الخميس ٢٨ أيار (مايو) ٢٠٠٩
بقلم
اذهبوا للجحيم
(1)كان بإمكاني أن أروّض شيئاً من جمهرة الحروفلأعلن أنّ الكأس كأسيوأنّ الحياة ليحاؤها لي دون غيري.لكنّ الدور كان صعباً حدّ الطوفانوالجسد ضعيفاً كان.(2)كان الدور صعباً:إذ كان دوري دور أوديبودور هاملتودور الساحرات اللواتي قلن لماكبث ما قلنودور المهرّجودور المأمون ودور الرضاودور الذي حُمِلَ رأسه فوق الرماحودور الذي صُلِبَ على جسر الكوفةثم ذُرّ بوسط الفراتودور الذي صُلِبَ على باب بغدادورماه مريدوه بالوردكان دوري دور ابن المقفّعوالتوحيديّوالشريف الرضيّودور مالك بن الريبوصولاً إلى السيّاب.(3)أيُّ دور، إذن، هوذا؟بل أيّة مسرحية ينبغي أن أقوم ببطولتها؟مَن هو المخرج، هنا، أيها الأصدقاء؟مَن سيضع لنا الموسيقى التصويريةلنرى دمَ أوديب يتدفق من بين عينيه؟مَن سيصمم الملابس للساحراتوماكبث، والمهرّج، والشريف الرضيّ؟مَن سينصب لنا خشبة لصلب الحلاج؟مَن سيشعل التنور لنرمي فيه ابن المقفّع؟ومَن سيقود السيّاب في الشارعوقد خذله جسده الضعيف؟نعم، أيها الأصدقاءكان الدور صعباًوالجسد ضعيفاً كان.(4)لكنه دوري الأثير،دوري الذي أُرغِمتُ على فعله،على فعل كلّ تفاصيله.أيّ دور، إذن، هوذا؟أيّة مسرحية هي ذي أيها الاصدقاء؟مَن هو المخرج الذي سيقود كلّ هذا الخرابدون أن تشعروا بالملل؟انتبهوا أيها الأصدقاءكفّوا عن التلفّتِ والتدخينكفّوا عن الكلامكفّوا رجاءًفلقد بدأت المسرحية فعلاً،ها هي الستارة تُسحَبُ بهدوءوالمسرحُ خال وخال وخال،المسرح مظلمٌ مظلمٌ مظلم،وليس هناك من يبدد هذه الظلمة المرعبةإلاّي.صفّقوا أيها الأصدقاءصفّقوا قليلاً قليلاًصفّقوا كثيراً كثيراً.إنني أنحني أمامكمصفّقواآه.. صفّقوافلقد انتهت المسرحيةدون أن تشير إلى شيءدون أن تقول أيّ شيء!شكراًإنني أختفيبابُ الموتِ رائعٌ بانتظاريوالأرضُ، أمي الطيّبة، تريد جسديوالتاجُ ، رغم البريق ، مزّيفكمزحةٍ قالها المهرّج.والساحرات امتطين غيمةَ الحلمعاريات تماماًوطرن فوق الفراتوفوق السؤالوفوق الزمانوفوق الممثلين الذين اختفواماكبث الذي هو أناوأوديب وهاملت والشريف الرضيّوالسيّابكلُْ شيء تبخّر في هدوء عجيب.صفّقوا أيها الأصدقاءصفّقوا..إنها ساعة الافتراقساعة الرعبساعة أن نكون أو لا نكونصفّقواثم اذهبوا للجحيم!