الثلاثاء ٤ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم هادي الربيعي

مدا ئـِـح ُ الغـراب

حينَ هبط َ أبي
مطروداً
من أعالــي الفردوس
كنت ُ أنــا
نطُفــةً في الغيـم
وكنتَ أنتَ
حارس ُ الخراب ِ الوحيد
أنتَ علّمتَ أخي
كيفَ يدفن ُ الموتـى
ويفتحُ الطريــق َ
إلى المقابــر
أنتَ رفيقُ أبي
في الخليقــة ِ الأولى
ورفيقُ أخي
في رِحلة ِ الخطيئـة
كنت ُ أقتربُ
من لحظــة ِ ظهوري
وكنتَ ترافقنــي
في رِحلة ِ الغياب
من عصر ٍ إلى عصر
وحينَ أشرقَ الضوءُ
في عيــوني
رأيتـُـكَ
من خلال ِ النافذة ِ
الوحيدة ِ
في البيــت
تحّــوم ُ طويلاً
وكأنّ َ ســرّ َ ولادتي
كانَ بين يديكَ
لقد رافقتنــي
عبرَ جميع ِ العصور
وها أنتَ تقفُ أمامي
فوق َ مرتفعات الخراب
وتتأملني
وأنا أنثر ُ آخرَ الأوراق
لقد أدمنت ُ وجهكَ
يا صديقي
وحين َ تغيب
أراك َ دائمَ التحليق ِ
في سماوات ِ روحي
وجناحاك َ الأسودان ِ
يخفقان ِ دائــماً
فوقَ قلبي
أنتَ الظِّــلُ الذي
يرافقُ خطواتي
وعلى جناحِكَ
تلمع ُ دائمــاً
بُــقَــعٌ من دماءِ
أصدقائي
أصدقائي الذينَ طويتَهُم
في بئر ِ الحفرةِ الاولى
الحفرة ِ التي شَهِدت
ميلادَ الخطيئة ِ الاولى
الخطيئة ِ التي فتحت
الطــريــقَ
أمــامَ رغباتِ الشيطان
الرغبات ِ التي جعلتنا
زوراقَ صغيرة ً
فوقَ أمواج ِ الحياة ِ
الصاخبــة
وها أنتَ كعادَتِكَ
تجلسُ فوقَ أسوار ِ
بيتــي
لتتأمــلَ الشبحَ الذي
يتحركُ داخلَ البيت
الشبح ِ الذي يناديكَ
من بعيــــــد
تعـــالَ
أيها الغــراب
تعـــالَ
يا أخــي
فما من أحــدٍ
أقربُ منكَ
إلى
قلبي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى