الجمعة ١٩ حزيران (يونيو) ٢٠٠٩

إخلال بالنظام العام

بقلم: طلال حمّــاد
شارع ضيّق
وحبل غسيل خارج من نافذة تطل على نفس الشارع
وأصيص حبق معلّق على حافّتها
وحارس مربأ تحت النافذة مباشرة
نائم ـ أو هكذا بدا لي ـ في كرسيّه
وفي زاوية مظلمة من الشارع امرأتان
لا يرى أحد في عتمة الشارع ما تفعلان
ما الذي أفعله أنا هنا
في هذه الساعة من الليل؟
ولماذا ـ بعد لؤيٍّ وأنين وآه طويلة ـ
تشاجرت المرأتان؟
ومن أين طلع الشرطيّ
ليفضّ الشجار
فتنقده واحدة منهما
ما يسكته
وتمضي خارج الشارع
بينما يختلي هو بالأخرى
في نفس الزاوية؟
ما الذي أفعله أنا هنا؟
ولماذا لم ير الحارس الليليّ للمربأ
أحداً سواي؟
لقد نام دهراً
وعندما أفاق
لم ير في الشارع أحداً غيري
يلق القبضَ عليه؟
مرّ الشرطيّ بنا يرتّب هندامه مبتسماً
وألقى إلى الحارس بقطعة نقد رنّانة
وأقعت المرأة في نفس الزاوية
تتخلّص باكية من بقاياه
قال الحارس:
شارعنا هادئ
وخال من الشغب..
فما الذي جئت تفعله كي يختلّ الأمن
ويسقط أصيص الحبق من الشبّاك؟
رفعت رأسي
كانت المرأة
نفس المرأة
أو أخرى تُشبهُها
تسقط من الشبّاك
نفس الشبّاك
ضحك الحارس
وارتجّ يقول:
يسقطن دوماً
من أوّل طلّةٍ
على الشارع الهادئ
دون حساب النتائج
وكأنّ الشبّاك
باب للطوارئ
وبشكل مفاجئ
أطلّ الشرطيّ من الشبّاك
نفس الشبّاك
كان ما يزال يرتدي بزّته الرسميّة
وعلى وجهه ابتسامة زهو
لكن معتمة
وعلى صدرِهِ
كومة أوسمة
كأنّها غُدَدٌ مُتعدِّدَةٌ وَرِمة
صفّق الحارس
ودعاني للتصفيق
وأراني كيف
وقال اهتف معي:
عاشت جميع الأنظمة!
قلها وإلاّ
ستأكلها الليلة
علقة دسمة!
لم أقلها
لأربح العلقة التي
قال أنّها دسمة
فقد كنت في هذه المدينة
الآمنة
جائعاً
وقد جرجرتني قدماي
إلى هذا الشارع
بحثاً عمّا يسكت جوعي
من طعام
في مطعم
وليس في مركز توقيف
بتهمة الإخلال بالنظام العام!
بقلم: طلال حمّــاد

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى