد بن محمد بن ولاَّد ، النحوي التميمي ، جده ولاد ويسمى الوليد ، أصله من البصرة ، لكن جدَّه رحل إلى مصر وأقام فيها، وجاء ابن ولاد من أسرة علم فأبوه وجده كانا نحويين ، وفد خرج ابن ولاد من مصر إلى بغداد طلبًا للعلم وسمع فيها من أبي إسحاق الزَّجاج وقرأ عليه كتاب سيبويه وأحسن فهمه وأتقنه كما أخذ عن إبراهيم النحيرمي وبعد أن نهل من العلم قفل راجعا إلى مصر ومكث فيها حينا من الدهر يفيد الناس ويصنف ، وقد صنف الكتب التالية :

كتاب في معاني القرآن.
الانتصار لسيبويه على المبرد.
كتاب المقصور والممدود ، وهو موضوع البحث هذا.

يذكر الباحث في هذا القسم الذي استغرق 38 صفحة كل ما يتعلق بالمؤلف والكتاب منها نسبة الكتاب لابن ولاد ، والتحقيق من اسم فيه الكتاب الذي لا خلاف ، ومنهج ابن ولاد في كتابه وهدفه منه كالتسهيل والتيسير على طلاب العلم لذا رتبه على حروف المعجم ، وبين منه ما كان مقيسا وغير مقيس ، وبين المحقق أهمية الكتاب وروايته ومصادر ابن ولاد في المقصور والممدود، كما ذكر النسخ المعتمدة في التحقيق المطبوع منها والمخطوط، فالمطبوع منها طبعة ليدن عام 1900م ، وطبعة القاهرة عام 1908 م، وقد بين المحقق ما اعترى الطبعات من نقص وسقوط أما النسخ المخطوطة فهي نسخة مكتبة الأسد بدمشق ورجح المحقق أنها صورة عن النسخة المحفوظة في مكتبة داما زاده بإستانبول وتمتاز نسخة مكتبة الأسد بأن الشيخ "عبد العزيز الميمني الراجكوتي" العالم الهندي النحوي المشهور رحمه الله وقف عليها وأقر أنها لابن ولاد .

أما القسم الثاني من الكتاب وهو الكتاب محققا فبدأ من الصفحة 39 إلى ص 239، وقد أحسن المحقق صنعًا في التحقيق فقد ضبط المقصور والممدود الوارد في الكتاب وذكر الخلاف في ذلك إن كان ، كما وقف المحقق على مذاهب العلماء في معاني المقصور والممدود في الكتاب ورجَّح ما يحتاج لذلك ، كما وثق كلام ابن ولاد من المظان التي يطلب منها من كتب اللغة والمعاجم والنوادر، ربط المحقق الكتاب بعدد من الكتب التي حملت الاسم نفسه ككتب الفراء وابن السكيت والوشاء والقالي والفارسي .

خرَّج المحقق الشواهد الشعرية والآيات والأحاديث والأمثال وأقوال العرب كما صنع فهارس منها فهرس الأعلام وفهرس للشعر والأحاديث واللغة وفهرس للكتاب وقد حازت الفهارس وثبت المصادر على مئة صفحة .

منهج المؤلف والمحقق في الكتاب:

كما قلنا قسم المؤلف "ابن ولاد" كتابه على حروف المعجم من باب الألف إلى باب الياء استهله بمقدمة ذكر فيهما كل ما يتعلق بالمقصور والممدود التي وقف عليها بما كان متفرقا منثورا مما لاحد له يحصره ولا قياس يجمعه ،ثم ذكر تعريفه للمقصور والممدود فقال : وينبغي أن نذكر ما المقصور من الأسماء وما الممدود وما معنى تسميتهم بعض المقصور منقوصا.

فالممدود على ما اتفق عليه أهل النحو " كل اسم كانت آخره همزة بعد ألف زائدة" كقولك قرَّاء ورداء وعِلباء وحَمراء. وجملة الهمزات التي تقع آخر الممدود إما أصلية وإما ملحقة وإما للتأنيث.
والمقصور على ما اتفق عليه أهل النحو كل اسم كانت في آخره ألف في اللفظ زائدة كانت أو غير زائدة كقولك : ملهى ومرمى وبشرى وتقى وتقوى ومِعزى، فأما المقصور الذي يسمى منقوصا فهو ما كانت ألفه التي في آخره مبدلة من ياء أو واو وانفتح ما قبلها وكانتا في موضع حركة فأبدل منهما ألف نحو ملهى ، ألفه مبدلة من واو ، لأنه من اللهو ومرمى ألفه مبدلة من الياء لأنه من الرمي وبعد المقدمة التي بين فيها تعريف الممدود والمقصور والمنقوص وطرق كتابة أسمائها والخلاف في ذلك بدأ بباب الألف واستهله بـ " الإنى فقال : واحد آناء الليل وهي ساعاته مكسور الأول مقصور يكتب بالياء وهو من الياء ألا ترى أنَّ منهم من يسمن النون فيقول ك إنْيٌ قال الهذلي :

حلو ومرٌ كعطف القدح مره
في كلِّ إنْيٌ حداه الليل ينتعل

وإِنَى الشيء : بلوغه وإدراكه كذلك مقصور .... وقد أنى الشيء يأنى إِنَىً شديدا إذا انتهى إلى نضج أو حرارة أو ما شاكل ذلك....والإناء واحد الآنية مكسور الأول ممدود ، والأناة بفتح الأول والقصر من قولهم : رجل ذو أناة وهي التؤددة ...... ويقال امرأة أناة وهي التي فيها فتور عند القيام والأصل وناة لأنها من ونى يني بالواو ......

وهكذا يتابع ابن ولاد في ذكر كل ما يتعلق بالإنى على طريقة المعاجم مستشهدا بالشعر والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة مبديا أراء النحويين في كثير من المسائل ومرجحا رأيه في بعضها .
أما عمل المحقق الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد الله فيبدو أنه أشق من عمل المصنف فقد وازن بين عدد من المخطوطات وتابع ما سقط من إحداها وأثبت الصحيح من النسب وخرج الشواهد وشرح الغريب فيها كما ضبط معظم متن الكتاب ووضع علامات الترقيم المناسبة ، وقد بلغت هوامش المحقق أكثر من متن الكتاب .

ومن الجدير ذكره أن الأستاذ الدكتور إبراهيم عبد الله سبق وأن عمل في مجال التحقيق، فقد حاز على شهادة الماجستير من جامعة دمشق في تحقيق الجزء الثالث من كتاب " الأشباه والنظائر في النحو" للسيوطي، ثم حاز على شهادة الدكتوراة من الجامعة نفسها بعد سنوات.

والأستاذ مازال يعمل في جامعة دمشق أستاذًا لمادة النحو والصرف ، وقد تعاقد مع إحدى جامعات الشارقة لمدة ثلاث سنوات وعاد بعدها إلى جامعة دمشق والأستاذ من مواليد عام1951 في محافظة درعا لجأت أسرته من شمال فلسطين ومن قرية " نمرين" بالتحديد، وسكنت قرية "تسيل" في درعا وهناك حاز شهادة التعليم الابتدائي وأما المراحل الأخرى فأتمها في دمشق، حفظ الدكتور إبراهيم المعلقات السبع وهو طالب في قسم اللغة العربية في جامعة دمشق، كما كان نهما في القراءة والاطلاع على تراث العرب.

أذكر أنني حضرت مناقشة رسالته الأولى عام 1977 في كتاب الأشباه والنظائر وقد أذهل المناقشين والحضور بسعة اطلاعه وعلمه، فهو من حفظة القرآن الكريم ، ومتون الحديث الشريف ، وألفية ابن مالك وغيرها من كتب النحو والصرف، أذكر أنَّ الأستاذ المناقش وجه له ملاحظة قائلا له : لو أنك قلت لأجل ذلك بدل من قولك " من أجل ذلك فما كان منه إلا أن قال له بأدب وثقة بالنفس : قال الله تعالى " من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل ..، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " .... من أجل أن ذلك يحزنه " ، وقال الشاعر :

من أجل .....

وقال آخر : من أجل ......

فما كان من الأستاذ المناقش الدكتور شاكر الفحام وزير التربية السابق إلا أن بشر الجامعة بأستاذ قدير .


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى