الاثنين ٢١ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم جميل حمداوي

أدب الأطفال في الجزائر

اهتمت الجزائر بأدب الأطفال منذ الثلاثينيات من القرن العشرين على جميع الأصعدة والمستويات، وتأثر هذا الأدب بالثقافتين الغربية والثقافة العربية المشرقية على حد سواء. وقد قدمت الجزائر في أدب الأطفال إنتاجات إبداعية كثيرة من الصعب حصرها والإحاطة بها في هذا الورقة التعريفية بأدب الجزائر في المجال الطفولي. لكن يمكن القول بأن أدب الأطفال قد تبلورت ملامحه الجنينية في مدارس جمعية العلماء التي كان يسهر عليها كل من عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي.

وبعد الاستقلال مباشرة، أعطت الدولة الجزائرية المستقلة الضوء الأخضر لانطلاق المشروع الثقافي في كل الميادين والمجالات والتخصصات، مواكبة مع انطلاق المشاريع الاقتصادية والاجتماعية على ضوء رؤية إيديولوجية اشتراكية علمانية ستؤثر فيما بعد سلبا على المجتمع الجزائري ككل بصفة عامة، وعلى النهضة الثقافية بصفة خاصة.
وقد شرعت وزارة الاتصال والثقافة منذ عام 1996 م في تنظيم مسابقة كل سنتين خاصة بأدب الأطفال. كما سارعت إلى الاهتمام بهذا الأدب في كل تخصصاته ومسالكه الثقافية وشعبه الأدبية والفنية.

وسنحاول في هذه الورقة استقراء محطات أدب الأطفال بالجزائر ، ورصد مختلف تطوراته ومجمل إنتاجاته الإبداعية ، واستكشاف مختلف مكونات أدب الأطفال وسماته ومميزاته الدلالية والفنية والجمالية بالجزائر.

شعـــر الأطفــــال:

يتمظهر شعر الأطفال بالجزائر في كتب المقررات المدرسية ومناهج المحفوظات الشعرية ومادة النصوص الأدبية التي تحوي على مجموعة من القصائد والأناشيد والمقطوعات التي كتبت لصالح الطفولة الجزائرية بصفة خاصة والطفولة العربية بصفة عامة.

هذا، وقد ظهرت كوكبة من الشعراء الجزائريين الذين كتبوا للأطفال من بين هؤلاء نستحضر: محمد الأخضر السائحي، ومحمد عبد القادر السائحي، ومحمد ناصر، ويحيى مسعودي، وبوزيد حرز الله، وجمال الطاهري، ومحمد العيد آل خليفة، ومحمد الهادي السنوسي الزاهري، ومفدي زكرياء صاحب النشيد الوطني الجزائري" قسما بالنازلات":

قسما بالنازلات الماحقات
والدماء الزاكيات الطاهـــــرات
والبنود اللامعات الخافقات
في الجبال الشامخات الشاهقات
نحن ثرنا فحياة أو ممات
وعقدنا العزم أن تحيا الجــزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا
نحن جند في سبيل الحق ثرنا
وإلى استقلالنا بالحرب قمنا
لم يكن يصغي لنا لما نطقنا
فاتخذنا رئـــــة البارود وزنا
وعزفنا نغمة الرشاش لحنا
وعقدنا العزم أن تحيا الجزائر
فاشهدوا... فاشهدوا... فاشهدوا

ولقد أوردنا هذا النشيد الوطني باعتباره من أحسن الأناشيد الوطنية في العالم العربي لحنا وإيقاعا وتقطيعا وتقفية وتعبيرا وتصويرا وثورية وموسيقية وتنغيما .

ســـرديات الأطفــــال:

عرف أدب الأطفال الجزائري في مجال السرديات قصة ورواية وحكاية مجموعة من الكتاب النشطين ، ومن هؤلاء الكتاب السراد: رابح خدوسي، وجميلة زنيبر، وخلاص جيلالي، ومحمد الصالح حرز الله، وعبد العزيز بوشفيرات، وعبد الحميد سقاي، وعبد الوهاب حقي، وغيرهم من الكتاب.
هذا، وتتميز قصص الأطفال الجزائرية بعدة سمات ومكونات كالبعد التربوي التعليمي، والبعد الحكائي الشعبي، والبعد الخرافي الأسطوري، والبعد الحيواني الرمزي، والبعد الاجتماعي، والبعد الفانطاستيكي، والبعد التاريخي، والبعد الديني الإسلامي...

مســـرح الأطفــــال:

نشط مسرح الأطفال كثيرا في الجزائر منذ ثلاثينيات القرن العشرين إبان الاحتلال الفرنسي للجزائر. فقد ألف محمد العيد آل خليفة مسرحية" بلال" سنة 1938م التي تعد أقدم نص مسرحي وصل إلينا من تلك الفترة. وهناك مسرحيات أخرى كتبها كل من: الأستاذ محمد الصالح رمضان كمسرحيته" الناشئة المهاجرة"، ومسرحية" الخنساء" ، ومسرحية " مغامرات كليب" . وثمة مسرحيات أخرى كتبت ما بين الأربعينيات وبداية الخمسينيات من قبل أحمد رضا حوحو وأحمد بن ذياب ...

لكن مسرح الأطفال بالجزائر سينشط بعد الاستقلال وبالضبط في سنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين ليعرف بعد ذلك نوعا من التراجع والركود والكساد مع سنوات الألفية الثالثة لأسباب ذاتية وموضوعية.
ولكن لابد أن نعرف أن مسرح الأطفال بالجزائر في الحقيقة كان يتشخص ميدانيا في المسرح المدرسي، والمسرح التعليمي، والمسرح القرائي، ومسرح الدمى والعرائس، والمسرح الاستعراضي... وهذا معروف بشكل جلي وواضح في الجزائر منذ أن ظهرت مؤسسة المدرسة التعليمية إبان الفترة الاستعمارية الفرنسية، فقد كانت المسرحيات الطفلية تقدم في البداية باللغة الفرنسية، فانتقلت إلى اللغة العربية ، ثم إلى اللغة الأمازيغية.

صحافـــة الأطفــــال:

صدرت بالجزائر مجموعة من الصحف من جرائد ومجلات متخصصة في مجال أدب الأطفال. ومن أهم المجلات المعروفة في البلد نذكر: مجلة" مقيدش" التي أصدرتها الشركة الوطنية للنشر والتوزيع عام 1969م. كما خصصت بعص الصحف الجزائرية ملحقاتها لأدب الأطفال كجريدة "الشعب" اليومية، وجريدة " المجاهد" الأسبوعية، ومجلة " ألوان" الأسبوعية.

وتلت هذه الصحف الستينية مطبوعات أخرى في سنوات السبعين والثمانين كجريدة" قنيفد" سنة 1972م، ومجلة " ابتسم" سنة 1977م، و" جريدتي" سنة 1981م، ومجلة " رياض" سنة 1986م إلى جانب مجلات طفلية أخرى كنونو والشاطر...

كتـــب المعـــارف والموسوعـــات:

من المعروف أن الجزائر خصصت لأبنائها الأطفال مجموعة من الكتب المدرسية والمقررات التعليمية والمؤلفات التربوية الموازية من أجل الرفع من مستوى وعي الطفولة الجزائرية ، والسمو بذائقتها الفنية والجمالية. لذا، خصصت الجزائر للأطفال مجموعة من كتب المعارف الأدبية والعلمية والفنية والتقنية والإعلامية، بله عن مجموعة من الموسوعات المعجمية للتعامل مع اللغة شرحا وتفسيرا وتأويلا.

دور النشـــر والطباعــــة:

توجد بالجزائر مجموعة من المطابع والمكتبات ودور النشر الخاصة والمؤسسات العامة التي تسهر على طبع كتب الكبار والصغار على حد سواء. ومن أهم هذه المؤسسات التي تعنى بالطبع والنشر والتوزيع والإشهار نستحضر: الشركة الوطنية للنشر والتوزيع التي تخصصت في طبع مجلة " مقيدش"، ومطبعة الشعب، والمؤسسة الوطنية للكتاب، والمؤسسة الوطنية للطباعة...

وهناك من الكتاب والمبدعين الجزائريين من طبع دواوينه وقصصه ورواياته ونصوصه المسرحية المتعلقة بأدب الأطفال خارج الجزائر ، وبالضبط في البلدان المجاورة كالمغرب وتونس وليبيا ومصر . وهناك من طبع نصوصه الطفلية في لبنان وسوريا وفرنسا...

خاتمــــة:

وخلاصة القول: فعلى الرغم من المجهودات التي تبذلها دولة الجزائر في مجالات أدب الأطفال من أجل السمو بمستوى الطفولة الجزائرية ذهنيا ووجدانيا وحركيا، فمازال أدب الأطفال على مستوى الإنتاج ضعيفا وقليلا وهزيلا . بيد أن هذا الأدب الفتي يتفاوت في الجزائر كما وكيفا من كاتب إلى آخر، ومن مبدع إلى مبدع.

وقد لاحظنا أيضا أن أدب الأطفال بالجزائر بدأ يعرف تراجعا وانحسارا بينا مع سنوات الألفية الثالثة بسبب انعدام التشجيع المادي والمعنوي بعد أن انتعش في سنوات السبعين والثمانين من القرن العشرين. كما بدأت مكتباته تغلق أبوابها بشكل متدرج مع انتشار الإعلام التلفزي والفضائي والرقمي.

وفي هذا الصدد، ينبغي للجزائر أن تبذل مجهودات جبارة في مجال أدب الأطفال عن طريق تخصيص الجوائز المالية والتقديرية لخدام أدب الأطفال وكتابه ومبدعيه سواء أكانوا من الجزائر أم من الوطن العربي كما تفعل قطر والإمارات العربية المتحدة في هذا الشأن.

و على الجزائر أن تسهر أيضا على تنظيم مهرجانات ومسابقات مسرح الأطفال من فينة إلى أخرى ، وأن تكثر من بناء المكتبات


مشاركة منتدى

  • تحية طيبة وبعد
    أتقدم إلي الاساتذة الذين انجزو هذه الدراسة حول أدب الطفل في الجزائر ..
    يؤسفني أنني من بين ألأوائل الذين كتبوا أدب الطفل في الجزائر وذالك في بداية الثمانينيات القرن الماضي وكنت أول امرأه صدرت لها قصص لأطفال في الشركة الوطنية للنشر والاشهار منشورات ألأطفال .. وبعدها أنا من قمت بإصدار أول ملحق لأدب الطفل على مستوى جريدة الوحدة بعنوان ( الوحدة الصغير ) وبعد ذالك تطورت الفكرة وأسبحت مجلة ( رياض ) التي كنت أقوم بتحريرها وحدي مع مجموعة من الرسامين ولقت نجاحا كبيرا حتى على المستوى العالم العربي ..وأيضا شاركت بابداعاتي القصصية في برنامج ماما نجوة على مستوى القناة الأولي ألإذاعية .. وهناك أساتذة كبار شاهدون على ذالك .
    أتأسف كثيرا لان اسمي .. الأديبة ( سليمة مليزي )لم يذكر مع ألأدباء الذين كتبوا للأطفال من بعدي ببضعة سنوات .ومن بينهم الأخ والصديق عبد العزيز بوشفيرات الذي شاهد على أعمالي الابداعية للأطفال ؟؟؟
    لكن نحن في الجزائر كل شيئ بالمعرف لكنني انا والحمد لله راضية لما قدمته للأدب الجزائري ومازلت اقدمه حتى الان .
    سكرا لتقبلكم رسالتي واتمنى ان تقوم بتصحيح التاريخ ؟؟ لان التاريخ لم يخون أصحابة.
    السيدة والأديبة _ سليمة مليزي

    http://www.facebook.com/AlrbyAlthqafyوهذا الرابط لصفحتي (( الربيع الثقافي ) الثقافية والأدبية والابداعية

    • ادا أردتا ان تتمي مسنوي الا طقال ادبيا يجب تدعيمهم بالقصص مند الصغر أي مند الستوات الأولي ولا شك أن الأسرة لها الدور الكبير.هدا من جهة. من جهة أخري نلاحظ القصص الخاصة با الأطقال موجودة و متنوعة.لأنها تعتبرالانطلاقة الأولي للوصول الي مستوي يزيد قي تزويد الطقل الكثير من المفردات و المصطلحات .كتجربة شخصية مع أولادي لا يمر بوم بدون قصة وهدا انعكس علي مستواهم الداراسي .وتبفي التوعية لها الدور الكبير فاا الجو الأسري يساعد كثيرا قي غرس روح المطالعة قالأولباء ينتظرهم جهد كبير قي تطوبر مستوي الابناء .كما لا ننسي دور أدبائتا الجزائريين قي تزويد المكتبة الجزائربة بمختلف الكتب و الاستفادة من أفكارهم التي تخدم المجتمع.

  • السلام عليكم
    قرأت هذا المقال حول أدب الطفل هناك جهود كبيرة إلا أنها كل مرة تتوقف لإسباب موضعية وذاتية ومن الأسباب عدم الاهتمام بأدباء الأطفال وعدم مساعدتهم مادي وتشجيعهم وتكوين مؤسسة مستقلة تقوم برعاية الطفولة ، صحيح أن الدولة سابقا لم تدخر جهدا في دفع عجلة تطور أدب الطفل والاهتمام بالأدباء ولو بتكريمهم رمزيا والإشادة بهم وذكرهم في وسائل التواصل المكتوبة والمرئية وتخصيص لهم حصص في القنوات ، وتمر السنوات ويهمل أدب الطفل ، وتكون الساحة الثقافية خالية من أدب الطفل ومن الأدباء والطفل في حاجة ماسة للقصص والمسرحيات فهو يتفاعل معها ولقد مارست التعليم وحاولت أن أكتب للطفل وحققت نجاحا في مدرستي التي كنت أدرس فيها أطفال المرحلة الإعدادية ، قم بعد ذلك نجحت في مسابقة دولية كانت المشاركة حامية الوطيس حيث شاركت خمس دول الجزائر تونس المغرب ليبيا السعودية وكان ترتيبي السابع من 470مشارك ونلت شهادة تقدير من موقع الألوكة قصتي الخبر المغرور حيث حولت هذه القصة إلى مسرحية في مدارس في الجزائر ومصر وتونس وهذا أسعدني كثيرا وكان تجاوب كبير من المعلمين والأطفال ثم وصلت المغامرة وكتبت قصص كانت رائعة وبأسلوب شائق رفقة صديق مصري وعضو في تحاد كتاب العرب نشأت النادي ° ثم بفضل الله وعونه تم عرض قصصي في المعرض الدولي بالقاهرة آخر شهر جوان إلى منتصف جويلية 2021 ثم مرة أخرى أنشر قصصي في دار ومضة بجيجل الجزائر وكانت الطبعة منقحة ومدعمة بالرسوم وعنوان الكتاب : جمال الطرب للبراعم العرب ممتاز أسلوب شائق الدار اتي طبعت لي في مصر هي : دار مسار للنشر والتوزيع الزقازيق الشرقية وهناك مشا

  • السلام عليكم
    قرأت هذا المقال حول أدب الطفل هناك جهود كبيرة إلا أنها كل مرة تتوقف لإسباب موضعية وذاتية ومن الأسباب عدم الاهتمام بأدباء الأطفال وعدم مساعدتهم مادي وتشجيعهم وتكوين مؤسسة مستقلة تقوم برعاية الطفولة ، صحيح أن الدولة سابقا لم تدخر جهدا في دفع عجلة تطور أدب الطفل والاهتمام بالأدباء ولو بتكريمهم رمزيا والإشادة بهم وذكرهم في وسائل التواصل المكتوبة والمرئية وتخصيص لهم حصص في القنوات ، وتمر السنوات ويهمل أدب الطفل ، وتكون الساحة الثقافية خالية من أدب الطفل ومن الأدباء والطفل في حاجة ماسة للقصص والمسرحيات فهو يتفاعل معها ولقد مارست التعليم وحاولت أن أكتب للطفل وحققت نجاحا في مدرستي التي كنت أدرس فيها أطفال المرحلة الإعدادية ، قم بعد ذلك نجحت في مسابقة دولية كانت المشاركة حامية الوطيس حيث شاركت خمس دول الجزائر تونس المغرب ليبيا السعودية وكان ترتيبي السابع من 470مشارك ونلت شهادة تقدير من موقع الألوكة قصتي الخبر المغرور حيث حولت هذه القصة إلى مسرحية في مدارس في الجزائر ومصر وتونس وهذا أسعدني كثيرا وكان تجاوب كبير من المعلمين والأطفال ثم وصلت المغامرة وكتبت قصص كانت رائعة وبأسلوب شائق رفقة صديق مصري وعضو في تحاد كتاب العرب نشأت النادي ° ثم بفضل الله وعونه تم عرض قصصي في المعرض الدولي بالقاهرة آخر شهر جوان إلى منتصف جويلية 2021 ثم مرة أخرى أنشر قصصي في دار ومضة بجيجل الجزائر وكانت الطبعة منقحة ومدعمة بالرسوم وعنوان الكتاب : جمال الطرب للبراعم العرب ممتاز أسلوب شائق الدار اتي طبعت لي في مصر هي : دار مسار للنشر والتوزيع الزقازيق الشرقية وهناك مشا

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى