الخميس ٢٠ آذار (مارس) ٢٠٠٨
بقلم زياد يوسف صيدم

المسكين والمغفل

صعد سلم الطائرة وأجلسته المضيفة على أحد مقاعد الدرجة الأولى التى اضطر لها لعدم وجود أماكن أخرى شاغرة كان المقعد لإحدى الشخصيات الغنية وقد حجزه أحدهم وبقى اسمه لآخر لحظة كالمعتاد فلم يتمكن من الوصول نتيجة لطارئ أصابه... وفي الطرف الثاني من المطار بقى اسمه عالقا في كمبيوتر القادمين فقد سقط سهوا على موظفة الشركة استبداله في اللحظات الأخيرة.

هبطت الطائرة وكان في استقباله وفد رفيع المستوى في عالم التجارة والمال والشركات...لم يفهم ما يقولون أحضروا له مترجمة جميلة ومهذبة وعربة فخمة من نوع جاغوار كانت بالانتظار لتقله إلى أفخم المطاعم داخل فندق راق تم حجز جناح كامل له.

لم يدر ولم يستوعب ما جرى ويجرى تماما كما هم أيضا!! فقد اعتقد بأنهم في البلاد الناطقة بغير العربية أكثر احتراما وتقديرا للفقراء والبسطاء من أمثاله...فانفرجت أساريره وقال تحيا بلاد الضباب...!! سأل أين يمكنني تعلم لغتكم عرفانا منى لكم وحتى أتبحر في حسن الضيافة وهذا الكرم الفائض بلا تفسير عندنا نحن الغلابة والمساكين..ردت عليه المترجمة باستهجان من طريقة كلامه وامتعاض على وجهها المزيف بطبقات من الماكياج لم تستطع دبلوماسيتها إخفاءه قائلة لا أعلم عن أي شيء تتحدث ولكن أتريد تعلم اللغة فورا؟؟ وهل تريد لي أن أموت من الجوع هنا أو انتهى على الرصيف بائعة هوى يا سيدي!!

استيقظ صباحا على صوتها الصاخب حاد النبرات وبصحبتها رجلا شرطة...أنت موقوف بتهمة انتحال شخصية مهمة، يحق لك استدعاء محاميك الخاص!أو ستقوم المحكمة باستدعائه لك هكذا ترجمت ما قاله الشرطي باستحقار وشماتة!!.

***

مر عليه أكثر من شهرين وهو يعيش نشوة حب ماس نجرى على الطريقة الحديثة لاسيما ونحن في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين..دخل عليه صديقه بعد منتصف الليل كالعادة وبدأ في تحويل كلمات وجمل في العشق والهيام ترسلها له إحدى هاويات التسلية وقضاء أوقات الفراغ الليلية فيضحكان معا ويستمتعان كلاهما...

وفجأة انتبه إلى تلك الجمل المرسلة من صديقه فأصابه اصفرار في الكبد!! ظهر على تقاسيم وجهه وللتأكد أرسل لها عبارة جديدة من كلماته الساحرة مع رمز جديد كان قد أعده خصيصا لها وانتقل إلى صفحة صديقه فوجد عبارته هي نفسها وبالرمز المرسل إليها أيضا محولة كما هي إليه من صديقه مقهقها....انتظر الصديق أن يرد عليه مقهقها كما يفعل دوما دون فائدة...

مضت عدة دقائق على ذهوله ولما استعاد توازنه قام بحذفها فورا من قائمة الأصدقاء وانتقل إلى صديقه مرسلا له رمزا لطفل يبكى! وإشارة لقهقهات طويلة هستيرية.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى