الأحد ١٥ حزيران (يونيو) ٢٠٠٨
بقلم علي دهيني

ورغم ذلك.. أُحِبُّني..!؟

سَارعتُ إلى حقيبة أحلامي، تذكرتُ أني يوماً لفَفْتُ حلماً في ورقة كانت في جيبي، كان الحُلم يحمل وردةً جميلة، نبتت وحدها في حقل فسيح، ليس سوى ألوانها تتلألأ تحت قبة تلك السماء ، وليس في ألجو سوى عبيرها يضوّح المكان بأريج ساحر وعبقٍ يأخذ القلوب إليه مرهفة، والعقول صاغرة، تندرج في مخيلتها الصور الجميلة، وتحوطها الأماني العذبة متدثّرة بخيوط تلك الشمس التي تضيء الفضاء تملأه دفئاً، كحضن امرأة غَمَرَ قلبها الحبّ وأشْغِفت روحها عشقاً عذرياً تجلبب الطّهر وتمنطق العفاف. أو كضحكة طفل يطلق ثُغاءه، فيبعث في القلوب بهجة وحبوراً وسعادة مجهولة المصدر سوى أنك تبادله ضحكته بفرح لا يوصف وسعادة لا تقاس، فتمدّ أصابع سبّابتيك لتلتقطها معانقة كل أصابعه الغضّة الطرية، ضاحكاً، يدبّ خطواته الأولى ليسرق مسافة الزمن بينك وبينه، لينطلق في الفضاء ويعبر المسافة من الأرض إلى السماء عبر راحتيك، يقطف منها آمالاً بغدٍ جديد، ويهوي إليك يزرعها على فمك ابتسامة رضى واطمئنان، فتنطلق معه في ذلك الفضاء الفسيح تطيران كعصفورين، تقرأ له صفحات مستقبله المشرق، ووعد الغد المليء بالأماني الجميلة، تدوران وتدوران والوردة منغرسة أمام الأعين كنقطة انطلاق وكأنها المَحَجّة لكما، تحافظان على المسافة بين الابتعاد عنها وبين التقاط صفحات المستقبل الآتي.

لحظات وتنتشر في أرجاء المكان الفسيح مئات، آلاف، ملايين الورود تتبارز بروعة جمال ألوانها المختلفة، وثمّة وجه طفل يسكن عبّ كل وردة، وينتشر في الفضاء ضباب من صور الأحلام المنبعثة من عيون هؤلاء الأطفال.

فجأة، اكتست الوجوه الوجوم، والقطوب أمسك بالجباه، وزمّة كوّرت الشفاه. لقد كان في بعض أنحاء المكان ثمة مقاعد مكسوّة بوجوه كالحة وأيدي بمخالب مفترسة ترسل شباكها نحو تلك الأحلام تلتقطها لتمزّق صورها وتنفث في عبيرها من فحيح سمومها، فتقتل عطرها وتيبّس براعمها..

تذكّرت، التفتّ إلى تلك الورقة التي كنت ألف بها حُلُمي وجدت عليها إسمي وشهرتي وتاريخ ميلادي ومسقط رأسي وجنسيتي : عربي منذ أكثر من نكبة..!؟

توضيب نجاة

صالة العرض


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى