السبت ٢٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٨
بقلم أحمد نور فهيم يوسف

ظلام ُالصبحِ ، وصبحُ الظلام

(ظلام الصبح)
شبحٌ أراهُ ولا يراني
عن يميني يرصدُ الأخطاءَ،
والعثراتِ يحفظها قريني عن شمالي، لا يبالي
أين يلقي وجهه، فلربما يُلقيه فوقَ النارِ،
أو من فوقِ مرتفعٍ - ويكفيهِ اقترابي من مطاياهُ -
وقد يُلقيهِ فوقَ جناحِ فاتنةٍ، تفح الحب عن بعدٍ
وترخي شعرها كسفاً لقرص الشمسِ
كي يفدَ المساءُ. وفي المساءِ
رأيتُه يمشي أمامي، كان يجتذبُ البقاءَ
من انبزاغِ الغيمِ عن قمرٍ توارى بالشتاء،
الضوءُ مأكلُه ومشربُه :
لكي يبقى على قيد الهباءِ،
وكلما اشتعل استزادَ به انخماداً وانطفاءْ.
يعيش موتاً غامقاً أو خافتاً، متفاوت الدرجات
من أعلى السوادِ إلى انحدارِ في الرمادِ
ومنه ما رسم الضلالُ على رقاعِ الوهمِ
والدَّجلِ المحنَّطِ في النهارِ الفظِّ. ظلي
يا ابن أمي، من تراه بنا أنا ؟!
مالي أراك إذن تصر على البقاء بجانبي
أخذتكَ من ضوءِ الكهاربِ عزةٌ بالإثمِ
لكنَّ الحديدَ تفلُُّه ذاتُ الحديدِ
وسوف لن أنصاعَ "كي يقع الشبيهُ على الشبيهِ
فلا أراكَ ولا تراني" بيد أني
سوف أُطفئ لونَك الممجوج منه،
لكي أراني أوحداً في وحدتي
ولكي أرى الأصليَّ فيَّ مع الظلامِ الدامسِ
 
(صبح الظلام)
إن ناشئة الظلام أشد وطئا،
وهي أقوم في ائتلاف القلب مع لفظ اللسان
كأن في أحداقها روحي تطن كنحلة
تمتص منها نورها لتبث شهدا صافيا
لا فارضاً أو بكرَ بل فكراً عوان.
أنا أرى في حلكةِ الظلماتِ أشياء
كأنَّ الضوء عني كان يحجبها
أراني دونما ظلٍ أنوءُ بحمله
وبلا مرايا كنت أخدعها،
أرى المطبوعَ لا المصنوعَ فيَّ
أرى الشفافيَّ النقيَّ الخامَ، في جنحِ الظلامِ
تجولُ أفكاري ويمخرُ ذهني الفياضُ ذاكرةَ التأمل
في تباريج الزمان، أرى "المعرِّي" يكتفي من صيد خاطره
ولا يحتاج حتى يطفئ الأضواء إلا أن ينام،
أرى "ابن ذبيانَ"، النبوغُ يخون حدس الشاعري به
فيأمن مكر شيطان الكلام،
وفي الظلام تطير نفسي مثل أسراب القطا
وتصير أعذب من ترانيم الكمان.

إحدى القصائد المشاركة في مسابقة ديوان العرب الرابعة للشعر الحر عام 2007


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى