السبت ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠٠٩
مميزات القصة القصيرة جدا في مجموعة
بقلم جميل حمداوي

(بالأحمر الفاني) لوفاء الحمري

إضاءة:

ظهرت مجموعة وفاء الحمري (بالأحمر الفاني... امرأة من زمن الحرب) 1 في طبعتها الأولى سنة 2009م عن مطبعة إديال إديسيون بالدار البيضاء في 79 صفحة من الحجم المتوسط، وتضم المجموعة في طياتها 45 قصة قصيرة جدا و12 قصة قصيرة. ومن ثم، تتأرجح الكاتبة في هذا العمل السردي بين جنسين أدبين متلاحمين ومتجاورين وهما: القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا.

1- بين الهم القومي والهم الذاتي:

تنطلق وفاء الحمري في مجموعتها القصصية من رؤية واقعية قومية إنسانية تنتقد فيها المثل الزائفة والوعي الساذج الذي يحيلنا على تخلف المجتمع العربي وتعلقه بالآمال الواهمة وتعطش إنسانه الجشع إلى الاغتناء غير المشروع عن طريق الانتظار والتواكل والتسويف وتمثل الوصفات المهجنة بالسخرية والافتراء والشك والريب كما في قصة(كتاب):

" قرأ الكتاب العالمي (كيف تصبح مليونيرا) إلى نهايته...

وضعه برفق تحت الحصير...

بحث على ضوء شمعة عن كتاب الواقع

قرأ ما تيسر منه

و

ن

ا

م"2

وتسخر الكاتبة من الإنسان العربي الدونكشوتي الحالم الذي فرط في كثير من القيم النبيلة التي كانت تفرده عن باقي بني البشرفي بداية الإسلام كالجهاد والشهامة والأنفة والكرامة والعز والإباء، وخاصة حينما تخلى عن السيف والفروسية؛ وفرط في إرث صلاح الدين الأيوبي فضيع من جراء ذلك فلسطين الحبيبة والمسجد الأقصى:

" صلى الفجر في الأقصى مع صلاح الدين وغفا

لما استيقظ... لم يجد صلاحا ولم يجد الأقصى...ضيع الاثنين في غفوة..."3

وتفضح الكاتبة هزيمة العرب وتقاعسهم المفرط، وتندد بسلبيتهم المشينة كما في هذه القصة المعبرة عن ضآلة الإنسان العربي وسذاجته البائسة:

" هل ستحارب بعد تلك الخيبة؟

نعم أبي

وبم ستحارب يا بني؟

بأظافري يا أبي

ونظر إلى أظافره وتذكر أنه قضمها ذات غيظ

انتهى المشهد"4

وتشير الكاتبة إلى الهزائم التي مني بها العرب طوال تاريخهم الحديث والمعاصر عبر التبئير على مؤشر التقاعس والتواكل والتخلي عن واجب الجهاد من أجل حياة البذخ والترف والوهن والإفساد والاستمتاع الدنيوي:

" لم أجدك هناك هل أنت من القواعد الخوالف؟؟؟

صمت...

أهناك أجلَ من حمل السيف وركوب الخيل؟

نعم:

البحث عنهما"5

كما تثور الكاتبة على القيم المجتمعية المنحطة من خلال رؤية إصلاحية ترمي إلى التسفيه بالتغريب والحط بقيم العولمة الزائفة واستنكار مثلبة عقوق الوالدين التي ابتلي بها شباب اليوم:

" أبي.... سيطول بك العمر لترى أولادي الأشقياء يتنططون حولك... وينثرون عليك بطاطس الماكدونالد...ويداعبونك بدمية الباربي... ويرشون عليك الكوكاكولا...

وترك الولد يستعرض الأحداث بإسهاب....

سرح هو بخياله بعييييييدا

تيقن أن ابنه يتعجل موته"6

ويبدو أن هذا الامتساخ التغريبي واضح أيما وضوح في قصة "همبورغر" التي تدل على انسلاخ الإنسان العربي عن مقومات أصالته وعاداته وتقاليده وأعرافه الموروثة أبا عن جد مع الاستسلام الأعمى لكل ما يصلنا من الغرب انسياقا وتقليدا وإحساسا بالنقص والدونية:

" وهما يصعدان الدرج سأل الأب ابنه:

هل أكلت الهمبورغر يا بني؟

نعم قد أكلني يا أبي

تعجب الأب ونظر إلى ابنه البدين اللاهث

فزال عجبه"7

ويلاحظ أن رؤية وفاء الحمري في أضمومته القصصية تنبع من مستند قومي إنساني حيث تتعاطف مع القضية الفلسطينية تعاطفا وجدانيا وانفعاليا وأخلاقيا، فتلتقط تفاصيل الحياة اليومية للإنسان الفلسطيني، ثم تنقل لنا ما يمارس ضده من حروب وحشية ومجازر همجية باسم الاحتلال والتنكيل والإقصاء كما في قصة" أنقاض" 8.

كما تصور لنا الكاتبة بريشتها المختزلة مشاهد الطفولة المغتصبة، فتعكس لنا الموت الفلسطيني المترنح بسبب كثرة القتلى وتكدس جثث ضحايا الاستشهاد كالأكوام المفعمة بالمأساة والتراجيديا القاتلة التي تتجادل فيها ثنائية الأرض والسماء أو ثنائية الدنيا والآخرة:

" جلس شيخ على ربوة من أنقاض بعد انفجار صاروخ...

مر به صبي...

أين أهلك ياعمي؟

هنا تحت

وأهلك يا صغيري؟

هناك فوق في السماء

نظر إلى بعضهما البعض بأسى

وبقي السؤال الآخر معلقا بين السماء والأرض"9

زد على ذلك، أن الكاتبة في مجموعتها القصصية الأولى تستهجن كل تبعية للغرب، وتستقبح كل انبهار ساذج بمقوماته الحضارية وبدعه الضالة حتى أصبحت البلدان العربية اليوم تبدو مغربة ومعولمة ومحنطة بتقليد الغرب في كل شيء استلابا وضياعا وسرابا:

" خصاص في الدم

صاح الطبيب الرئيس لمستشفى عربستان

هناك دمي: صاح شرطي عربي شاحب

أي فصيلة عندك؟

فصيلة جورج باء

لم أسمع بمثل هذه الفصيلة

موجودة سيدي

دونها إذن في موسوعة يا سيدي،

قد أصبحت تجري مجرى الدم"10

وتنتقد الكاتبة الأنظمة السياسية الجائرة والمستبدة أيما انتقاد تصريحا أو تلميحا سواء أكانت هذه الأنظمة السياسية عربية أم أجنبية معتدية. لذا، تصفها الكاتبة الثائرة بالأنظمة الجشعة الفتاكة القائمة على الاحتلال والاغتصاب (قصة الأرض تتكلم العبرية، قصة الجندي المجهول)، والعدوان( قصة حمامة السلام، قصة غارة)، والإفساد (قصة علي بابا والأربعون حرامي)،والتجويع(قصة حكمة، قصة عيد)، والنفاق (قصة مزارات)، والرياء( قصة عهد)، والكذب والبهتان(قصة أنا بلقيس، قصة حمامة السلام)، والتعطش إلى التحكم والتسلطن( قصة إطاحة)على حساب الديمقراطية الحقيقية وغضب الشعوب الحانقة.

وتضيف الكاتبة بأن هذه الأنظمة السياسية الطائشة قد حرمت المواطنين الأبرياء من حرياتهم العامة والخاصة ( قصة عمي، قصة نظارات كاشفة)، فعرضتهم للفقر والجوع (قصة فائض، قصة خبز)، والاعتقال ( قصة المقصلة)، والحرمان والتعذيب( قصة وحدي، قصة إذن)، والصمت ( مشهد صامت):

" أمر الأسد ملك الغابة كل الحيوانات بالصمت

هدأت الغابة

قنط الأسد

أعطى أوامره بالعودة للكلام

لم يتكلم أحد فقدت الحبال الصوتية نشاطها

تمنى الملك لو تكلمت الحيوانات ولو حتى لشتمه

انتهى المشهد

نهاية أخرى للمشهد

أمر الأسد ملك الغابة كل الحيوانات بالصمت

هدأت الغابة

قنط الأسد

أعطى أوامره بالعودة للكلام

لم يتكلم أحد

فقدت الحبال الصوتية نشاطها

انبرى كلب ينبح بصعوبة

أمر الأسد بالاهتمام به

نباحه يحسسه بالأمان"11

وعلى الرغم من تناول الكاتبة لمجموعة من القضايا الواقعية والاجتماعية والسياسية والقومية البعيدة عن ذاتها كأنثى إلا أنها تعود في بعض القصص لمناقشة بعض خصوصيات المرأة ومشاكلها الذاتية ولاسيما مشكل المرأة العاملة في قصة:" تبادل":

" دخل السيد المحترم البيت

دخلت السيدة المحترمة البيت

دخلت الخادمة للعمل في البيت

خرجت السيدة المحترمة للعمل

بقيت الخادمة في البيت

بقي السيد المحترم في البيت

بعد أيام

أصبحت الخادمة سيدة محترمة

لكنها لم تغادر البيت أبدا"12

وتتعرض الكاتبة أيضا إلى مشاكل الأسرة التي تقع بين الزوجين، فتصور الصراع الطاحن بينهما لأسباب جادة أو تافهة، والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى الفراق والطلاق كما في قصة:" أنت عمري":

" قالت له: أنت عمري...

رد هو: عمري، وعمرك في قبضة يديك...

أحكمت هي القبضة...

اختنقت الأنفاس وتسربت من بين أصابع قبضتها...

ذهب هو إلى الشمال...

ذهبت هي إلى الجنوب...

وبينهما صبية أرهقتهم رحلة

" فوق- تحت"13.

أما قصة " خرس" فتجسد بكل صدق إنساني انهيار الأسرة بطريقة فجائعية درامية حينما تتعرض خيوطها الملفوفة للتمزق والتصدع، فينتج عنها الفراق الدامي والطلاق البائن:

" كلما فتحت فاها لتتكلم...أسكتها صمته...

كلما فتح فاه ليتكلم...أخرسه بعدها...

وحين يجمع البيت أخرسين أبكمين ينشط حديث الإشارات...

وأول الإشارات..انفجارات... وأول الانفجارات قرارات...

وأول القرارات... خيارات...وأول الخيارات كلمة

أولها حرف فخامة

وأوسطها حرف علة

وآخرها قاف..

نطق الخرسان بعدما ظن كل الظن ألا تكلما..

قالت هي طلاق..

قال هو فراق..."14

وتجسد قصص وفاء الحمري في أضمومتها القصصية الجديدة مجموعة من المشاكل الأسرية المزمنة كالتشرد(قصة تشرد)، والوحدة والغربة، والمعاناة من الجوع والفقر(قصة خبز)، والخوف من موت معيل الأسرة ( قصة تشرد، قصة زفاف)، والتمزق العائلي( قصة سر، قصة جوع، قصة البيضة والحجر)، واليتم (قصة علامة)، والهروب من الذات وفتنة الحب (قصة أسماء)،والتوحد( قصة علة).

ويتبين لنا من كل هذا أن الكاتبة تعزف في مجموعتها القصصية على نقرات إيقاعية سوداوية وجنائزية، وتنقر بحسرة وتفجع على تيمات متنوعة تتمثل في تيمة الواقع والمجتمع، وتيمة الأمة، وتيمة السياسة، وتيمة الأسرة، وتيمة الحرب والسلام، ولكنها تهدف من خلال هذه البكائية المترنحة التي تنسجم مع خصائص الكتابة النسائية إلى الإصلاح والتغيير، واستبدال الواقع الكائن بواقع ممكن أفضل وأحسن من السابق.

وتعتمد الكاتبة كذلك في طرح مواضيعها على رؤية إسلامية تنماز بالخاصية الإنسانية والالتزام الرباني والرؤية التهذيبية الأخلاقية، وتوظيف المعرفة الخلفية الدينية لتأكيد رؤيتها الإصلاحية التنويرية.

2- بين الصياغة التقريرية والتعبير المفارق:

فيما يتعلق بالصياغة الشكلية، فقد استعانت الكاتبة وفاء الحمري بمجموعة من الآليات الفنية والجمالية لخلق عالمها الرؤيوي القصصي كاعتمادها على نقط الحذف الثلاث إيجازا وتكثيفا وإضمارا وصمتا على المستوى الطيبوغرافي، والاستعانة بالتشكيل الحروفي المتقطع كما في قصة:" كتاب":

" قرأ الكتاب العالمي (كيف تصبح مليونيرا) إلى نهايته...

وضعه برفق تحت الحصير...

بحث على ضوء شمعة عن كتاب الواقع

قرأ ماتيسر منه

و

ن

ا

م"

ويلاحظ أن وفاء الحمري تتكئ كثيرا على المستنسخات التناصية وتشغيل المعرفة الخلفية بخطاطاتها الذهنية والإحالية كما يتضح ذلك في هذه المستنسخات الثقافية: كيف تصبح مليونيرا- صلاح الدين الأيوبي- مسجد الأقصى- العدد والعدة- القواعد الخوالف- همبورغر- علي بابا- بلقيس- الهدهد...

وتستعمل الكاتبة الأنساق السردية الحجاجية الاستقرائية التي تعتمد على البرهنة الاستدلالية، وصيغ الإثبات والتأكيد والتقرير، والحجاج المتدرج من الافتراض إلى النفي فالاستنتاج.

وهذا يبين لنا أن قصص وفاء الحمري تعرف التعاقب المنطقي والكرونولوجي، وتسير ضمن القالب الكلاسيكي " الموباساني" في بناء الحكاية والقصة القصيرة والقصة القصيرة جدا كما نجد ذلك واضحا في قصة "ضياع"...

وتلتجئ الكاتبة إلى التكثيف والإيجاز والحذف بكثرة في قصصها القصيرة جدا عبر تجويع اللفظ وتوسيع المعنى وتنحيل العبارات وترشيق الجمل والإكثار من لغة الصمت والرفض والتقليل من الإسهاب اللفظي وتفادي الإطناب القولي؛ لأن الكلام ماقل ودل.

وتستند الكاتبة أيضا إلى السخرية الكاريكاتورية والكوميديا الصادمة أثناء تعرية الواقع العربي وانتقاده باستعمال المفارقات والتضاد الجدلي واستخدام أسلوب التهجين والباروديا كما في قصة:" بحور":

" تابع الولد درس العروض بكل انتباه

علمهم الأستاذ الغوص في جميع البحور

الطويل... البسيط...الر مل..

في يوم ساخن جرب الغوص في بحر العرب

لم يخرج منه إلى الآن..."15

وتتجلى السخرية المفارقة كذلك في فضح السياسة العربية التي بقيت حبيسة الشعارات الجوفاء ورهينة الخطابة البيانية والبلاغة العصماء والنظريات المثالية دون أن تترجم هذه السياسة المقنعة الأقوال والقرارات إلى أفعال إجرائية وتطبيقية:

" هل جمعتم ليوم الجمع؟

نعم

كم؟

كثيرا جدا يا صاح

أعددتم العدة إذن؟

عددناها

ما الفرق؟

ينقصها حرف الاستعمال"16

وتستعمل الكاتبة التراكيب الفعلية من خلال استتباع الأفعال الماضية والمضارعة المقترنة بالأجواء الزمكانية والوظائف النووية الأساسية مع التخلي عن الوصف الموسع و الأفعال التكميلية والوظائف الثانوية لخلق الحبكة السردية الرئيسية وتمطيطها تكثيفا واختزالا ضمن سياق متسق ومنسجم دلاليا ولغويا ومقصديا.

و تتجاوز الكاتبة النطاق السردي القصصي إلى الاستفادة من مميزات الكتابة الشاعرية من حيث تشغيل الصور الشعرية المجازية والأسطر المتوالية واستعمال التكرار والتوازي الإيقاعي والصوتي كما في قصة: " لهب":

" لهب... لهب... لهب...

نار... نار...

دخل رجل النجدة الخيمة... فوجد شيخا

مقدسيا ينوح...

أين اللهب؟؟؟

هنا... ودق بكف واهية مكان القلب مرددا:

سأموت ومفتاح البيت القديم في جيبي"17

كما شغلت المبدعة وفاء الحمري الكتابة الدرامية ذات الطابع المسرحي في كثير من القصص المشهدية عبر التشخيص الحواري وتنويع أفعال الكلام تقريرا وإنجازا باستعمال النفي والاستفهام والتعجب والتهكم كما في قصة:" ذات غيظ قضمت"...

و استفادت الكاتبة من الحكاية التراثية الشعبية كقصة " علي بابا والأربعون حرامي"، وقصة:" البيضة والحجرة"، كما نهلت من الفانطاستيك الرمزي والإيحائي كما في قصة " مشهد صامت".

أضف إلى ذلك، أن الكاتبة استعملت في مجموعتها القصصية كتابة سردية تتسم بالفانظازيا وتنويع السجلات الأسلوبية والأجناسية والارتكان إلى آلية الترميز والتلويح الكنائي واستثمار التناص بواسطة الانفتاح على مضامين النص الديني ولاسيما النص القرآني.

وما يؤاخذ على الكاتبة وفاء الحمري أنها كانت تسقط مرات عدة في التصريح الظاهري والتوضيح الموضح والتقرير النثري القاتل والأسلوب المباشر، كما كانت تنهج في كثير من قصصها منهج المباشرة السطحية بدون مواراة رمزية أو تورية إيحائية أوتلميح أسلوبي أو انزياح تعريضي، وهذا بين في مجموعة من قصصها كقصة" الخوالف" وقصة:" فصيلة دم"، وقصة:" أنقاض"، وقصة:" العدد والعدة"...

خاتمة:

وبناء على ما سبق، نستشف أن وفاء الحمري غلبت في مجموعتها القصصية الهمين: الواقعي والقومي على حساب الهم الأسري والذاتي. ويعني هذا أن الكاتبة لم تعط لمشاكل الذات الأنثوية إلا حيزا محدودا وضئيلا، وذلك بالتشديد على بعض المشاكل البارزة في الأسرة المغربية كعمل المرأة الموظفة، واحتداد الصراع اليومي بين الزوجين، وتفكك الأسرة، وتشرد الأبناء، ومشكل الفراق والطلاق...

وتمتاز مجموعة وفاء الحمري بالرؤية الإسلامية المتزنة القائمة على الطرح الواقعي والاجتماعي والقومي والإنساني. بيد أن المجموعة على الرغم من تنوع أساليبها وسجلاتها الخطابية والتجنيسية فقد سقطت في المباشرة والتقريرية والمعالجة الواضحة للمعطى الموضوعي والذاتي. أي يفتقد العمل إلى خاصيات جمالية تميز جنس القصة القصيرة وتفرده عن باقي الفنون الأدبية الأخرى كالعصف الذهني والغموض الفني وإرباك المتلقي والإضمار الفلسفي والترميز الإحالي والانزياح المجازي والتخييب الدلالي والتي نجدها بشكل أو بآخر عند باقي كتاب القصة القصيرة جدا كمصطفى لغتيري وجمال بوطيب وعبد الله المتقي وسعيد بوكرامي وحسن برطال وعز الدين الماعزي...

ويتضح لنا، في الأخير، أن وفاء الحمري قد تأثرت أيما تأثر بالحسين زروق صاحب مجموعتين قصصيتين قصيرتين ألا وهما: " الخيل والليل"18 و" صريم" 19على مستوى التيمات والرؤية والصياغة الفنية والجمالية تناصا وتفاعلا وحوارا وتواردا.

وعلى الرغم من هذه الانتقادات، فوفاء الحمري لها بدون شك مستقبل زاهر في مجال القصة القصيرة جدا إذا استفادت من توجيهاتنا النقدية وملاحظاتنا التقويمية، ومالت نحو الأسلوب السهل الممتنع البعيد عن التقريرية والمباشرة مع تغليفه بالإيحائية والرمزية، والمراوحة بين خاصيتي الفائدة والمتعة.

 [1]


[1المصادر والمراجع:

1- وفاء الحمري: بالأحمر الفاني، مطبعة إديال إديسيون، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2009م؛

2- الحسن زروق: الخيل والليل، مطبعة النور الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1996م؛

3- الحسين زروق: صريم، منشورات المشكاة، وجدة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى2002م؛

4- وفاء الحمري: بالأحمر الفاني، مطبعة إديال إديسيون، الدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 2009م؛


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى