الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم أسامة مصري

نسرين فاعور.. امرأة سعيدة ليست جدا!

ادركتنا العصور على مرها باعراف ومثل حول السنديانة واصالتها، كلما رسخت جذورها في التربة تغذت غصونها شموخا وتشعبت باتجاهات عديدة.
هكذا هي الفنانة نسرين فاعور، اذا سألتها عن اصلها، لا تتنصل من قرية اجدادها المهجرة في الشمال: "جلين"، ولا تنسى مسقط رأسها "ترشيحا" ولا تتجاهل مسكنها الحالي "كابول".. ممثلة شاملة، تحترف الفن بجنونه سواء كان في المسرح التلفزيون او السينما.

ولدت الفنانة نسرين فاعور، عام 1972، في قرية ترشيحا، درست في مدارسها حتى الثانوية، تميزت منذ طفولتها بفنية الروح المرهقة، مما اتيحت لها الفرص لممارسة موهبتها في فعاليات تربوية مدرسية، كما شاركت وهي في السادسة عشر من عمرها، في بعثة طلابية لامريكا عام 1988، سميت حينها PEACE CHILD.

بعد انهائها المرحلة الثانوية، التحقت في معهد "سيمنار هكيبوتس" لدراسة المسرح عام 1991، وشاركت خلال دراستها وبعدها في عدة مسارح محلية، منها: مسرح "الشروق"، مسرح الاطفال، مسرح "الكرمة"، مسرح "الميدان"، وغيرها.
قامت الفنانة نسرين فاعور بادوار عديدة ومتعددة الفحوى، من اهم مسرحياته: "الرايخ الثالث"، "سرحان والسنيورة"، "الوان نونو"، "مظفر النواب"، "الباب العالي" وغيرها.. كما شاركت في مسلسلات وبرامج تلفزيونية منها: "مشوار الجمعة"، "عيلة برنجي"، وغيرها.. واخترقت عالم السينما من بابه الكبير، بدور رئيسي في فيلم "الشهر التاسع".

حصلت الفنانة نسرين فاعور، على جوائز عديدة، منها جائزة افضل تمثيل في مهرجان "مسرحيد" عام 1996، عن دورها في مسرحيدية "سرحان والسنيورة"، تاليف اسامة مصري واخراج رياض مصاروة، كما حصلت على جائزة المسرح الجماهيري عن مسرحية "الوان نونو" عام 2002.

حققت نسرين فاعور نجاحات ملموسة خلال العشر سنوات الماضية، مما جعل لها بصمة فنية خاصة واصبحت محط انظار جميع المخرجين، كما للجمهور المسرحي.. فرغم عمرها الفني الوجيز، إلا انها متمكنة من شتى آليات الاداء المسرحي.. طموحها الفني، حثها على المزيد من المعرفة، فهي بصدد انهاء دراسة الاخراج المسرحي في جامعة حيفا.

نسرين فاعور، تتمتع بكريزما أخّاذة على المسرح، كما انها اذا مثلت جعلت حضارها يصدقونها لشدة اتقانها الدور، واذا تحركت جعلت من دينامية الحركة رقص تعبيري، واذا اتيحت لها مساحة الغناء تجلت بصوتها الرنان.

هي قصيدة نثرية احيانا، وموزونة احيانا اخرى، حرّة، لا تخشى حجم الدور، جريئة في اختياراتها وتتحلى بجاهزية الحوار المثقف، متأهبة دائما للنقد، مهما كان نوعه..
بعد ان قرأنا ما قالته عنها ابتسام انطون، تعالوا معنا لندردش قليلا مع هذه الفنانة..

 اعتقد ان ما قيل عنك ينقص بعض الشيء؟

 صحيح، فانا قبل سنة، شاركت في مهرجان دولي للحكواتية في بريطانيا، بعمل يدعى "اردشير وحياة النفوس"، كما انني اعرض حاليا مسرحيدية "امرأة سعيدة" من انتاج المسرح الوطني الفلسطيني، تأليف داريو فو وفرانكا راما، ترجمة ماجد الخطيب، تصميم واخراج كامل الباشا، اضاءة رمزي الشيخ قاسم، ديكور عماد سمارة، استشارة موسيقية وتدريب صوت ريم تلحمي.

 هل نسيت انك ام ايضاً؟

 مستحيل ان انسى اولادي وسيم وامير، وما تسبب عملي من بعض الخسائر الكبيرة التي جاءت على حساب اولادي وزوجي الحبيب.. تصور انني لم اشاهد ابني عندما طلع له اول سن.. كنت حينها في مهرجان في تونس.. ساقول لك بصراحة: عندما اتوجه لاجراء امتحان قبول لاحد الادوار في السينما او المسرح الذي يتطلب الابتعاد عن البيت، اخاف بأن يقبلوني واضطر للابتعاد.. لذلك انا مقلة في مثل هذه الامتحانات واحاول التدقيق في اختياراتي، خصوصا البعد الجغرافي، حتى اوفق قدر الامكان بين عملي وبيتي.. لكن في بعض الاحيان اضطر لدفع الثمن الباهظ.

 هل انت امرأة ليست سعيدة؟!

 انا امرأة سعيدة، لكن ليست سعيدة جداً، فانا لا استطيع ان اجيد كل شيء في نفس الوقت وعلى اكمل وجه، اضف الى ان طموحاتي لم تتوقف بعد، خاصة بع ان انهي دراستي في الاخراج المسرحي قريباً.

 ماذا تحلمين بعد ان تصبحي مخرجة؟

 افكر في اعداد واخراج عمل مسرحي يعتمد على القصص الشعبية المحلية والعربية والعالمية، على غرار العمل الذي قدمته في بريطانيا ويكون ثنائي اللغة، كما ان العمل مع كامل الباشا، في المسرح الوطني الفلسطيني راقني جداً واتمنى ان اقدم اعمال اخرى هناك، وخاصة الاعمال التي تهتم بقضايا المرأة.. فانا افكر في الاهتمام بقضايا المرأة في اغلب اعمالي القادمة.

 هل تعتبري نفسك فيمنيست؟

 انا ليست فيمينيست، ولا انتمي لأي إطار نسوي، فأنا اعتبر هذه الحركات متعصبة نوعاً ما، لكن قضايا المرأة لا تعالج بشكل صحيح ومستمر في الاعمال الفنية المحلية، لذلك انوي الاهتمام بها بشكل اكبر واعمق وبصورة دائمة.. في زيارتي لتونس، تعرفت اكثر على الانفتاح النسوي، وشاهدت كيف تعامل المرأة ككيان، فهناك تتمتع المرأة بكامل حقوقها، على عكس العالم العربي.. وبتأثير من العمل الاخير ("امرأة سعيدة") اصبح امامي خط واضح: المرأة ستكون الهدف في اعمالي الفنية القادمة.

 اصبح لك اكثر من تجربة في المسرحيديات (مسرحية الممثل الواحد)، فهل ستكررين التجربة مرة اخرى؟

 انا احب العمل الجماعي، لكني اميل للمسرحيديات، ففيها يستطيع الممثل ان يقدم اكثر ما لديه من موهبة فنية دون الاعتماد على البارتنر، وهي اسهل للعرض في ظروف تسويق اعمالنا المسرحية الحالية والبائسة.

 هل ستتجهين للاخراج اكثر من التمثيل بعد تخرجك؟

 الحقيقة انني اصبحت اميل اكثر للاعمال السينمائية في مجال الاخراج، لكن في المسرح افضل ان اكون ممثلة، وما تعليمي إلا لزيادة فرصة العمل وتطوير ادواتي الفنية، واذا كان امامي عمل مسرحي جيد فلن اتوانى عن الخوض به واخراجه كما يجب.

 حدثينا عن تجربتك السينمائية؟

 بصراحة، ان خوضي في دور البطولة في اول فيلم سينمائي ("الشهر التاسع") كان محفز اساسي لتعليمي الاخراج المسرحي بعد ان درست التمثيل المسرحي.. لقد وضعت في تحدي جديد لم اعرفه على خشبات المسارح، وخصوصا من حيث تصوير المشاهد، فأنت بالسينما تصور اليوم مشهد النهاية وفي الغد تصور مشهد من الوسط ثم تعود للبدايا وبعدعها للوسط، وهكذا دون ترتيب درامي واضح، لان التصوير السينمائي يعتمد على ظروف التصوير نفسها، اذا كانت خارجية وفي نفس المكان وهكذا.. ومع المخرج علي نصار، كان باب النقاش مفتوح كثيرا، وعلي يتفهم الممثل ومشاكله جيداً، يستمع اليه ويأخذ برأيه اذا كان على صواب، فهو ليس متزمت، والعمل معه اغناني كثيراً.. خاصة ان الفيلم شارك في العديد من المهرجانات الدولية، وقد رافقت الفيلم في مهرجان لوس انجلس وفي مهرجان قرطاج في تونس.. ففي لوس انجلس كتب احد النقاد عن تمثيلي بأنه تذكر الفناننة صوفيا لورين!

 وماذا عن تجربتك في القدس؟

 كان حلمي منذ زمن ان اعمل في القدس، وعندما عرض علي كامل الباشا، النص، لم اصدق نفسي، فهو نص جميل وجريء وانا اؤمن بشدة بكامل الباشا، ووضعت امام نفسي تحدي، وهو ان اقدم هذا العرض امام جمهور القدس.. تصور ان احد الجمهور قال انه لا يفضل ان تشاهد زوجته وابنته هذا العرض!!

 هل ستعرضين المسرحيدية في منطقة الشمال؟

 انا متشوقة جداً للعرض في الشمال، وقد تم تعيين عرض في الناصرة في 30/11/2004، في المعهد الثقافي، وعرض آخر في حيفا في 11/12/2004، على خشبة مسرح "الميدان"، وما اتمناه في عروضي القادمة ان يحصل ما حصل في القدس، حيث تم مناقشة المسرحيدية بعد العرض، واسمعت كلمات قاسية وايضا تحليلات عميقة وجيدة بمشاركة طاقم المسرحية.

 في النهاية، هل انت راضية عن وضع المسرح والفنون في بلادنا؟

 من ناحيتي فأنا راضية عن ما قدمت، واطمح للمزيد طبعاً، لكن الوضع العام غير مرضي، فالفرص محدودة امام الفنان، وامجال مغلق امام الفنان العربي الفلسطيني داخل اسرائيل، واصبح المعظم في صراع بقاء وسباق نحو لقمة العيش، وهذه الامور تحد من الابداع والتطور الروحاني، فعلى سبيل المثال، في تونس موفر لكل مسرحي عمل بعد انتهاء دراسته، فهناك مسرح في كل مصنع ومؤسسة، وهي مسارح محترفة.. ايضا سمعت ان في المغرب، يعفى الفنان من جميع الضرائب.. فأين نحن من ذلك!!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى