الأحد ٢٠ نيسان (أبريل) ٢٠٠٨
بقلم محمد أبو الكرام

حكاية الأنهار

دق الجرس معلنا عن نهاية الوقت المخصص للاستراحة واستئناف الحصة التالية. دخلت إلى حجرة الدرس، أخذت مكاني المعهود، اتساءل مع نفسي ما هو درس اليوم المقترح يا ترى؟ أنا أخاف أسئلة أستاذ الجغرافيا المباغتة والصعبة. دخل التلاميذ وأصواتهم المختلفة ملأت أجواء الحجرة. دخل المعلم مسرعا، عم الهدوء والسكينة كأن القاعة يملؤها الهواء فقط، اتجه نحو مكتبه...فتح محفظته ثم اخرج منها ملفا يضم تحاضير الدروس المقترحة لهذه السنة. اختار واحدة منهم ثم اتجه نحو السبورة،أدار وجهه نحو الصفوف بعد أن كتب عنوان الدرس"الأنهار"
قال المعلم:درس اليوم يتحدث عن مادة حيوية.

قلت في خاطري:هذا المعلم يبدأ الدرس كعادته بأسئلة صعبة ، وأنا أخاف مباغتثه المعتادة.
طرح المعلم سؤاله قائلا:ما هو أصل أنهار الأرض؟

سالت نفسي ماذا تفعل الأنهار؟

في ذلك اليوم كان الجو ممطرا...تتساقط الأمطار بغزارة، كنت قريبا من النافذة أتأمل جمال السماء والغيوم تمطر بسخاء على الأرض.سقطت علي قطرة من الماء أحسست ببرودة شديدة.لم أبالي أدرت وجهي نحو المعلم.تحسست شيئا على أذني فإذا بها قطرة تحاول تجنب السقوط إلى الأسفل فتتلاشى، نظرت نحوها ثم سألتها: من أين أتيت؟

ردت علي:من السماء.

قلت لها:اسبق لك أن عشت في الأنهار أتعرفين ماذا تفعل الأنهار؟

  نعم.
  كيف ذلك وأنت قادمة من السماء؟!.
  لقد عشت في الأنهار قبل أن اصعد إلى السماء.

استغربت من كلامها فطلبت منها أن تفسر لي ذلك؟

  ردت علي قائلة: إن الأنهار تحمل الماء العذب وتنقله من مكان إلى مكان فترتوي الأرض منه ويشرب الإنسان والحيوان وتنبت النباتات وتحيا كل الكائنات

.قال تعالى: "و جعلنا من الماء كل شيء حي"

عجبت من كلامها الدقيق فسألتها عن سر تجمع الماء في الأنهار،فردت علي قائلة:فالهواء يحتوي مياه تأخذ شكل بخار تسمى الرطوبة.

اسمع كثيرا هذا المصطلح ولكنني لم أفهمه فطلبت منها أن تشرح لي من أين تـأتي هذه الرطوبة، فأجابتني على التو: تأتي من تبخر مياه المحيطات والبحيرات وكذا النباتات. ويرتفع بخار الماء في الهواء وتكون درجة الرطوبة حسب والمكان ودرجة الحرارة. وأخبرتني أن نهاية هذه العملية تؤدي إلى تكون السحب. حيرني الأمر فسألتها كيف ذلك؟ فأمرتني أن أخرج إلى الساحة وأتقصى الأمر من السحابة نفسها. شدني فضولي إلى معرفة السر وجمع معلومة كاملة عن الدرس، لم أجد الفرصة لأخرج فالمعلم منهك في شرح الدرس،فخطرت لي فكرة...رفعت إصبعي نحو المعلم طالبا منه الخروج إلى المرحاض فأشار إلي برأسه مؤذنا لي بالخروج. هرولت مسرعا ابحث عن السحابة فسألتها بلهفة شديدة: ما هو السر في وجودك أيتها السحابة؟

أجابتني قائلة: درجة حرارة الجو لها علاقة بالأمر فكلما ارتفعت حمل الهواء كمية كبيرة من بخار الماء وازدادت رطوبته.قاطعتها قائلا:و عندما يبرد الجو ماذا يحدث؟ أجابتني:يتكاثف بخار الماء ويتحول إلى قطرات أو بلورات ثلجية، وهذا سبب تكوننا نحن السحب.

لكن بقي أمر الأمطار يحيرني فسألتها عن سبب تساقط الأمطار. ردت علي بسهولة: عندما تصبح قطرات الماء المتكاثفة أو البلورات الثلجية أثقل لا يقدر الهواء على حملها، نسقطها منا على شكل أمطار أو ثلوج، حسب درجة حرارة الجو الذي توجد فيه.

حدث نفس قائلا: لقد فهمت هكذا تتكون الأنهار، تمتلئ العيون، أو تتراكم الثلوج على قمم الجبال وتذوب مع حرارة الشمس فتتحول إلى مياه تجري في الأنهار.شكرتها ثم أسرعت إلى القسم. دخلت ...أخذت مكاني...رفع المعلم رأسه نحو الصفوف ثم قال لنا جواب درس اليوم أتموه في البيت وأحضروه سأحتسبه امتحان المراقبة المستمرة.

همست في نفسي مبتسما: الجواب عندي يا معلمي، فأصل الأنهار هو المياه التي يحملها الهواء


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى