الجمعة ٦ شباط (فبراير) ٢٠٠٩

لفتة المصير..

بقلم: أحمد ولد إسلم

مثقلا بالأسئلة الكبيرة والسخيفة، تتقاذفني الأوليات، تشط بي الأفكار..تنعكس الصورة المفزعة على زجاج السيارة المغبر،...مشهد يجمد الإحساس..تتسلل الهمسات الخافتة إلى أذني تقطع حبل الشك..تكتسحني قشعريرة جارفة، أقيس سريعا المسافة الفاصلة بين قلبيكما لم تكن تزيد على الشبرين..

كانت ملامحه واضحة..رجل قاسمته الأفكار والأحزان..يشاركني هواية القلق، نمتلك معا موهبة، نكء الجراح، وحفظ أسماء السلاطين عن ظهر قلب..نخطط معا للهجرة إلى اللا نهاية..نكفر كلانا بالوطن..بالقبيلة..ونؤمن بالحلم.

كان قرار الإلتفات صعبا..بل جريمة، ماذا سأقول حين تلتقي أعيننا الست في دائرة الخجل الحمراء..؟

حين تتضاعف جاذبية الأقطاب السالبة في نظراتنا،..تتنافر المشاعر..يضرب كل منا برجله الأرض، عل قدمه تسيخ في موطئها..!

كيف سأقنع الهاجس المختبئ في حنايا الروح أن الصداقة تقتضي تقاسم كل شيئ..؟

وأن الأنانية المفرطة التي ننغمس فيها كل فجر..نعمد فيها أبكار أفكارنا..وكل المفردات التي نجترحها من قواميس ابن حزم، لم تكن غير رسوم عبثية زين بها وجه تستر وراء المساحيق، تخفي ألوانه المتناقضة دمامة ما تلبث تفضحها أول دمعة أو ضحكة، أو حركة مفاجئة..؟

تتكاثف الأشكال العشوائية أمامي، تحجب عني التفاصيل الدقيقة لوضعكما،..والهيئة ما تزال كما هي..وإن خفت الهمس.

أحسست أن الموقف لا يستدعي الإجابة الآنية على كل تلك الأسئلة، وأن لفتة جزئية ستضع حدا لنهاية حلم أو حياة أحد الثلاثة..

سقطت مفاتيح السيارة من يدي، ومن الأخرى سقطت رزمة أوراق كنت أدون فيها خواطر بعيد حديثنا البارحة، وسقط قلبي..وقلمي أيضا سقط.

أهو الحلم..أهي الغيرة..الحب..الحقد..الأنانية..أم تراه الغضب..؟!
لم تسعفني اللحظة بإجابة، فيما اللاشعور ينحني يلملم ما نثرته العاصفة، يتلمس المفاتيح..

ترتعد كل خلية في كياني، تلح إحداها وهي قابعة في تلافيف دماغي على يدي أن تتحرك، وعلى عنقي أن تستدير ربع دورة..وعلى رجلي أن تتخلص من تخدرها المباغت..

لكن الثورة الهوجاء ألغت امتيازات الدماغ، ما عادت له سلطة التحكم والتعقل..
تتشظى الهواجس مخترقة مسامات جلدي، تقف كل شعرة على انفراد، متصلبة في استعراض منتظم للقدرة على التفاعل..وتهطل زخات العرق على الزجاج جارفة الغبار، لتشكل بقعة ساطعة..
أمعن النظر في المشهد، أرجع بصري كرتين..لاشيء
أضغط بعنف على عيني، فتكثر الأشكال العشوائية، وتحمل زوبعة كيسا مطاطيا يغطي البقعة الساطعة..

أستدير بوجل..تسابقني نظراتي إلى موضع اللقاء المشؤوم، تشتعل الأسئلة الحارقة، تلح الإحتمالات، تبعث خلايا التسلط أوامرجديدة..

يتكسر كل ذلك على المدى المشبع بالغبار..يتزاحم المسارعون في المدارات، الباحثون عن عن إجابات مقنعة، لاستفسارات حتمية مساء كل يوم.
ينبجس في خلدي شعورعارم، أفقد السيطرة مجددا على وجودي..أفغر فاهي..تتطاير الأسئلة في الهواء، تدور عيناي مفتوحتان بطاقتهما القصوى، تحملقان في الأفق السحيق..بلا جدوى.

يقودهما الحدس عنوة..تستقران على زقاق يلتهم سواده بقايا ثوب تخلف عن صاحبه شبرين..ويدا تستحثه على اللحاق..

بقلم: أحمد ولد إسلم

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى