الأحد ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم مسار رياض

جنائزية أطفال غزة

شموعٌ

بلا رغبةٍ تشتعلْ

وتبدأ قُدَّاسَها في خشوعْ

هدوءٌ مِنَ الموتِ أعمقُ

يرسمُ في جبهةِ القصفِ خطَّ الدموعْ

أناشيدُ صوتٍ خفيفٍ

تُخَفِّفُ وقعَ انفجارٍ هُنا

وانفلاقٍ هُناكْ

وتشطبُ وجهَ الهلاكْ

وتفرشُ فوقَ الرؤوسِ - رؤوس الصغار-

مَظلةَ أَمنٍ جَناحي ملاكْ

شموعٌ تزيدُ اتقاداً

تُدَفئُ في ضوءِها وحشةَ الليلِّ والمدفعيةِ والطائراتْ

فيظهرُ وجهُ يسوعْ2

يوزعُ أرغفةً مِنْ صمودٍ على المتعبينَ

يقولُ :

كذاك ابتلاءُ النبيينَ

وصبرُ الكرامِ على الجاهليةِ والجاهلينَ

يصبون أرواحهم في جحود السنينْ

وتسترقُ الشمسُ منهم ضياءاً

فتُشرِقُ أعمارُهُم بالسطوعْ

سطوعٌ كعينِ اليقينْ

يُذِلُّ اجتياحَ الدروعْ

ويتركُ بصمتَه فوقَ صمتِ البلاطِ المنيعْ

ويكتُبُ فوقَ خرابِ السياسةِ درسَ جهادِ الرضيعْ

وينشُرُ كلَّ النوايا على حبلِ نزفٍ طويلٍ

ويحفظُ كلَّ الشظايا

لماذا تشَظَّتْ

وأينَ تشَظَّتْ

أفي قلبِ طفلٍ

أفي رأسِ شيخٍ

أفي غُصنِ زيتونةٍ كانَ حلماً إلى طائرينِ

أفي كبدِ الأرضِ

أم في ضلوعِ البيوتِ استَقَرَّتْ

يزيدُ أتقادُ الشموعْ

ووجهُ يسوعْ

يلَمُّ ثباتَ الخيامِ

ويختزلُ الدمعُ منهُ الخياما

ترى الذعرَ قدْ طأَطأَ الرأسَ فيها

وراحتْ حكاياتُه دونَ جَدوى

يصيحُ يسوعُ على كلِّ رشاشةٍ فُطِمَتْ مِنْ حرامٍ

وصبَّتْ على الناسِ موتاً حراماً

صغارُ المخيمِ

قد آمنوا بالزمانِ الغمامِ

فصاروا غماما

إذا أجبرتهم خطوبُ الكراسي

ومرُّوا على الزمنِ الذُلِّ

مرُّوا كراما

وإنْ خاطبتْهُم جهاتُ الحكوماتِ قالوا سلاما

سلامُهُم في عيونِهِم أُفُقُ

يلُفُّهُ السِّلمُ كيفَما اتفقوا

ناموا وألعابُهُمْ لهُمْ ظُلَلٌ

منْ فوقِهِمْ والسماءُ تَحتَرِقُ

وليسَ في خاطرِ السياسةِ ما

بخاطرِ الطفلِ وهوَ يختنقُ

بغازِ آرائِهِمْ ولا عَرَفَتْ

صواعِقُ الحربِ مَنْ بِها صُعِقُوا

وقربهُ أُمُّهُ تُودعُهُ

ويمسكُ الدَّمعَ ذلكَ الرمقُ

سنابلُ اللهِ في يدٍ كفرَتْ

وعندها الموتُ مِنجَلٌ نَزِقُ

صوتٌ مِنَ الأنقاضِ يخرجُ دونَ صوتْ

وسُعالُ طائرةٍ تجوبُ على القِطَاعِ3 كما بغيٍّ لم تجدْ رزقاً ( حلالاً) يومَها

والناسُ مِنْ موتٍ لموتْ

صوتٌ شهيدٌ كربلائيُّ السماتِ

يصيحُ بالموتِ الصبيِّ

أما اكتفيتَ بما لهوتْ ؟!

وجهُ المدينةِ غائبٌ في زحمةِ الدمِ والدخانْ

ومراهقاتِ الطائراتْ

صفارةُ الإسعافِ نعيٌ دائمٌ

وصغارُ غزَّةَ

أنبياءُ القومِ في كُفرِ الزمانْ

الصوتُ يعلو نحو بابِ اللهِ

يهتفُ بالأزقةِ والبيوتْ

يا أيها المتوحدونَ بصبرِهِم

والكونُ يسكنُه السكوتْ

ودمائُكُمْ في ثغرِ سكتتِهِ لسانْ

الشهرُ شهرُ محرمٍ

والطفُّ4 يبدأُ مِنْ جَديدٍ في القطاعِ

بلا انقطاعْ

صبراً على الدمعِ المُضاعْ

صبراً على الحقدِ المُدَّجَنِ والمقولبِ

واجتياحاتِ الضباعْ

صبراً على جُبنِ الصراعْ

صبراً على ضحكِ العمومةِ والخؤولةِ

والشعاراتِ القناعْ

صبراً على كَذِبِ السفينةِ والشراعْ

صبراً على الزمنِ الصموتْ

صبراً بنو الزيتونِ

في موتٍ غبيٍ ليسَ يقنعُ

أنَّ في الزيتونِ نبضاً لا يموتْ


مشاركة منتدى

  • حوار مع امراة بغدادية
    وَبَاكِيَة بِاللَّيْل أَسْمَع صَوْتَهَا . . . . . يفزعني وَيُدَقّ مِنِّي الْمُسْمِع
    تسائلني عَنْ حَالِ بَغْدَاد مَالِهَا . . . . . تَقَدَّمَ مِنْ جِيرَانَهَا وَهِيَ تَرْجِعُ
    أَفِيهَا عُيُوب أَم بِمَن قَاد رَكِبَهَا . . . . . فَحَال سَنَّاهَا بِالْغُبَار ملَفَّع
    فَقُلْتُ لَهَا عَجَبًا فبغداد نَفْسِهَا . . . . . وَلَكِنْ أَهْلُ الرُّكَب لِلْغَيْر خَضَع
    فبغداد بَغْدَاد ذُرَى الْمَجْد وَصْفُهَا . . . . . فَمَهْمَا ذَوَت تَبْقَى إلَى الْكُلِّ مَرْجِع
    ولكنّْ يَا اختاه دَارِت دَوائِرٌ . . . . . عَلَيْهَا فاضحت للتوابع تَتَبَّع
    بِلَاد إلَى التَّارِيخِ مَهَّد ومرتع . . . . . . . وَأَمْسَى بِهَا ذُلٌّ السِّيَاسَة يرتعُ
    تُكابد ذُلّ الدّهْرِ وَهِي عَزِيزَةٌ . . . . . . وَإِن عَزِيزَ الْقَوْمِ يَبْقَى الْأَرْفَع
    تسائلني عَنْهَا وَعَنْ حَال أَهْلِهَا . . . . . وَعَن نَهَرِهَا فَتَسِيل مِنِّي الْمَدامِع
    أَقُول لَهَا عَنْ دِجْلَة الْخَيْر تَسْأَلِي . . . . . فَقَد جَفَّ مِنْ خَجِل وَمَالِه شَافِعٌ
    يكفكف دَمْعٌ الْحُزْن جَفَّت شواطئه . . . . . وَأَصْبَح للذئبان مَأْوَى ومرتع
    فَيَا أَسَفِي قَالَتْ عَلَى لَيْل دِجْلَة . . . . . وَيَا أَسَفِي عَنْ حَالِ بَغْدَاد مُوجِعٌ
    فَلَا طَاب عَيْش أَنْ تَنَامَ عُيُونُنَا . . . . . . عَلَى الذُّلِّ أَو يُمْسِي لَنَا الذُّلّ مَضْجَع
    فَيَا بَلَدًا يَنْأَى بِهِ الذُّلُّ سَارًّا . . . . . . إلَى مظلمات الدَّرْب مِنْ غَيْرِ مِهْجَعٌ
    فيديك يَا بغدادصعب تَكَبَّل . . . . . . . وَيَد تكبلها وُجُوب تُقْطَع
    فَيَد الْعَزِيز طَلِيقَة كَيْف تاسر . . . . وآسرها نَذِلّ إلَى الْغَدْر مُسْرِع
    وَلَكِن أَيَّد قَد تَعُود كَفِّهَا . . . . . . . عَلَى السَّيْفِ صَعُب أَن تُقَاد وتخضع
    فرضيعنا مُنْذ الصَّبِىّ كَان ورَدَّه . . . . . . دِمَاء وَمَن ثَدْي الْكَرَامَة يَرْضَع
    فَمَهْمَا اسْتَطَال الدَّهْر لاَبُدّ لَيْلَة . . . . . . يَعُود هِلَال الْمَجْد فِيهَا يَسْطَع
    وَتَعُود دجلتنا وَنُورِد خَيْلَنَا . . . . . زُلَال وبيرقنا عَلَى النَّجْمِ يُرْفَع
    وَيَرْجِع لَيْل شَهْرَزاد تقصه . . . . . . لاحفادنا وَالْعِزّ فِيه الْمُطْلِع
    وَيَرْجِع لَيْل الْعِشْق عِنْد شَوَاطِىء . . . . . . نوارسه مِنْ أَهْلِهِ لَا تَفْزَعْ
    وَتَعُود أُغْنِيَّة الْعِرَاق نشيدنا . . . . . وَبَغْدَاد جَبْهَتِه الَّتِي لاتركع
    ويشيب هَام الدَّهْر وَهِيَ صَبِيَّةٌ . . . . . . تُعِزّ عَلَى مَنْ غاضها وَتَمْنَع
    وَتَبْقَى مَنَازِلِهَا تَعِجّ بمجدها . . . . . وَيَضِجّ حَاضِرَهَا بِمَجْد ممرعُ

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى