الثلاثاء ١٣ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم عبد الرحيم سويسي

ينفعلون ولا يفعلون

على مدار عشرات السنين تعودنا واقتنعنا أن حكام العرب مسلوبي الإرادة وخدم للأجنبي وبالذات للأمريكي، حتى أنهم أصبحوا في ذاكرة العالم رمزا للمهانة والغباء والنذالة، وليسوا أكثر من طواشي وغلمان أمريكا.

وآمنا أيضا وصدقنا وسلمنا (وللأسف الشدي) أن الجيوش العربية النظامية لا تتشاطر إلا على شعوبها، وان قادتها وجنرالاتها مثل حكامهم لا ينتصرون إلا في معارك وهمية، أو على مواطنيهم العُزل، وفي أحسن أحوالهم ينتصرون في غزواتهم بالفراش وربما وهم متسلحون بالفياغرا.

للأسف صدمتنا هذه الحقيقة المرة والمقرفة، وخلنا الشعوب العربية أفضل حالا من حكامها، وأنها غير راضية عن هذا الوضع المشين والمذل والمهين الذي أوصلهم إليه حكام الغبرة.

إن المرء السوي يستغرب كيف تحتمل الشعوب العربية كل هذا الذل، وكيف تصبر على حكام فرطوا بأنفسهم وبأوطانهم كل هذا التفريط.

لماذا لا تنهض هذه الشعوب من غفوتها، ولا تصحوا من غيبوبة ادخلها فيها هؤلاء الحكام المفرطين؟

لماذا لا ينهضون ولا يصحون؟

لماذا لا يأخذون بزمام المبادرة ولو لمرة واحدة؟

لماذا لا يتحركون لاسترداد الكرامة الشخصية والوطنية؟

لماذا لا يتصرفون كما يجب وكما يأمر الدين الحنيف والخلق القويم؟

لماذا يتخلفون عن واجبهم الأخلاقي والوطني والإنساني؟

لماذا يضيعون كل فرصة سانحة للتأثير ويهدرون كل وقت موات للتغيير؟

لماذا يسمحون بتكريس حالة الخوف والاتكالية والإحباط والشلل وسلب الإرادة؟

لماذا يكتفون برد فعل باهت موسمي وارتجالي؟

لماذا يحصرون ردهم بالكلام والصراخ وكأنهما ضريبة لفظية يطهرون بها أنفسهم ويغسلون بها ضمائرهم؟

لماذا يكتفون برد فعل اقل من الحد الأدنى؟

لماذا يكتفون بان يحزنوا لا أن يغضبوا؟

لماذا يكتفون بأن يتمنوا لا أن يعملوا؟

لماذا يكتفون بأن يلعنوا لا أن يغيروا؟

لماذ ا يكتفون بالدعاء لتغيير هذا الحال ولا يغيرونه ولا يثورون عليه؟

لماذا لا يتحركون لقلب هذه الأوضاع وتغييرها للأحسن؟

لماذا لا يثورون على القيد والذل والعار؟

لماذا لا يثورون على سوء المعيشة وانعدام الأمان وغياب التنمية؟

لماذا لايثورون على محاولات تشويه تاريخهم وسرقة مستقبلهم؟

لماذا يسمحون بإهدار كرامتهم ومس شخصيتهم وامتهان انسايتهم؟

لماذا يصبرون على حكام لا كفاءة عندهم ولا مقدرة، لا كرامة لديهم ولا نخوة؟

حكام فرطوا و يفرطون وسوف يظلوا يفرطون بالأرض والعرض والدين والوطن .

حكام يبذرون الثروة ويسلبون الحقوق ويصادرون الحريات .

حكام يذلون شعوبهم بعد أن أذلوا أنفسهم.

يا شعوب العرب

لماذا لا توقفون هذا النزيف ..نزيف الكرامة والسمعة والوطن والمواطن والثروة والمستقبل.

لماذا لا تحاكون ولا تقلدون الشعبين الفلسطيني اللبناني ؟

ولماذا لا تغارون منهما؟

لماذا لا تنتصرون لهما؟

أليسوا أشقاءا لكم؟؟

لنثبت يا عرب مرة واحدة للعالم ولا نفسنا أننا ما زلنا بشرا، لنا شرف نغار عليه... عندنا أحاسيس ومشاعر وعقل. او -على الأقل - عندنا بعض من عقل، قليل من رجولة، وذرة من كرامة، ولسنا قطعانا من خراف تصطف أمام المسلخ، تنتظر دورها للذبح بسكين الجزار الأمريكي والإسرائيلي.

ولنعطي ولنوجد للعالم سببا واحدا يجعله يحترمنا ويدخلنا في حساباته.

متى نصحوا..

متى يصحو العربي ومتى يفيق ومتى يغضب؟؟؟

ألا تستفزكم صور الدمار والقتل في فلسطين والعراق و لبنان؟

صور مجازر الأطفال والنساء في غزة؟

صور الدمار والأجرام والاستهتار بالانسان العربي والدم العربي والكرامة العربية؟

ألا تثير نخوتكم استغاثات النساء والأطفال والمقعدين؟

ألا يخيفكم المصير الذي ينتظركم إذا استمر صمتكم، وإذا استمرت لامبالاتكم التي تشبه التحشيش وتعاطي الأفيون ؟

ألا تتحسبون من وصول الهجمة الأمريكية/ الإسرائيلية إلى دويلاتكم والى بيوتكم بعد أن وصلت إلى كل بيت في العراق وفلسطين ولبنان؟

ألا تعلمون أنكم على الأجندة الأمريكية، وان ألام مخاض الشرق الوسط الجديد تنتظركم؟

ماذا تنتظرون، وماذا انتم فاعلون؟؟

وماذا تريدون بعد لتصحوا ولتنهضوا ولتهبوا؟؟؟

أين حماسة الشباب؟

أين اندفاع الطلبة؟

أين نخوة المعتصم؟

أين حمية الضباط؟

أين غيرة الجنود؟

أين تضحية الخنساء؟

وقبل هذا وبعده، أين مخافة الله عز وجل؟

كُفوا يا عرب عن هذا الهراء والتخاذل والاستكانة التي تسمونها كذبا وزورا حكمة،

اخلعوا عن أنفسكم هذه المهانة التي تسمونها واقعية ....

تبا للحكمة والواقعية إن كانت ستجلب لصاحبها الذل والخزي والعار والخسارة.

اخجلوا من الله، اخجلوا من أنفسكم، اخجلوا من نسائكم، اخجلوا من أشقائكم الفلسطينيين والعراقيين واللبنانببن، اخجلوا من كل شعوب الأرض، اخجلوا مما سيكتبه عنكم التاريخ ومما سيقوله عنكم أبناؤكم وما يقوله و سيقوله عنكم أعداؤكم.

بعد البوم لا يجوز لأكاذيب وخدع حكام العرب أن تنطلي على ذي عقل، لقد انكشف أمرهم جهارا نهارا، وتبين مدى سقوطهم الموحل، سقوط لا رجعة منه.

لقد تم إسقاط هؤلاء الحكام ماليا وأخلاقيا ونفسيا وسياسيا، سقوطا فقدوا معه وبه كل معاني ومفاهيم الرجولة والشرف والكرامة بل فقدوا أهليتهم وإنسانيتهم و آدميتهم، وأًفرغوا من كل القيم والمعاني السامية.

لقد كانت قمة هذا السقوط لهذا النظام العربي الرسمي المتهرئ، أو بالأحرى قاع هذا السقوط في الوحل والحضيض، عندما قام بتغطية العدوان الإسرائيلي على غزة ومن قبل على لبنان .

لقد أصبح هذا النظام بحاجة لان يغطي سوأته وعهره وعجزه وفضائحه بعد أن سقطت عنه آخر ورقة توت كان يختبئ خلفها، وانكشفت حقيقته وبدا للجميع ذليلا عاريا مخجلا مضحكا مثيرا للقرف والاشمئزاز والرثاء.

اليوم، وبعد هذا السقوط الشنيع، نقول بأعلى صوت كفوا يا عرب عن هذا الهراء الذي تسمونه واقعية وحكمة ووسيط أمريكي وشرعية دولية وبطيخ اصفر، لأنكم إنما تكذبون على أنفسكم، ونستذكر قول الشاعر رحمه الله:

يرى الجُبَناءُ أن العجز عقلٌ
وتلكَ خديعة الطبع اللئيم

وأعلموا يا حكام العرب وأراذلهم ان شعوبكم لن تسكت عليكم بعد اليوم لان السكوت حرام.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى