الأربعاء ١ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٤
بقلم ناصر ثابت

إن هذا الشعرَ لي وطنٌ

هاتفٌ في الليلِ كلَّمني
سارياً كالروحِ في بدني
قال: "قمْ للشعرِ إنَّ له
نكهةً في الدمعِ والشجنِ
إنه بحرٌ به غضبٌ
سطوةٌ قد حطمتْ سُفني
إن في أبياته ألماً
وبغيرِ العشق لم يكنِ
إن هذا الشعرَ لي وطنٌ
كم يسيلُ الدمعُ في وطني"

***

هاتفٌ في الليل، قلتُ له:
"إن طيرَ الشعر يسكنني
يلثمُ الأزهارَ مبتسماً
مثلَ عصفورٍ على فننِ
هائماً، حراً، وفكرتُه
حرةٌ في السرِّ والعلنِ
إن هذا الشعرَ لي أملٌ
حينَ أتلوه ويلهمني"

***

غربتي، ليلي، و بوحَ دمي
يا رفاقَ العمرِ والحزَنِ
هل بكتْ أحلامُنا فرحاً
أم بكتْ من وطأة المِحَنِ
أم لأن الظلمَ يجلدنا
بسياطِ العهرِ والعفنِ
كم رأينا سيفَه شرهاً
يقتلُ الأطفالَ في المُدنِ
يطحنُ المستضعفينَ إذا
وقعوا في آلةِ الزمنِ
إن هذا الظلمَ ما برحتْ
كفُّه تأتي، وتأخذني

***

قلِقٌ في غربتي، وهناكَ
يعيشُ القهرُ في وطني
وطني في الحلمِ كنتُ أراهُ
بدفءِ الشمسِ يغسلني
ليتني أغفو على يده
ليته كالطفلِ يحملني
وطني بغدادُ روعتُها
ضحكةٌ من وجهها الحَسَنِ
دمعُها دمعي، وإن حرقوا
وجهَهَا فالنارُ تحرقني
كلُّ عربيدٍ يعيثُ بها
فبكلِّ الحقدِ يضربني
وطني التاريخُ، إن له
بهجةً في الروحِ تسحرني
وطني حيفا وكرملُها
وشعورُ العزِّ في اليمنِ

***

لم يزلْ ليلي وفحمته
ولهيبُ الحزنِ يعرفني
صوتُ أفكارٍ وقد أُسِرَتْ
يسكبُ الآهاتِ في أذني
ورياحٌ أحضرتْ مَعَها
ذكرياتِ العصفِ في المُزنِ
ليتها إن متُّ تصبحُ لي
في رحابِ الغيبِ كالكفنِ
ربما تأتي لنا بغَدٍ
مشرقٍ في آخر الزمنِ
ليتها في عمرنا حُلُمٌ
ليتها طيفٌ من الوَسَنِ

***

هاتفٌ في الليلِ باغتني
فجأةً، والفجرُ لم يحنِ
أيهذا الفجرُ كن لغتي
كن صهيلَ الخيلِ والحُصُنِ
كن عيوني، كن لها سفراً
في دروبٍ بعدُ لم تَرَني
أيهذا الفجرُ، أنت دمي
أنت مثلُ الروحِ في بدني...

8 تشرين ثانِ 2004


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى