الثلاثاء ١٢ آب (أغسطس) ٢٠٠٨
بقلم محمد رشيد ناصر ذوق

مسلسل نور نموذج صادق

بالرغم من الاعتراض على مسلسل نور من قبل العديد من النقاد إلا أن ما رأيت فيه كان نموذجا للعائلة وتماسكها افتقدناه كثيرا في وطننا العربي وآمل أن يكون المسلسل يصور فعلا ما هي عليه العائلة التركية من تماسك.

لقد رأيت في هذه العائلة صورة لعائلتنا، أمي ( أطال الله عمرها ) وأبي ( رحمه الله ) وإخوتي، ووجودنا يوميا في سهرة السمر وتبادل الكلام العذب، أوحول طاولة تجمع الكل، واحترام ربما أصبح نادرا بعد انفتاح العرب على الغرب، وغيرة على مصلحة الأبناء، قلما رأيتها في المسلسلات العربية التي تعالج مشاكل الشباب وكأنها تعالج قصة شباب يعيش في أوربا من جهة، أوتعالج مشاكل شعوب عاشت في القرون الوسطى من جهة أخرى.

لقد صور المسلسل الحب بطرق مختلفة ودقيقة وصور لهفة المحبين التي باتت في مسلسلاتنا العربية ( خيالا بعيدا عن الواقع )- ولا أقصد بالحب بين الأزواج فقط، بل اقصد بالحب بين جميع أفراد العائلة وسكان بيتهم أيضا.

فإذا كان هناك من خوف من قبل البعض على المسلسلات العربية فإن هذا الخوف يتمثل بأن أكثر المسلسلات العربية أصبحت تقليدا للحياة التي عاشها قسم من أجدادنا وربما إنها تصور تاريخا من حياة الشرق ( سوريا لبنان فلسطين ومصر وغيرها ) – أوأنها تصوير لما يظنه الكاتب ما سوف تصبح عليه الحال بعد عقود عندما ينحل المجتمع ويصبح مماثلا لحياة أوروبا.

ولا أعرف ما هوسبب الطلاقات التي سجلت في الوطن العربي، والتي زعم ناقلوها أن سببها مسلسل نور، والحقيقة أن سببها يكمن في سوء التربية لدى الكثير من العائلات العربية محاولين تقليد الغرب بشوائبه مع الاحتفاظ بشوائب الشرق الموروثة، فهذه أم تقلب الأبناء على أبيهم، وهذا أب يقلب الأبناء على أمهم.

هل نسينا كيف أن الآباء يقولون للعريس ( ابنتنا غالية ) وفي مخيلتهم البيت والسيارة والمال الكثير، وقلما نرى من يقصد بذلك أنها غالية على قلوبهم ويريدون منه أن يسعد قلبها بقوله وأعماله، ويجعلها تعيش في حب واحترام وصدق.
فنرى حرية المرأة بشكل فاضح كما نرى كبتها بشكل فاضح، ففي مجتمعنا أصبحت حرية المرأة ( سلعة تباع وتشترى- وتؤسس الجمعيات من أجل ذلك الهدف السامي ) فإما أن تكون حريتها خروجا على المألوف، أوانغلاق على النفس ونبذ للجنس الآخر، ولكن نرى في مسلسل نور التوازن الذي قلما رأيناه في مسلسلاتنا العربية التي تفتقر إلى الواقعية فلا الغيرة صادقة ولا الحب جميل والمسلسلات العربية التي دخلت قلوب الناس وعقولهم – تماثل في مضمونها ما هوعليه مسلسل نور بالتحديد.

ما أعذب أن يكون للنساء زوج يشبه مهند لا في شكله ولكن في تصرفاته وطريقته بالتعبير عن هذا الحب، ما أجمل أن يكون للإنسان زوجة تشبه نور لا في شكلها ولكن في طريقتها الصادقة في التعبير عن أحاسيسها وشعورها وما أعذب أن يكون للمرء جد مثل ( فكري بك ) الغيور على مصلحة العائلة بصدق وشفافية.

ألا يوجد في حياتنا ( العربية ) ألاف مثل ( هبة وابنتها ) وزوج ابنتها أيضا، وإني أظن أن أكثر الطلاقات في مجتمعنا العربي سببها وجود مثل هؤلاء الثلاثة وليس مسلسل نور.

في الختام مسلسل نور هوانفتاح على حضارة تركيا الحديثة التي تجاورنا وتماثلنا في كثير من رموزها، وحبذا لوكان هناك ( ترجمة صوتية ) لمزيد من المسلسلات الجيدة التي تلقي الضوء على الحياة الحديثة لدى الشعوب المجاورة للوطن العربي والتي تشكل جزء من الذهن الحضاري الإنساني الذي نحمله – كاليونان – وفارس – وأرمينيا – وإثيوبيا – وتشاد – وايطاليا واسبانيا غيرها وغيرها ، لأن ذلك سوف يغني السينما والمسلسلات العربية ويجعلها أقرب إلى قلوب الناس.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى