السبت ١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٩
بقلم حليمة الجندي

في بلدي العجيب

كما الأمس
والشهر الماضي
نفس العناوين، نفس الصور
تحدق فينا باستفزاز، تواسينا
تغمز بطرف عينها كغانية
تستجدي أنصاف الرجال
في الصفحة الأولى
حروف بلغةٍ متراصة في نظام عسكري
كطوابير التلاميذ في مدرسة حكومية
يقرأون سلام العلم،
في سأم
فهم لا يحفظونه
هولا يشبه موسيقى حومتهم
ولا إيقاعها الشعبي
في الصفحة الأولى أيضا
فواصل تسيل عرقا ودماء
لونها كالذي تخضبت به
ضمادة مريض في مسلسل عربي
وردية أوبنفسجية، حسب التساهيل
وميزانية العمل
في عواميدها
نقط استرسال كثيرة
وعلامات استفهام وتعجب
وأخرى وليدة قيصرية
فرضتها البلاغة وفنون صياغة الألم
فتشكلت نساءً
بأحجام وأشكال مختلفة
سافرات ومن خلف الحجب،
يرتلن في صمتهن النشيد
يناجين به قلوبا عليها الختم العتيد
مسلسلة كما الجن
في القماقم السليمانية
غيبها ثمن الطحين والزيت
وأقساط السكن الاقتصادي
وفائدة قرض أضحية العيد
وقرض الدخول المدرسي
وأحلام جيل بأكمله موقوفة التنفيذ
محكوم عليه
أن يكون قربان الانتقال العتي
في بلدي الغني
في بلدي الحبيب
في الصفحة الأولى
هراوة مطاطية سمينة
وسبحة صغيرة تدلت منها
خيوط زينة متهالكة
كلما هوت الهراوة عليها
تمدد سبيبها وتشابك..
وتخبل حول العصا كشرنقة متماسكة
حتى إذا ما انقضت فترة التعذر،
وبان الثقب الصغير
تناثر منه حب مطاطي
عمد بدمع ساخن مضاد للرصاص
عليه طبعت سبحان الله وبحمده
تبشر بالخلاص
في بلدي القوي
في بلدي الحبيب
وعلى هامش الصفحة الأولى
فتيات من عمري يبتسمن
وهن يحملن كأس حليب مبستر
أوقنينة عطر فاخر..
وأرقاماً لهواتف ضاربات المندل
يعدن بكشف المستقبل والغيب
ومساهمات قراء بنكات قديمة
نعرفها، ومع هذا نضحك إذ نقرأها
فكل النكات باتت مألوفة لدينا
كأن فرماننا أوقف الأمة عن إنتاج الضحك الجديد
 
أم أن ظلنا يا صاحبي قد ثقل
وحس الفكاهة فينا
حمل حوائجه وعزل
يبغي محتضنا جديداً
خالياً من العقد والهموم
ففاقد الشيء يا صاحبي
لا يملك عطاءً لشيء
وفي الغد،
ستستمر العناوين في الاستفزاز والمواساة
والمراودة والبكاء
والدماء الوردية ستكسر أكثر فأكثر رتابة الحروف
العسكرية..
وفي الغد يا صاحبي، ستستمر النساء في الغناء
وسنستمر في التجاهل
وسنضحك من النكت القديمة
وسنسترق النظر إلى الفتيات
على الغلاف
وندون في غفلة من الآخرين رقم العرافة
ونقول هذا كلام فارغ وهرطقة،
كذب المنجم وإن صدق
وسنمضي كل إلى شئنه
ونحن نفكر في ثمن الطحين والزيت
وأقساط السكن الاقتصادي
وفائدة قرض أضحية العيد
وقرض الدخول المدرسي
وأحلام جيل بأكمله موقوفة التنفيذ
محكوم عليه
أن يكون قربان الانتقال العتي
في بلدي الغني..
في بلدي العجيب..

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى