السبت ٤ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
بقلم أسامة عبد المالك عثمان

هل الحبُّ والزواجُ خِيارٌ، أم إجبار؟

مِن فكرة حرية الإرادة، أو الجبر والاختيار تنطلق أسئلة جمة، ومنها مسألة الارتباط بين الناس برباط الحب، والزواج، فهل الحب عموما، والحب بين الجنسين، والزواج، خصوصا شيء نختاره، أم هو مما نُجبر عليه في ثوب الاختيار؟

قديما رأى الشعراء العذريون أن حبهم لمحبوباتهم قضاءٌ، لا يمكن رده، وراحوا يشكون من انقطاع حبل المودة، مع من يحبون بسبب تصاريف الحياة، وموانع المجتمع التي كانت تملي على أهل الفتاة موقفا يرفض تأكيد تلك العلاقة بالزواج.

فما حظ ذلك الادعاء القائل بجبرية الحب من الصدق؟

يبدو أن له نصيبا كبيرا من الصحة، فالأرواح جنود مجندة، ما تآلف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف، وهذا عام في كل مودة ومحبة، الإنسانية منها، بين الرجال والنساء، والعاطفية.

فكثيرا ما يميل الإنسان إلى شخص يراه، ويألفه، من مجرد الرؤية الأولى، وقبل أن يتعرف إلى فكره، وثقافته، ومواقفه، ودون أن يكون من طبقته الاقتصادية، أو مستواه العلمي، أو غير ذلك من اعتبارات تخرج عن الناحية الإنسانية المحضة، ما قد يعزز رأي بعض المتصوفة، ممن ذهبوا إلى أن هذه الأرواح المتآلفة قد كانت متآخية قبل أن تحل في الأجساد. أو أنها متوافقة من حيث الصفاتُ الفطرية التي خصها الله، والاستعدادات والميول التي طبعها عليها، ومن هنا تَعْجَب من مساحة التطابق بين الأصدقاء دون توافق سابق، وعلى هذا تنشأ الصداقات الحقيقية، وتستمر.


هذا في العلاقات الإنسانية عموما، فهل تخالفها علاقة الرجل بالمرأة؟

لا ينبغي لها أن تخرج، أو تخالف، فهي تشترك معها فيما سبق، وينضاف إليها أسباب ودواع من الميل الطبيعي من كل جنس للآخر، فإذا تُوِّجت تلك العلاقة بالارتباط الدائم، الزواج، فلا أقوى منها، ولا أمتع!

فثمة ما يشد آصرتها، ويُمكِّن وشيجتها، أمام عاديات الأيام، وأعباء الواقع، وتقلباته: حب منبعُه الروح والنفس، ولقاء حميمي، لا يلبث، كلما نغص على تلك العلاقة منغص، أن يجبرها، ويغسلها، ويطهرها. وليس لِلا شيء كانت تلك الغريزة الجنسية في الإنسان في درجة تجددها متفوقةً على كثير من الحيوانات!

ولكن السؤال، ماذا عن الزواج الذي لم يأت تتويجا لميل من الحب، بقدر ما كان استجابة لرغبة جنسية، أو انصياعا لمتطلبات اجتماعية ومجتمعية؟ ماذا عن هذا الزواج، هل وقع بالاختيار، أم بالإجبار، أم هو اختيار إجباري؟!

يرى كثير من الرجال، وهم الذين يبادرون في مجتمعاتنا إلى الخِطْبة أنهم في النهاية يقعون على تلك الفتيات اللاتي "كُتبت عليهم، أو كُتبوا عليهن" ويلحظ المتتبعون لمحاولات الزواج أنها محكومة بـ "النصيب" أكثر مما هي اختيار، ويبرهنون على ذلك، بِيُسر الوفاق على الزواج المقدور، مع وهْن أسبابه المنطقية، وإخفاق محاولات توفرت لها كل دواعي النجاح، بمجرد عَرَض تافه، لا يذكر...، فلا نصيب!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى