الجمعة ١٤ آب (أغسطس) ٢٠٠٩
الجزء III
بقلم عناق مواسي

حُبّكَ وَجَع

(مشاهد لنزف تاريخي تعمشقت عليه الأحداث كي لا تفلت من قبضة التوثيق)
نحن نولد ونتماوت وجعاً على وجع، إلى أن نُدفع خارج المجرة، فنكتشف بعداً آخر للوجع!
ما حدث في نيسان يشابه ما حدث في تشرين، وربما مثل ما سيحدث في أرشيف مدارات الكواكب على بعد نجمات مضيئة من الآن.. كنت في طريقي إلى الإنعتاق من لا زمانية المكان. توسمت في البرد دفئاً فدخلت المعسكر؛ البنادق فاغرة الأفواه مصوبةً نحو الزنابق، والرمال متحركة تحت أقدام الزاحفين ببطء،
وأنا... لست أنا..
البحث في عداد المفقودين عنك متواصل، لذلك أرسلت مع العائدين إلى ديارهم جرحاً أطالب بنعيه واليك نص التأبين:
"دخلتَ رصاصة إلى قلبي؛ إن اقتلعت أوجعت وإن بقيت أوجعت، فقررت أن أعشق عمري، لأني إذا متُ سأفقد لحيظات احتضاري بحبك، وسأتعايش الوجع.."
 
**********
أنا أنتظر الله عله يغير في سياق الحضارات!
زرعتكَ..
زرعتكَ..
زرعتكَ..
وأنتَ..
في موسمٍ غير ذي حصادٍ..
حــَ...صــَ..د..تــ..نــــــــــــــــــــي....
 
**********
هل للحياة مبررُ آخر؟؟
إذا ما أتاك نبئي على سيفٍ من شوقٍ أغمدته في عروق رغبتي، فتخضب بدم مهرةٍ لم تصهل فوق صحراءٍ آدمي قبلك؟
سالتُ العتمة والشعوب المهجرة وأشجار الكينا على ضفاف بانياسٍ ونوّار برتقال يافواي ولدائن زيتون جليلي وعواء الذئاب في البراري! لكن زيوس ما كان ليخبرني أيناكَ!!!
أرجو أن تترك لهوميروس أن يدون هذه الملحمة دون أن تزدان الحقيقة بوهمٍ شوقٍ أقنعتني به، ربما سينفلت من بين أصابعك...
الشعوب تنغمس في طقوس الموت مرةً واحدةً خلافًـا لحبي الذي عايشت به الموت مراراً، وكأن لا مبرر للحياة... فوق هذه الأرض..
الموت أن أخوض الحب كل مرة... كأني لا أعيش بالمرة..
 
**********
 
رحلة المجرة
في انتصاف كانون الثاني وعلى طريق الساحل ثمة ارتقاءٌ كادَ يأخذنا إلى الجنة، وعلى امتداد الضوء الواصل من النجمات ثمة عتمةٌ عرفتها منذ أن كان الخصر بين يديك قبل أن يلفظ كانون أنفاسه الأخيرة وشفاه اللوز بعيدة عن شفاهك مسافة الساحل البعيد عن حيفا...
ولما اصطفت النجمات على طول المستقيم أخذها قلبها إليك.. إلى أبعد مما تتصور في وهجها والقها وفي انتشائها المغاير، عدتَ مسرعاً إلى العتمة؟ وتركت وراءك ضوءًا من شمسٍ تغطس في الخيبة!!
لماذا؟ لماذا؟
بينما توضأتُ من خطيئة الانتظار، تلكأت أنت كأنكَ لا تعرفُ مهداً لجسدين بين ركامِ تاريخ يوليوس قيصر...
عاينتُ ميثولوجيا الشعوب، اخبرني زرادشت أسرار المعبد، أما زعيم الآلهه فأفصح لي أسرار الحضارة، إنني الآن امتلك مفاتيح تجارب الشعوب، لم أجد تفسيراً لدورانك عكس عقارب الحب..
غريبٌ انك لا تشبه الشياطين في شيء ولا تقترب من الملائكة؟
اخبرني أين يمكن أن انهل من ماء الحياة أن لم يكن من فيضك؟ به أحيا وأتجدد؟؟
أنت نجم لا اعرفه في العتمة! وهذا النور آلفته في ضوءٍ متسربل من بقايا الغسق وهذا المبرر الذي أسمعتني إياه في تبدل المواسم.. لا يشبه الضوء في شيء..
 
**********
العذاب..
شرخ في ذاكرة الشوق، وشرخ في ذاكرة الجسد، وشرخ في ذاكرة الأصابع التي ما كادت تصهل حتى جثت فوق أرض الدمار..
والساعة التي اختطفتها من عطارد تلاشت كأنها لا شيء.. لا شيء
ماذا تبادلك الكواكب أكثر مني!!
ولماذا تصهل فوق كثبانها السماوية وتسابق رياح الضوء وتقفز عن أسواري؟؟
لماذا لا نلتقي عند حوافي المجرة، عندما أتعامد فوق ساحل العاج لا أرى من وجودك أثراً..
في الغرب الضاني ساكنٌُ بينما في الشرق أنا... وفي اختلاف الليل والنهار شوقٌ يسحقني قبل أن يوافيك نبئي في اليوم الجديد..
بالأمل رممتُ سوراً أحاط مملكتي كاد يسقط، ولما أتممت الترميم، والأطراف بين أصابعك تعانقها،
انهرتُ أنا بلا ترميم!!! وصارت حياتي هزيمة غبارٍ تزرح تحت وطأة التهجير!!
 
**********
الشتاء..
الم يكفكَ من الوقتِ شتاءً كاملاًُ لكي تكون على أهبة الوجع؟
افتح عيني من حلمٍ يتبدد من ضوء الله، أغسل وجهي بالشوق، وأمشط شعري بذكرى عزف أصابعك على سونيتا إلهية، ثم اخرج بزوادة حضارتي إلى الطريق.. والبعد بيننا بقايا ضوء...
احزم ضوءك وارحل من شتائي..
 
**********
الربيع..
حينما برعم الربيع في صدري، أدركت أن الفصول نضجت، فتحجب الربيع بعباءة البرتقال..
وكلما زرعت في بيارات يافا شوقاً اقتلعني من ساحل عسقلان شوكاً..
أشم رائحة ما بعد عطرك، تقربني منك آثار الدعسات..انفعل...
ولا يبقى في الجو سوى الأثير..
 
*********
الخريف...
على شجرة الحضارة تساقطت أوراق شعوب نامية، وتحت فيافيها نبتت حشائش قصار، بينها بنفسج.
وبين تلابيب البنفسج هناك تنهدت قريتي.. وعند أطراف قريتي أغصان شوقٍ.. على أغصان الشوق وجعاً دائم الخضرة..ربما في الخريف القادم سيفصح لي زيوس أسرار افروديت وهي تحجب عريها برداء الفضيلة..
ربما سيعلمني أسرار المدار.. كي لا تتساقط رموز ما تبقى لنا من حضارة..
 
*********
الصيف....
البعد بيننا.... طيف شمسٍ على خط الأفق
أتعامد معك في كل الزوايا
أجثو في مركز الدائرة
أنحرف عن مساري ليجمعني خط وهمي بك
تتعامد عنده كل رؤوس المثلث..
نهاري لن يتساوى مع ليلك حتى ولو انتصف حزيران...
 
*********
أنـت..
تدور حول الأرض تاركاً لي صهيل شوقٍ مشتعل أشرق وأغرب به لوحدي..
والشوق ينساب مني على طول المدار لكنك أطوار في الظهور..
الكواكب حينما تراني تصاب بدوران يئيل بها أن تدور حول نفسها أولاً ومن ثم تمرر طاعتها الحلزونية حولي وتتكرر نمطية دورانها حول ذواتها وأنت تضيء في سماء فردانيك حتى تخبو..
أكون ليلاً تكون نهاراً..
أكون نهاراً تكون ليلاً...
فكيف للعناق دون اكتمال الحضورين؟؟
ماذا فعلت بك كيف تبقى احتكاراً على الأرض؟ ماذا تبادلك الأرض أكثر مني؟
 
********
أنــا..
تركت للمجرة كواكبها، والكواكب تدور في مداراتها والنجوم تتبع الكواكب..وسيدة السماء التي عرفتها الحضارات منذ زيوس وشارلمان حتى تشرتشل وربما أبعد منهم..
إني تاركةٌ للمجرة كواكبها لتكون الأقرب إلى فضاءات اضاءاتي..
أمد أصابعي إليك فتتوارى.. يأتيني منك شعاعاً باهتاً منذ عصورٍ غابرة وتقنعني أنه ثمة وجود لبعض عناصر الحياة فيكَ..
والحقيقة أن لا جاذبية فيك..لا هواء ولا ماء...
الكواكب المتوهجة قريبة كانت أو بعيدة والمدارات التي تتداخل فيما بينها
كل في فلكه يدور قبل أن اصدر بروتوكولاتي السماواية...
أكاد لا أعقل رغم كل الضوء الذي بيننا، إلا أن أصابعك صهلت بدلاً منك!! فوق مستوى الضوء..
 
********
الله يا سيد الكون..
الشمس لا تدور حول الكواكب، وللقمر في نصف ظلامه شؤون..
أيتها الكواكب ارجعي إلى مداراتك...
وأنتَ!!! اتركني بحالي..
يكفيني من الحب ما وجع..
(مشاهد لنزف تاريخي تعمشقت عليه الأحداث كي لا تفلت من قبضة التوثيق)

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى