الاثنين ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٤
بقلم ميساء قرعان

ماريّا وصبحيه

بعد تفجر القنبلة الفنية الجديدة (ماريّا) التي تفوق مهاراتها مهارة روبي ومثيلاتها فاجأتني طفلتي التي لم تتعد السابعة بفرضية أرادت أن تحافظ بها على احترامها لذاتها وحبها لاسمها لأن اسمها (ماريّا) أيضا ، قالت: هذه المطربة كان اسمها الحقيقي مريم وحولته إلى ماريا لأن هذا الاسم أجمل، وعلى الرغم من أنني أيدت ما ذهب إليه خيال الطفلة كنوع من المواساة إلا أن كل ظهور لماريّا الكبيرة على الشاشة أصبح يؤزم ماريّا الصغيرة ، لأن الصغيرة تعي مستوى الابتذال الذي تبدو فيه الكبيرة ، لكن تغيير القناة الاضطراري من حين إلى آخر ولفت انتباه الأطفال باتجاهات أخرى أصبح من الضرورات وأصبح الحل الاحترازي للكثير من المشكلات التي قد يتسبب فيها الإعلام العربي الفضائي لأطفالنا ومراهقينا

في حقيقة الأمر ظهور ماريّا الكبيرة على الشاشة جعلني أضع خيارات بديلة لتسمية الطفلة بأثر رجعي ، فماذا لو حصنتها مسبقا وأسميتها صبحية أو لطفية أو أي اسم لا يتوقع أن تحمله نجمة من نجمات الفضائيات والمهرجانات ، وعلى ما يبدو فإن دور من يسمين مطربات لا يقتصر على إثارة غرائز البعض واشمئزاز البعض الآخر، بل يتعداه إلى خدمة الترويج للملابس والشوكولاته والشيبس ، ولذا فهن لا شك يفرضن حضورهن لدى شرائح عديدة شئنا أم أبينا،كما أنهن يفرضن نوع وحجم الشهرة التي يحظين بها سواء أثرن اشمئزاز أقلامنا أم لم يثرنها ، فهن في كل بيت وعلى مدار الساعة في استعراض أحادي تطالعك إحداهن فيه بتحدي من سبقنها بساعة لعرض ما لم يعرض وما قد لا يخطر ببال ، تراهن ملتفات كالقطيـع حول نموذج عصري للراعي المتأنق الذي لا يعوزه سوى الصوت

ماريّا والقطعان السائرة والقطعان المنتظرة يثبتن بأن الوصول إلى حل الإشكاليات المتعلقة بالمرأة وقضاياها ومشكلاتها تقع على عاتقها وحدها ،وبأنها المتسبب فيها غير أنها استساغت التذرع بمظلة استخدام الثقافة الذكورية واستغلالها لها

ماريّا إحداهن وهن كثر ليس فقط على شاشات التلفزيون ، فيكفي أن تراقب الحضور والرقص الأنثوي المكثف في حفلات الأعراس والمناسبات لتدرك بأن هذه النماذج أصبحت تنتقل بالعدوى وبفعل التكرار
عفوا أيتها الماريّات المنتظرات وكفاكن تحررا ، فالصورة النمطية التي نناضل من أجل تغييرها أرحم ألف مرة من مستنقعات التسليع التي تلطخن بها صورة الأنثى ، وعذرا للمطابخ التي أفقدتها الفضائيات بعض طباخاتها وعذرا لكل ماريّا طفلة كان من الأجدر بنا لو اخترنا صبحيه اسما لها


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى