الأحد ٣٠ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٥
بقلم ميساء قرعان

إكراه على الحياة

قالت: استطاعت عائلتي أن تمنعني من الزواج بمن أحب ، لكنهم لم ينجحوا في إقناعي بالزواج بمن يريدون ، وقررت أن أبقى كما يصفونني بعد مرور ما يقرب من سبع سنوات مثل (البيت الوقف )، ليس فقط لرغبتي في رد الإساءة إليهم وإنما لأن رفضهم القاطع لمن أحببت لم يعن لي حينها سوى أنني حكمت بأن أحيا ما تبقى لي من العمر رغما عني

كانوا قد راهنوا على أن تعلقي به لن يطول وبأنني خلال شهور سوف أتخلص من آثار ما تسببوا لي به من عنف ، وبأن روحي المرحة وابتسامتي الدائمة ستعودان لي ، كانوا يتكئون في رهانهم الغبي ذاك على اعتقادهم الخاص بأن للزواج اشتراطات كثيرة والحب ليس أحدها
في أعنف مراحل صراعي معهم وفي أقتم لحظات الشعور بالخوف والحزن والاضطهاد كانت ثمة مساحة لظهور مشاعر أخرى حيالهم ، كنت أحسدهم قسوتهم وحياديتهم تجاه مشاعر الحب وكثيرا ما تمنيت في قرارة نفسي لو كنت مثلهم ، ولطالما تمنيت أن أفقد شعوري تجاه كل الأشياء، ليس الحب وحده أوالخوف من فقدان من أحب ما كان يثقلني فحتى مشاعر الغضب والكراهية والاضطهاد تصبح عبئا في ظروف مشابهه ، في آخر مراحل معركتي وحين لم يعد للنزاعات أي جدوى ، شعرت بأنني جردت حتى من هذه المشاعر ، فلا الحب ولا الكراهية أصبحا يعنيا لي شيئا ، وأي معركة عقيمة تلك التي استنفذت فيها احتياطي إنسانيتي ، سافر من أحببت ، ورفع الراية البيضاء بعدما حول فائض كراهيته نحوي ، في آخر لقاء لنا حين أعلنت له استسلامي ونفاذ كل أسلحتي طلب مني أن نتزوج ونسافر إلى بلد مجاور رغما عنهم وقد راقت لي الفكرة مؤقتا لكنهم مسقطون في داخلي بقيمهم وأعرافهم ومعاييرهم ، كيف لي أن أ! ضرب بهذا الكم من النحن الذي يحيا داخلي عرض الحائط ؟ وإن فعلت في لحظة انجراف ما هي ضماناتي مع رجل لا بد وأن تصحو لديه يوما ما كل هذه المعايير والمحددات الاجتماعية ؟ وماذا يتبقى لي مني لو لمّح لي بعد نفاذ الحب بأنني تمردت على القيم والتي هي في النهايه جزء منه؟ كل تلك الأسئلة كانت تمزقني إجاباتها كما مزقتني دموعه لكنني في نهاية المطاف لا أملك سوى خيار التضحية بنفسي والوفاء للأسرة والعائلة، آلمتني دموعه لكن ما آلمني أكثر هو إدانته لي واتهامي بأن خياري بإنهاء حلمنا بالارتباط بسبب عدم إخلاصي، ثم انتهى إلى إدانة أخرى بأنني لا أحبه ، مشينا كلٌ في طريق كنت أحاول التغلب على دموعي وأحاول أن أتمالك نفسي لأتمكن من مشاهدته للمرة الأخيرة وأحاول أن التقط أنفاسي علّي أستطيع اللحاق به لأوضح له من جديد مدى الضغوطات التي يمارسونها كان لدي رغبة في استعادة تعاطفه معي ومؤازرته لي حتى وإن حكمنا بأن نحيا بعيدين ، لكنه كان مثلهم قاسيا كانت رصاصته الأخيرة (أرجو أن لا تحاولي الاتصال بي لاحقا أو اللجوء إلى أي أحد من أصدقائنا لتتقصي أخباري فأنا لست هنا )ولن أكون…………

تعرفت عليه أثناء دراستي الجامعية كنت في البكالوريوس وكان يكمل دراساته العليا كان لقائي به بمحض الصدفة ، استطعت منذ المرة الأولى لاستماعي إليه في أمسية شعرية أقيمت في الجامعة و جمعت كلينا أن ألمس اختلافه عن الآخرين ، أحسست للحظات بأن النصوص التي نظمها وألقاها كانت لي أنا ، ولم أدرك سبب انجذابي إليه حينها وحيث لم يكن حلولي في عالم الشعر يوما سوى مستمعة جيدة تتذوق ما يروق لها من النصوص بعيدا عن ملكات النقد الموضوعي ،وحيث كنت بارعة في صناعة الحواجز النفسية والواقعية بيني وبين عالم الحب والعلاقات مع الجنس الآخر، لكن شيئا آخر قد حدث ولم أكن قادرة على تفسيره ، كان انجذابي إلى شخصه يساوي أو يفوق انجذابي إلى النص وأسلوبه في الإلقاء ، لكنني كنت على غير عادتي ، اندفعت بعد انتهاء الأمسية لأثني عليه وأعبر له عن إ! عجابي بشعره وسألته عما إذا كان لديه دواوين مطبوعة: وأخبرني بأن ديوانه الأول على وشك الصدور شكرته وغادرت ، لكن ككل حكايات الحب التقيته ثانية بعد شهر من اللقاء الأول وشكرت الصدف وتبادلنا الحديث أمام ساحة المكتبة ، كان ذاك اللقاء في أول تشرين الثاني كان لقاءا سريعا استطعت خلاله أن ألمس اهتمامه بي لكنني تيقنت أكثر من حقيقة انجذابي إليه وعرفت منه بأنه قادم من إحدى قرى فلسطين ويقيم في الأردن لنيل درجة الماجستير في الأدب العربي ،وآثرت أن لا أتحدث عن نفسي كثيرا وغادرنا المكان بعد سقوط أول زخات المطر ……….

ما أجملها من صدفة تلك التي يشهد فيها أول الحب أول زخات المطر ،
ومضى عام على علاقتنا ، كانت أجمل أيام حياتي تلك التي التقيته بها ،لا أتذكر أنني خلالها كنت أشعر بمشاعر كراهية تجاه أي شيء باستثناء عقارب الساعة ، فالوقت بقربه مهدد بفقدان المعايير ، وفي كل مرة كنت أقول له بها إلى لقاء كنت أسأله: لما يمر الوقت سريعا هكذا ؟ وهل يزعج عقارب الزمن لقاؤنا؟ لكن يبدو أنني كنت في حالة من الشفافية والسذاجة تكفي لأن تصور لي أعدائا وهميين وتبعد عن مخيلتي أي احتمال لوجود أي عداء آخر أقل رقة أو أكثر ظلما من عقارب الساعة ، فتلك المشاعر وتلك اللحظات الجميلة كفيلة ليس فقط بقلب الموازين وإنما بتغييب العقل و الواقع .

لم أنس للحظة أن لأسرتي اشتراطات كثيرة للزواج لكن كانت لدي رغبة دائمة بتأجيل التفكير بكل ما من شأنه أن يفسد عليّ حالة الحب تلك ولأنني أجيد إيهام نفسي بتحقيق ما أريد في اللحظة الحاسمة ولذا كان الاتفاق بيني وبينه بأن يسافر إلى فلسطين بعد إكماله ما تبقى لديه من متطلبات دراسية ، وكان ذلك في أواخر أيلول ، ليحضر والدته وشقيقته ويتقدم لخطبتي رسميا ،
وقد حضروا بعد غيابه مدة أسبوع مضت كما لو كانت سنوات، لكنني لم أفاتح أهلي بالموضوع إلا قبل قدومهم بيوم وفي ساعة متأخرة من الليل ، وحيث استعنت بإحدى شقيقاتي المتزوجات لتقوم هي بالتمهيد لوالدي ووالدتي بالنيابة عني ، لست أدري لماذا كانت لدي رغبة في تأجيل طرح الموضوع تساوي مقدار تعلقي به ، لكن وقد حضر وليس لديه شك في وجود معيقات و ليس أمامي سوى الاستعداد للمعركة ، عندما تحدثت مع شقيقتي بدأت بذكر كل ما فيه من مزايا ، شاب خلوق ، على درجة عالية من الثقافة ، مبدع في كتابة الشعر، محبوب من قبل زملائه وأساتذته ، يشق طريقه باتجاه السفر والعمل بالخارج ، لكنها قاطعتني وسألتني بالنيابة عنهم أيضا (من وين؟) سكتت قليلا ولم تخل إجابتي حينها من حالة دفاعية ، ! سألتني بكلمتين وأجبتها بما يشبه المحاضرة ، لم تعلق سوى بابتسامة ساخرة ، فهمت منها أنني بالغت في ردة فعلي وبأن ما قلته لم يكن إجابة على سؤال بل استنفاذ كم هائل من الذخيرة في غير أوانها وقبل بدء المعركة ، تركتني وأنا في حالة من الغليان ووعدت بأنها ستمهد بالطريقة التي ترضيني لكنها كانت كعادتها واضحة إلى حد القسوة قالت : وهي تغلق باب غرفتي ورائها

 سأحاول لكن هذا لن يغير شيئا

حاولت حينها أن أقنع نفسي بأن الأمور ربما تكون بعكس التوقعات ، وربما يتجاوزون ولو لمرة هذه الاشتراطات التي لم تعد بحسب تصوري تعني غيرهم ، فلماذا تؤرقهم جغرافية المنشأ إلى هذا الحد ، ابن الريف أو ابن المدينة، وما يليق من أسماء لتنسجم مع اسم العائلة ، اشتراطات في منتهى السخف والسطحية هل تكون عائقا أمام إتمام حق إنساني ؟ واستطعت بعد صراع عايشته حتى ساعات الصباح الأولى أن أوهم نفسي بالأمل وهربت إلى النوم ، لكنني صحوت مذعورة ، صحوت على نقاش عنيف بين أطراف الأسرة استدعي فيه شقيقي الأكبر وزوجته ، لم أشك في أنهم يتناولون موضوعا آخرا أو مصيبة كما سموها ، لم يكن نقاشهم ليأخذ منحى الموافقة أو عدمها فالأمور محسومة وهنالك شبه إجماع وحتى من كان لديه رأي مختلف فإنه لم يجرؤ على طرحه في سياق تصبح فيه ممارسة الديكتاتورية حاجة ملحة ، لأن مصلحة العائلة واسم العائلة تتطلب ذلك ، كان والدي يتعمد أن يجهر بصوته إما ليستعجل صحو! ي أو ليسمعني في نومي ، وينتهي إلى إصدار قراره النهائي ، قالها بسخرية

 ليس من حقها أن تفكر بهذه الطريقة لكن ربما يكون عذرها في أنها غير مدركة أن الأمر لا يعنيها وحدها

لم تكن أقسى عباراته لكنها حركتني باتجاه الاقتحام ، بدأت حديثي بانفعال لم يعهدوه مني وأفسحوا لي الفرصة لأقول كل ما أريد ، كنت أتحدث كما لو كنت وحدي ، وكانوا في حالة من الصمت والذهول ، وللمرة الثانية أكتشف بأنني استنفذت أكثر مما يجب ، كان صمتهم لصدمتهم بأن علاقتي به لم تكن عابرة وبأن هنالك ما هو أكثر من الإعجاب ، لكنهم لم يقاطعوني رغبة في التثبت، بعدها تحولت أسباب الرفض ، وأصبحت في موضع إدانة، قطع الصمت شقيقي الأكبر

 إذا تربطك به علاقة حب ؟

بعدها أمطروني بأسئلة ( كيف، متى، ولماذا؟) وكأنهم اتخذوا من جريمة الحب بديلا مناسبا للرفض

لكنهم قرروا ومن باب الذوق وأصول التعامل أن يستقبلوا أهل العريس ضيوف مساء ذلك اليوم الكئيب

لم يكن لقاءا ولم تكن أمسية ولم يكونوا خاطبين ، ولم يكن لوجودي مبررا سوى أنني كنت إكسسوارا متمما للعبة ، حاولوا وبذلوا أقصى جهودهم لإجادة الدور ، لكنهم بحسب انطباعاتي فشلوا في تلميع صورتهم أو فشلوا في الحفاظ على الإطار الذي يجب أن يظهر من خلاله (أولاد الأصول) لكنهم نجحوا في تصيد أسباب الرفض المسبق ، فتذرعوا بالمتطلبات المادية حينا وبعدم رغبتهم في سفري بعد الزواج حينا آخر لكنه كان أذكى من حيلهم أو أنهم لم يكونوا أذكياء بالدرجة الكافية ،وانتهى اللقاء بإعلان الرفض ، وغادروا

هاتفته في اليوم التالي وطلبت منه على عجل بأن ينتظر أسبوعا ويعطيني فرصة للمقاومة علي أتوصل إلى نتيجة ، ووافق على مضض لكنني لم أفعل شيئا خلال المهلة التي طلبتها وكأنني أردت فقط أن أمنعه من السفر في لحظة غضب

التقيته آخر الأسبوع ،لم يكن هو ، لم أر في حياتي مثل ذاك الكم من الحزن والغضب والثورة في عيني أحد سواه ، وتبقى لديه شيئا من مشاعر كسيرة للحب ، ولم يدع لي مجالا للتلذذ بالكذب على ذاتي من جديد ، فهو يعي تماما بأنني أتكلم كثيرا ولا أستطيع أن أغير شيئا ، أو هكذا انكشفت له الحقيقة بعد صدامه مع الأسرة ، ليس هذا وحسب فهو أصبح يحملني مسؤولية تعرضه للإهانة من قبل أسرتي ، لست أنسى نبرة صوته عندما سألني بغضب وإدانة
 لماذا لم تصارحيني منذ البداية باشتراطات الزواج لديكم ؟أم أنه لم يكن يعنيك أن أتعرض لأكثر من هذا

 لدينا!أنا لم أعد منهم منذ ذاك المساء ، وليس يجمعني بهم سوى المكان الذي لم أعد قادرة على احتماله ،
 الكلام وحده لا يكفي ، عندما نحب يجب أن نعبر عن مشاعرنا بالفعل ، أتوافقين على الزواج رغما عنهم

 هذا يحتاج إلى تفكير عميق ، ولسنا نضمن النتائج

 هذا يحتاج إلى قرار وفعل عاجلين وغير هذا لن يكون سوى حيلة نبتدعها كي نقنع أنفسنا بأننا لم نستنفذ الأمل بعد،أعرف بأن الفكرة قد راقت لك ، ليس لأنك قادرة فعليا على تنفيذها حتى وإن أعطيتي دهرا للتفكير ، لكن لأنها على الأقل توهمك بأن علاقتنا لم تنته ،
 لم كل هذه القسوة ألا يكفيني ما أعاني معهم

 أن أكون قاسيا يعني أن أتهمك بما ليس فيك ، هل تذهبين معي؟ هل نفعلها غدا أو بعد غد؟ أجيبيني بوضوح

 أحبك وأنت تعرف كم أحبك ، لكنني لا أجرؤ، أخاف على كلينا
كانت عبثا كل محاولاتي تلك لترميم المأساة ، ولم يعطني أي فرصة للأمل أو الوهم ، طلبت منه أن يبتعد قليلا ويعاود طلبه من جديد ، لكنه أبى ، كان خياره الوحيد هو الزواج والسفر إلى الخارج دون علم أهلي وأحسست للحظات بأن رغبته في الانتقام من أهلي تفوق رغبته في الزواج مني أو هكذا تخيلت رغبة مني في تحصين نفسي وكي لا أضعف في لحظة حب

بعد سفره وبعدما أغلق أي نافذة أمل تضخمت هذه الفكرة لدي وساعدتني في مرحلة من المراحل على تناسيه ، كثيرا ما كنت أقنع نفسي بأنه استعجل القطيعة وبأنه لم يكن يحبني بالدرجة التي أحببته فيها وبأنه ربما لو تزوجني كان سينتقم لكرامته بإيذائي ،وبأن الحب كان سيتلاشى بالزواج ، لكن كل هذه المسكنات كانت ولم تزل مؤقته وهشه

سبع سنوات مضت وفي كل عام تستيقظ دموعي مع أولى زخات المطر،سبع سنوات وأنا أخالف تعليماته وأغتنم أي فرصة لتقصي أخباره ، ولم يصلني منه أو عنه شيء ، استطاع أن يحيط نفسه بما يكفي من الحواجز كي لا أعرف عنه شيئا سوى أنه تمكن من الهجرة إلى كندا ، في كل يوم أسأل نفس الأسئلة وأنتهي إلى لا شيء ، ترى هل تزوج؟ هل نسيني؟ وهل كان يحبني؟وكيف استطاع أن يفي بوعده في الغياب ؟ ولماذا لم يزل حاضرا حتى اللحظة ؟

حاولت رغم إخلاصي اللاإرادي له أن أجد بديلا لكنني لم أنجح ، صورته لا تفارقني ، وحتى عندما أشعر بميول تجاه أحدهم أكتشف بأن السبب لا يتعدى وجود تشابه ظاهري معه ، سرعان ما يفقد فعاليته وغالبا بعد أول حديث

أما الزواج وقد وعيت تماما بأنه مطلب عائلي وبأنني لا أعني فيه سوى العروس بنت العيلة وزوجة فلان فقد استبعدته من حياتي ، لكنني أجده مناسبا بين الحين والآخر الموافقة على قدوم أحدهم لطلب يدي على إثر المؤامرات التي تحاك من قبل نساء العيلة لتزويجي ، فقد شارفت على الثلاثين ، والدتي وقريباتي يشعرن بمسؤولية تجاه مستقبلي ، هن لا يرضيهن أن أكون عانسا ، وعلى حد قولهن ألف عريس وابن عيلة يتمناني زوجة ،وما المانع ؟ ليحضر الخاطبون ، فسعادتي أحيانا تكون برفض أنسبهم وأفضلهم من وجهة نظر أهلي ، لأنني بذلك أثأر لذاتي ، وأؤكد بأن مقاييس الزوج المناسب لا تعنيهم وإنما تعنيني أنا وحدي ، غير أنني سرعان ما أفقد هذه المشاعر المؤقتة بالفرح ، فقضيتي بالتأكيد لا تنحصر في إزعاجهم أو الانتقام منهم ، قضيتي هو الغائب الحاضر ، قضيتي أنا الحاضرة ! الغائبة ، لم أعد أنا ، فقدت دافعيتي تجاه الحياه ، فقدت من أحببت وفقدت دفء الأسرة أيضا ، فأنا لم أتسامح ولن أغفر لهم ما تسببوا لي به من إيذاء ، أشعر بأنني جردت من إنسانيتي ومن تفاعلي مع من حولي ، ولست أجيد سوى تكرار برنامج العمل اليومي وأحاول ما استطعت تأخير العودة إلى البيت ، فماذا أفعل فيه وقد تشظت علاقاتي فعليا بأفراد أسرتي،وما تبقى لي منها هو علاقتي بشقيقتيّ المتزوجات واللواتي لم يكن لهن حولا ولا قوة فيما عانيت ، شقيقاتي اللواتي كنت أشعر بتأييدهن المبطن لي والذي لم يجرؤن على التعبير عنه علنا إلا بعد فوات الأوان ،أو بعد انقضاء المدة الزمنية الكافية لاستحالة استدراك ما كان

أما صداقاتي فقد أصبحت محدودة أيضا ، وتكاد لا تتعدى علاقات العمل والزمالة ، أصبحت بعد فقدانه إنسانة انطوائية وغير مبادرة في تكوين علاقات مع الآخرين ، أصبحت أكثر التصاقا بعالمي الخاص ولست أثق بأن هنالك من باستطاعته مشاركتي فيه أو احتماله ، أقحم نفسي بين الحين والآخر في هموم ومشكلات الآخرين ، غير أنني أحيط ذاتي بستائر تحول دون اقتحام أحدهم خصوصيتي

أجد عزائي أحيانا في مشاركة الآخرين مشكلاتهم ، أحاول أن أفترض ما كانت ستؤول إليه حكايتي لو تزوجته ، وأضع في مخيلتي أبشع صور فشل العلاقات الزوجية التي كان يسبقها علاقة حب، لأوهم نفسي بأنني احتفظت بمشاعري تجاهه لأننا لم ننته إلى الزواج ، إلا أنني سرعان ما أتدارك الاستغراق في التعزية وأتساءل من جديد ، ألم يكن من حقي أن أختار صورة الفشل خاصتي؟ فعندما نتعرض للفشل بناءا على اختيارنا فإننا نكون على الأقل أكثر احتمالا لآثاره ، وما يؤرقني هو خوفي من أن أستجيب لمطلب الزواج باعتباره مطلبا اجتماعيا ملحا، كيف ستكون صورة هذا الزواج وأنا لم أزل مستلبة بالكامل لماضي سيظل عائقا في طريق أي مستقبل ؟ غير أنني أفضل أن أبقى دون زواج فعبارة (البيت الوقف) التي يسمعونني إياها بين الحين والآخر تسعدني بمقدار ما يسعدني شعوري بتضررهم من امتناعي عن الزواج ، لكن هل أخطأت عندما انصعت لقرارهم ؟ وهل كان من الأفضل لو استجبت لمطلبه وتزوجته رغما عنهم ؟


مشاركة منتدى

  • طبعا كان الله بعونك لانه لا يحس بلوعة حبك الا من مر بتجربة مثلها فتقاليد مجتمعنا جدا غبية وافكار الناس الذين يعيشون فيه أغبى ولكني أحييكي على عدم موافقته في الذهاب معه لأنه فعلا كان انتفام من الاهل والله اعلم والحب ليس كل شيء في الدنيا ولكن طعمه لذيذ حينما تكون بقرب من احببت وطعمه مر علقم عندما يغيب عنك وا نصحك بعدم الجلوس لوحدك لأنك سوف تجدي صورته وهو جالس معك وضحكته ودموعه واحزانه مقابلك وصدقيني لو انه احبك بكل صدق لتحدى الدنيا بأسرها من أجلك وكان الله بعونك

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى