الجمعة ١٥ شباط (فبراير) ٢٠٠٨
بقلم حسام محمد شكري شاهين

رحلة سؤال

لماذا تجيءُ القصيدة بعد فوات الأوانْ؟
لماذا تضيع بحضرةِ آلهةِ الحسن ِ
كلّ خطوط البيانْ؟
لماذا تصير الحروف رذاذاً
تناثر فوق حقولٍ من الخيزرانْ؟
وأنت أمامي..
جلستُ كأنّي وصلتُ لآخر حدِّ الزمانْ
تبعثرَ نطقي وأنتِ أمامي هنا تجلسينْ
فأنت القواميسُ..
أنت الدواوينُ..
أنت الزمردُ والياسمينْ
وأنت بقربي هنا تهمسينْ
فأهديكِ سيفاً ترصّع بالفلْ
أهديكِ صقراً هواهُ التنقّلُ
بين الكواكبِ والأمنياتْ
أحبكِ حباً بهيَّ الجبينْ
أحبكِ حباً تخمّر في جرة المعجزات دهوراً
وأنت هنا تجلسينْ
بقربكِ أبقى طَوال السّنين أفكّر فيكِ
أسميكِ حبي..
لهيبكِ حبي..
وعيناكِ قلبي..
وعطركِ عطفٌ على المبصرينْ
فلا تتركيني غريقاً
يفتّشُ في ظلمةِ الماء عن منقذينْ
 
****
وأنتِ أمامي هنا تجلسينْ
تصبّينَ شمساً بكأسِ الشرابْ
وترتشفينَ دموعي بكأس الشرابْ
وأنت جوابٌ..
ومازلتُ أبحثُ في دفتر العشق عن أحجياتٍ
تساعدني كي أفسّرَ هذا الجواب.ْ
وتسألني بعد صمتٍ قصيرْ:
( لماذا السكوتُ وأذني لعزف كلامكَ عطشى؟)
ألمْ تعرفي أن أحلى هدوءٍ
هدوء النجوم إذا اللّيل يغشى بريق القصورْ؟
وأحلى قنوتٍ
قنوت المحبين لمّا يلمّون من فوق وجه الحبيبة لحناً
يلخّص عشق العصورْ..
ويعزفُ عند القلوبِ الرتيبةْ..
ويطربُ كِبْرَ الغرورَ؟؟
وعدتُ أفكّرْ..
وقلتُ كلامي..
وأنتِ أمامي ولا تسمعينْ
تريدينَ ديوانَ شعر ٍ وألفاً
إذا قلتِ حرفاً
ألا تشبعين ؟
أحوك الحكايا..
وأغزوالدنى..
ثمّ أبني الهوى فوق كأس الشرابْ
وبين سماء هوانا وأرض البقية ردمٌ
وأصواتهم يعتريها الضبابْ.
 
****
وسرنا معا..
أنتِ قربي جمالٌ تخلّقَ في نبع غارْ
وكنتُ بقربكِ والحبّ آلمني
ما دريتُ بأنّ الهوى
كان منّي عليكِ يغارْ.
بقربكِ لا الشّمس شمسٌ
ولا الأرض أرضٌ
ولا ذكريات الزهور ِاستكانت
ولا زغردات العصافير تغف
ولا عنفوان البحار يثورْ.
وجودكِ قربي أتاح طريقاً لردّات فعلي
فحولكِ عشقي يحومُ
كما النّوْرُ حول نجوم الصّباح يدورْ.
تقولينَ: (وقتُ اللقاءِ يمرُّ سريعاً..)
وقلبي يهدّدني بالخروج إليكِ
يهدّد مع كلّ حرفٍ يقالْ
وقدْ حرتُ ما بين عقلي وقلبي
وفكريَ قدْ نال ما لا يُنالْ.
مشينا..
وضوءُ الشوارع غنّى نشيدا
وما عدتُ أعرفُ كيف أميّز صوتَكِ
من زقزقات المشاعرْ.
وصارتْ عيوني تزفّكِ عيدا..
ودمعي يكابرْ.
 
****
ودون نذير ٍ وقفتِ
ودون انتباهٍ وقفتُ
ومثل العبيدْ
سرحتِ بعينيكِ، في كل لحظةْ
يحاولُ خطفي جمالٌ جديدْ
وقلتِ: (كأنّي بقركَ أنسى حياتي..
وعتمَ اللّيالي..
وأنسى الزّمنْ.)
وقفتُ وصمتي يشلُّ لساني..
وكوني تطايرَ حولي..
كإعصار رمل ٍ بصدر المحيط اندفنْ.
نسيتُ بقربكِ أني الحبيبُ
وأنكِ أنتِ الحبيبةْ
وصرتُ أكلّم نفسي
أمامكِ صارت صفاتي غريبةْ
أمامكِ ما عدتُ أذكر شيئاً
سوى أنّنا هاهنا واقفانْ
هنا..
لم أعدْ أعرفُ اسم الجدار ِ..
وشكل الدروبِ..
ووصف المكانْ..
وما عدتُ أرغب بعد تذوق شهد اللآلئ
أنْ أتشرّد بين الجنانْ.
 
****
أفقتُ بكلّ هدوءٍ..
لقدْ كان حلماً
وصعبٌ نفرّق بين الحقيقة والحلم لما نفيقْ.
تخيّلتُ كلّ الذي قدْ سردتُ
ولون الكلام وعطر الطريقْ.
وأحسستُ أنّ بصدري صخوراً
تطاردُ همّاً تفتّح مثل بنفسجةٍ من ظلامْ.
ولكنّني حين أبصرتُ وجهكِ قربي
ملاكاً توضّأ بالنّور ِِ
حلّقتُ بين الغمامْ.
تأمّلتُ وجهكِ يغفوكطفل ٍ
هنالكَ سالَ على شفتيّ بديع الكلامْ.
ورحتُ أُسائِل قلبي:
لماذا يجيءُ الكلام المزركش بعد فواتِ الأوانْ؟
لماذا يضيعُ إذا ما حضرتِ إليَّ اللّسانْ؟
لماذا تصيرُ الحروف فراشاً
تناثر وسْط حقول ٍ من الأقحوانْ؟؟

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى