الأربعاء ٣ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠٠٨

من ثقب الباب

بقلم: محمد صالح رجب

استيقظ من نومه مبكرا، دخل المطبخ وأعد لنفسه كوبا من الحليب، ثم أخذه إلى شرفة المنزل بالطابق السابع..

كان الفجر قد أسدل خيوطه، والتي تسللت غبر رداء الليل الأسود، ونسمة باردة تلفح وجهه فتشعره بالنشوة والنشاط.. فتح المذياع، وراح يمارس بعض التمرينات الرياضية الصباحية.. موجز النشرة..اجتياح إسرائيلي جديد لقطاع غزة..مقتل وإصابة العشرات في انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب العالمية الثانية..

مجلس الأمن يناقش المجازر في.. توقف عن التمرين وأدار مؤشر الراديو.. انفجارا جديدا يهز وسط بغداد.. كان لا يزال إلى جوار المذياع، أدار المؤشر مرة أخرى، لم تستطع أذناه تحمل موسيقى الديسكو الصاخبة، أقفل المذياع واقترب من شرفة المنزل، نظر إلى الشارع.. كانت الحركة في تصاعد.. الكل يركض.. الناس.العربات.. ارتفع ببصره الشمس تحاول العبور عبر الدخان الكثيف الذي يغلف الأرض فيما يشبه الولادة المتعسرة، أغلق ستار الشرفة، وتراجع إلى الوراء، جلس على مقعده الهزاز في أقصى الشرفة.. أمسك الجريدة وراح يتصفح بعض عناوين الصفحة الأولى.. السيول تتسبب في مقتل العشرات وتشريد الآلاف.. سقوط طائرة ركاب في المحيط الأطلسي، هرب إلى صفحة داخلية..

الثقب في طبقة الأوزون يهدد البشرية، مقتل راقصة مشهورة في ظروف غامضة.. قلب الصفحة سريعا.. أم تقتل ابنها بالاتفاق مع عشيقها.. طوى الجريدة وأطاح بها جانبا.. ارتشف بعضا من الحليب..لقد فقد حرارته.. دفع برأسه إلى الوراء، أغمض عينيه وراح يتأرجح فوق كرسيه الهزاز..

بقلم: محمد صالح رجب

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى