الخميس ٢٨ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم سحر حسن أبو ليل

رسالة إلى خائن

أيها الغريب..
لا تزين عباراتك..
لا تتعب نفسك بتلوين حماقاتك..
ما دخلي انا بحريق عباراتك..
فمتى كان الميت مبصراً؟
إن الحبر يكتبك فوق اوراقي، ويحيلني الى جنين خرافي في رحم الموت، فتصلبك سطوري وتحاكمك رغماً عني، فماذا افعل؟
 
أيها الغريب..
هناك في مدينة البشارة، تلك التي تفوح قدسية وتتنفس من رئتي الجليل، كنتُ الفراشة وطرتُ حولك يا نوري الوهمي، فتوحدنا غير انني احترقت وحدي، وعذراً لأني جربتُ الموت وتركتك وحيداً هناك..
تدهن نفسك بعسل الغدر..وتحيا..وتحيا..
لمَ يأخذني الحبر اليك دوماً بعد كل ابحار..لا ادري...!
 
أيها الغريب..
كان يطل وجهك علي كعصفور الدوري البهي..ذاك الذي كان يزور فناء بيتي كل صباح..ليدخل في حنايا الروح ويعشش بها رافضاً الهجرة..
اما اليوم..فقد صار كأي مستوطنٍ سمع نداء القدس وطمع بالسكن في فؤادها، فاقتحم ابوابها في إغفاءة شتوية بريئة..فماذا افعل؟
 
أيها الغريب..
كنت اسطورتي الاولى، وبطل احلامي الوردية التي ابت ان تتحقق..
شهوتي وحرماني معاً، فهل تسمع؟
اعرف..اجل اعرف..
فعبارات العذارى لا تغريك رغم كل شلالات الاشتهاء..
لكنني كنت الام والحبيبة والوطن..فكيف عمدت مخلوق اثمك في مياهي الطاهرة؟
 
أيها الغريب..
يا من ناديتك في كل صلواتي بإلهي الحبيب، لماذا جئتَ وقطعت شرايين الكلام وشربت دماء الحروف في كؤؤس الغدر...
ألهذا دخلتَ حياتي متخفياً بثوبك القزحي؟ لتنثر ضبابك الخفي في ساحات ايامي الحزينة؟
كل ما اردت هو ارتكاب جريمة الحب معك..واعترف انني ارتكبتها عن سابق اصرار وترصد..لكنك في النهاية قتلتني..
ايا رجل الجريمة الاجمل..
ايا طير الوهم الابهى..
 
اذكر لحظة لقياك في يوم شتائي عابق بالدموع، حين اشرقت علي شموس عينيك العسلية وانارت روحي، وكم زادك الاسود بريقاً وجمالاً، فنسيت شرقي من غربي وابقنتُ ان القلب قد سجد في محراب هواك!
كان البشر حينها غائبين، وأضواء السيارات صارت شهوداً لا تعرف بأي لونِ ستوقع وعلى أي عقد..لكنني اذكر ان وجوه الشارات الضوئية كانت باسمةُ وقد اختارت الاخضر عنواناً لبداية قصة جديدة..
اذكر أيها الغريب ان النبض كان معلقاً بين الواقع والخيال وغدت بيداء دنياي في عينيك بستاناً جميلاً مزروعاً بكل ازهار الفرح فأحببت ذاك الوقار في مدينة رجولتك الغامضة..
فسرقت بلاغتي وخانتنا الكلمات..وبالكاد قلنا " احبك"..
تلك الكلمة التي اعتبرها اول حروف ديانتي وبداية طريق ايماني، فكان الصمت انطق من مائة لسان!
أحسست حينها ان الشوق بركان نارٍ وانفجر..وفي ذاك العناق عرفتُ ذاتي وابصرتُ دربي الآتي..
ذاك العناق كان الدورة الاولى لأرضي المشوشة حول شمسك الواحدة والوحيدة!
لا منطق يحرك حياتنا، وهذا الوهم نحن صنعناه، فالحياة تركيبة عبثية وعشقي لك كان بداية الفوضى..عي نفسها تلك الفوضى التي سادت العالم في بداية خلقه..
 
أيها الغريب..
لا تقل انك تذكرني..وانك تشتاق للكرز الذي لم تحسن قطافه..وان خصلات شعري قد باتت نسيجاً خرافياً يخزك ويحرك ضميرك الميت، فتؤرقك كما كلماتي الماطرة الماً كل ليلة!
لا..لا تقل ان دموع جسدك تفيض حين تذكرني..فلن اصدقك..لانها لو تذكرني لما خانتني مع الاخريات!
 
أيها الغريب..
يا من اخلصت لك في الحضور والغياب
ونسيتُ تترية الشهوة..
فركعتُ لشمس السراب!
لا.. لا تعد بموسم عشقٍ جديد
فللخيانة طعم الملح فوق شفتي بحري المجروحتين..
غضبُ الرعد في سماء عمري المتصدع..
عاصفة ليلية تقتلع كل ما تبقى من حنين..
يا أيها الغريب..
خيانتك.. لعنة الرب في يوم مزاجه السيء..
فلا تذكرني بعدما قتلتني
صعبٌ علي تذكرك " رجلاً"
بعد ان صرت في قاموس الوجدان..
" الخائن..
النذل..الجبان "!

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى