الجمعة ١٦ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٩
بقلم حميد طولست

الوصـــــــلة أو الحصـــــلة

قصة من وحي الإنتخابات

من حقنا جميعا أن نحلم. فالحلم مباح، والطموح رائع ومشروع، ولكن كثيرا ما تفاجئنا احلام عنيفة، وطموحات قاسية، نضعف أمامها ولا نستطيع الموازنة بينها وبين واقعنا، فتطير بنا بعيدا بأجنحة لا نستطيع كبحها تجوس عوالم خيال لامحدود، نراه كما نريد أن نراه ونسلم أنه الحقيقة.

إن ما دفعني لهذا الحديث عن الحلم، والأحلام. هو لقاء غير مرتقب لشخص لا تربطني به صلة غير ارتيادنا لمقهي (الهملايا) والذي لم أره مند فترة طويلة جد.

ما أن رآني في ذلك اليوم المشهود، حتى صاح متهللا مترنما على طريقة قتح الله المغاري فاركا يديه بسعاد، وكأنه ظفر بصيد ثمين قائل :(أفاينك ؟.آآآآآ..لحبيب؟ فاينك ...؟؟؟؟؟) ثم حمد الله لأنه وجدني أخيرا ...تبادلنا التحايا والسلام. لكنه أصر على معانقتي واحتضاني ، ضمني ضمة كادت تزهق لها روحي . كان يبدو مسرورا، سعيدا، راضيا عن الدنيا وهي راضية عنه. ألح علي في الجلوس ودعاني إلى شاي (أبا بوشتى) المشهو، ابتسمت شاكرا متسائلا بيني وبين نفسي (الله يخرج الطرح بسلام ؟ هذا شي سلف ؟؟؟؟؟).

أصغيت في دهشة إليه وهو يحدثني عن أحوال البلاد والعباد، يلوك النظريات السياسية، ويعجن المخططات الاقتصادية، ويدرس -بكسر الراء لا بضمها -المشاريع الاجتماعية، ثم انتقل إلى الحديث عن إمكاناته ومؤهلاته، وتقربه من ذوي السلطة والجاه، أصحاب الحال والمُحال، وأن وصوله بات وشيكا لأن (الحاجة راضية) شوافة الدرب، أخبرت أمه أنها رأته في (الكارطة) متأنقا في لباس حريري (متبرمكا) في المقعد الخلفي لسيارة فارهة سوداء، يتحدث في هاتف نقال، متجهما كالمسؤولين الكبار، غير مبال بالمارة والمنتظرين عند محطة " الطوبيس " التي ألف لسنين طوال الانتظار عندها.

ضحك ملء شدقيه وقال منبها إياي لما شعر بعزوفي عن كلامه. أتسمعني؟ أليست هذه علامات الوصول؟؟؟ إنها الوصلة إلى القمة، إنه البرلمان وما أدراك ما البرلمان، (فينيش الزلط). لم أستطع تحمل المزيد... وكم تمنيت ساعتها لو كانت معي وصلة- والوصلة في دارجتنا هي لوح خشبي مسطح كان (الطراح) والطراح في عرفنا ومعرفتنا هو صبي الخباز إنسان محدود الطموحات يعمل في الغالب (بكرش) أي مقابل كسرات الخبز التي يحصل عليها من أصحاب (الوصلات) مقابل نقلها للفران قبل أن تغزو الفرارين البيوت كما غزت الطموحات الكبيرة نفوس (الطراحة) الصغيرة -فأهشم بها رأسه الفارغة، ورأس (الحاجة راضية) التي غدت في نفسه هذا التوق وذاك الطموح الزائد

قصة من وحي الإنتخابات

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى