الاثنين ٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم عبد الرحمن عبد العزيز أقرع

تمتمات روحٍ حلمت بحدثٍ مبهر منذ عقودٍ طوال

ما من شيء كفيل بأن يعطي إشارة البدء لميلاد الإندهاش ..فمسرح الحدث خالٍ إلا من نظارة أدمنوا اجترار الحدث الممل الثقيل ..لا لشيء إلا أنهم أدمنوا غاز الضحك الذي يبثه الخبثاء في أرجاء المسارح فيخلق حالة من الإنتشاء والضحك الزائف غير ذي العلاقة بالحدث...
المسرح خالٍ ..كذلك الأرواح جوفاء...

انصهر الأحرار بالشمس لأن طبيعتهم النورانية من طبيعتها فاحترقوا إذ لا يطيق الشعاع أن يتلطخ بالطين الأرضي فمضوا شذراتٍ تمخر الأعالي لا ترى إلا بعيني طامحٍ للشمس تواقٍ للعلى مكتحل العينين بالضياء...

تبدو الأعالي خالية ،فيما هي مكتنزة بالضياء..والمسرح على الأرض مكتظ بالنظارة فيما هو خالٍ من الأرواح المحركة والمتحركة ، ولا يجوس بين صفوف المقاعد سوى حاملي اسطوانات الغاز المضحك في جهدٍ رتيب لإشاعة القهقهة الشوهاء هنا أو هناك..

السماء تتصدق على الأرض ببعض حباتِ المطر إدراكاً لغربة الأعشاب على الأرض ،فيهبط الغيث نقيا مغتسلا بالضياء لينتحر على قارعة الدروب المدنسة بخطى العابرين ليطيل احتضار الزهر مختنقاً..فهو لا يطيق الغاز المضحك ، ولا يتغذى إلا بالضياء البراق المتوهج: هبة الشمس ، وعطية النجوم..

النظارة يغادرون المسرح تتناثر على شفاههم شظايا ضحكات تتساقط من بين الفكين عند رؤية المطر ، فالمطر يغسل كل زيف ، عند ذاك تكتسي السحنات القميئة بالعبوس من جديد..عبوساً يثير حفيظة الرعد فيزمجر، لتوجس قلوب النظارة خوفاً فيفرون متفرقين كل إلى سيارته الفارهة، ليديرون المحركات فرارا من المطر المعري لزيف الضحكات المتشظية إلى منازل مسكونةٍ بالفراغ والملل والرتابة...
ويظل المسرح فارغاً تتسلل من بابه الخلفي فلول من قبعوا وراء الكواليس يتبعهم حاملوا اسطوانات الغاز المضحك فارغةً وقد انتهت المسرحية..
ومن الظلام تتسلل إلى ردهة المسرح الفارغ شذرات ضوءٍ نجمي باهت ، فتبتسم الجدران للمرة الأولى ابتسامة أصيلة


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى