الاثنين ٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم محمد عبد الحفيظ قرنة

وكانتْ نبوءتهُ أن يموتْ

(السوبرمان)
قال الأعمى
"الريحُ تحطُّ على وجهي
والريحُ كما الأصواتِ تنبُّؤني المعنى .. فانتبهوا لي
سيعودُ لكمْ
مسلولاً من زمن الغوغاء يفتِّشُ عن ظلمٍ أفضلْ !
يتنقَّلُ في حاناتِ الليل المفتوحةِ صوْبَ الغرباءِ ..
ويحملُ حقداً دموياً
لا بيتَ لديهِ يعود لهُ
سيمرُّ على العَتَبَاتِ أمام منازلِكم وسيشعلُها
كي تصحو القريةُ ذاتَ مساءٍ .. تلحظ قاطنها المُهْمَلْ
سيقاتل بسْماتِ الأطفالِ
فإن الضِّحْكَ بِعُرْفِ الشارعِ فِعْلٌ مبتذلٌ جداً
هو مِنْ أرصفةِ القيظ سينمو
من ميْدانٍ في "ديسمبرَ" ضمَّ حطاماً
يتدفأ بالورق الناشفِ للأشجارِ
ويتخيَّلُ بلداً أخرى ..
من قلبِ الظلم يعود لكم كي يظلمكم
وسيرثُ الأرضَ الهمجيونْ "
 
(1)
 
للحائط .. أسْلمَ ما يخشى
كانوا خمساً
برزوا من حيث أرادَ الليلُ
وجمّعهم جسدٌ واهٍ
كالكلب يشمُّ رجالُ الليل الخوفَ
ويلتهمونك حيّْ
بالحائط .. والحائطُ أعزلْ
يلتمس النُّصْرَةَ ذات عشيّْ
هو مِنْ مظهرهِ
يعرف عن أيّ الأشياء يفتش فيه الهمجيونَ
ولا يعرف كيف على الدرب يغافلهم
يتحوّل أسمنتاً مصبوباً في خَرَسَانةِ شهوتهم
تندلع النارُ إذا ما فرغوا منهُ وتركوه وحيداً
لا شئَ هناك يواسيهِ
غير الإسفلتِ على الطرقاتِ/ الحائطِ يحتجّ وئيداً/ رائحةِ الشهوة في العنّينْ !
للحائطِ .. أقسمَ أن يثأرَ مِنْ كل الناس ليوْم الدينْ
 
رَجَفَ الأعمى
أو غابَ عن الوعي قليلاً
وتفرّق عنهُ المستمعونْ
حتى ارتدَّ الصوتُ الزاعقُ
"سيروا نحوي ..
أشهدكم في العتمةِ تنمونَ
وتقتسمون غنائمكم
ضُمُّوا قوتكم واتَّحدوا
وانْطَلِقوا تَجِدوا ما تبغونْ
دكوا غلظتهم
قسوتهم
سيَّارتهم
دكوا أبنيةَ المنعزلينْ
واجتمعوا في وَسَطِ الميْدانِ
اقتلعوا قاعدة التمثال لأي زعيمٍ وطنيٍّ
أو أي أديبٍ قوميٍّ
ما جدواهم والبلدةُ تنجبُ شحَّاذينْ
سيروا نحوي ..
إني أعرفكم
مولاكم
سيدُ نعمةِ آهاتِ الناس
وفرعونُ الوجعِ المجنونْ"
 
(2)
 
كانتْ تكرههم بالفطرةِ
أحزانُ الأعوام العشرين تؤسِّسُ منطقها الصادمَ في الرفْضِ
فتكرههم أكثرَ
لم تألفْهم بيْن العرباتِ
على ألواح "الفاتْريناتِ"
ولم ترتحْ لأناقتهم
هم همجيونَ كأي لقيطٍ في الشارع
لكن في الملبس يختبئونَ
وفي أنماطٍ صادمةٍ يبْنونَ الظلمَ على القانونْ
هم همجيونَ " فذوقوا البربرَ يا قومي " !
قالتْها .. وانطلقتْ تجري بين العرباتِ
الشارعُ متسعٌ جداً بمدينةِ نَصْرَ
ولا أحدٌ تستوقفهُ بنتٌ سمراءُ تريد نهاية قصتها
والسيارة إذ دهستْها
أخذت تضحكُ
تضحكُ
وتقول لسائقها "ستموت معي "!!
..
النُّصُبُ التذكاريُّ الباردُ شاهدَ بنتاً تتكسَّرُ
فتكسَّرَ
غطَّاها بالطوبِ وقال لها "طوبى للقوم للمنكسرينْ" !
 
كان الأعمى حياً بالأمس قبيْل بدايةِ ثورتهم
آخر ما قالْ
" الحلُّ هو الجنسُ الأقوى
فاغتالوا الضعْفَ على الطرقاتِ
لكي لا يغتالَ بنيكم
هم ينتشرون كما السرطان على الأوطانِ
ويبتكرون مزابلهم
هم في همجيتهم حتماً لن يأتوني
قد جاءوا من ظُلْمَةِ حلمي
وانْطَلَقوا في الحلم بدوني
لا شئَ يُهِمُّ الآن سوى تصويب الحكمةِ
تعديل المعلومةِ
تفصيل القوٍل الأفْصَلْ
الحقدُ سيولد في الأطفال ويومياً ينمو معهم
فاقتلعوهم
وارموهم في البلد الأقصى
فالحلُّ هو الجنسُ الأقوى
والشفقةُ تفجيرٌ .. إذلالْ "
 
(3)
 
في عينيها شئٌ يهتمْ
ارتفعَ الدمْ
يَرْقبُ سترتهُ
هيئتهُ
يتهيأ حتى يتكلمْ
يخطو قدماً
ترتجفُ البنتُ
وتسرعُ
تعطيهِ نقوداً
ينكسر الكونُ كلوْحِ زجاجٍ يتشظّاهُ ويتألمْ
سيكون الآن عليه مواجهة الذكرى
تعريف النفس التوّاقةِ معنى الأيام وقسوتها
فالقرشُ أهمْ !
 
قُتِلَ الأعمى
دهستْهُ جموعُ الهمجيينَ
وكانَ بطيئاً في الحركةِ
فهوى
واغتالتْهُ الأقدامْ
صَدَفَ الأعمى
ثورتُهم ليستْ أسلوباً أو نهجاً
بل ثورة أغنامْ
كذبَ الأعمى
لم يرثِ الأرضَ الهمجيونَ
فإنّ الشرطةَ جاهزةٌ
كي تقتلهم
أو تقتلنا
والشعبُ جبانْ
صدقَ الأعمى
المستقبلُ للسوبرْ مانْ
لا فيهِ مكانٌ للأعمى !
(السوبرمان)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى