الأحد ١٣ أيلول (سبتمبر) ٢٠٠٩
بقلم إسلام فتحي

مشاعر فاسدة

أسند رأسه الي مقعده الجلدي وأطلق تنهيدة أخري وظل يعبث في سقف الغرفه وظلام الليل بعينيه وأنغام موسيقي (عمر خيرت) تتعالي مع أوجاعه ..

يؤنب نفسه عما اقترفه قلبه من حب جديد .. عاش هكذا لفترات طويلة دون أن يحب أو يسمح لإحداهن بالتلصص من بين عينيه لتراه حبيبا لها ..

ولكنه هذه المرة لم يستطع أن يمتنع ...

حول عينيه يمينا ليري ضوء الفجر الخافت قبل إعلان الشمس طغيانها علي كل ظلام يترائي إليه .. وتذكر هذا اليوم الذي علي وسطع فيه نجمه ..

جلس حول هذا الموقع الغريب المسمي (بالفيس بوك) يتابع محبيه وأصدقائه ويضحك حين باغتته رساله من تلك الفتاة .. تود ان تتعرف إليه وعلي الرغم من تمنعه عن هذه الأقعال الصبيانيه إلا أنه ..سعد بها ورحب كثيرا ولا يعرف سببا لهذه هذه المرة .. بعض الرسائل منها وبعض الردود منه رسمت طريقا مشرقا .. ترائي هكذا لهما .. وحددا موعدا ثابتا ليستقبل فيه رسائلها ويرد عليها في نفس الوقت لأنها كانت تدخل علي هذا الموقع من خلال تليفونها المحمول ..

بعض الأيام وكان لها ما لم يكن لغيرها أبدا.. هكذا صارحها (طالما سمحت لك بالتواجد في حياتي .. فلك ما لم يكن لغيرك علي الاطلاق)

لم يعرف أبدا سببا لهذا الانجذاب ..

تنفس بعمق وأسند رأسه مرة ثانية الي مقعده الجلدي وأغمض عينيه وتعالت أنغام موسيقي (الأيام) ودمعت عيناه دمعة وحيدة اخترقت بحزنها هذا الصمت الذي زرعه طيلة الليل بنجاح حتي أن نسمة الصيف الشاردة لم تستطع اختراقه برقتها ..وكم من حزن ٍ لا يُفهم إلا من نظرات الأعين ..فالقلب يعرف جيدا كيف يداري ما فيه والعين دائما تفضح سر الهوي ..

طلبت منه أن يرسل إليها رقم هاتفه .. ورحب ولم يلاحظ فرحته وفعله الطائش إلا عندما ظهرت علي الشاشه (تم ارسال الرساله) حملقت عينيه في الرسالة وتنهد في قلق ..

وبدأت أيام في الحب تمر به ..وكم هي معدودة أيام الهوي .. وكم تعاني الحرمان يا قلبي .. أياما قليله قضاها يتحدث إليها عبر الهاتف يحكي عن نفسه وتحكي له حتي أنه كان يستمع إلي دقات قلبه المسكين عندما ينطلق الهاتف بنغمتها التي خصصها لها .. كانت " إلا إنت " لنجاة الرقيقة ..

ذات صباح منتشي ببهجة الحب الوهمية ارتسمت النهاية .. خرج من مكتبه في الطابق الثالث مسرعا ليحادثها وهو في سيارته كما اعتاد .. استقل المصعد ومنه للشارع حيث تقف سيارته وقبل أن يدير مفتاحه .. أتت سيارة مسرعة وانقضت عليه .. حاول أن يتفاداها قدر ما شاء ولكنها أصابت قدمه علي كل حال بكدمات شديدة .. وعلي أثرها, جاءته الحمي علي استحياء .. تنهل منه كيفما شاءت .. اربعة أيام لم ينطلق تليفونه المحمول بنغمتها المخصصه .. تفقده مرات ومرات وهو في سريره يصارع وحدته وألمه .. بلا أمل ..

طلبها ذات مرة بعد أن تعافي .. وهو محمل لها بكل الأعذار .. فلو قالت أي شيء لكان قبله ..

الهاتف في وضع الانتظار .. الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل .. تري من تحادث في هذا الوقت ..!!

لم يجد إجابة شافية لهذا التساؤل ولكن انتظر حتي تنتهي من ساعتها التي تحدثت خلالها الي المجهول .. وكانت إجابتها بأنها إحدي صديقاتها .. وصدقها ..

هنا فتح عينيه فزعا وارتد علي أثر فزعته للامام ..(قالو لي هان الود عليه .. وراح وساب قلبك وحداني)

داعب جبهته بيديه ومسح علي ذقنه ودفن وجهه بكلتا يديه وأطلق الأسي في تنهيدة أخري ...

قال لها في نهاية المحادثة التي جمعت بينهم سأنتظر اهتمامك من جديد .. وتفسيرا لاختفاءك عني .. ووعدته .. مر يوما كاملا لم يجدي انتظاره شيء

.. اليوم الذي يليه .. دق قلبه بشده وانقبض عن شيء خفي لا يعلمه .. فأمسك بهاتفه وطلب رقمها بصورة لا إراديه .. شعر بأنها ليست علي ما يرام وأراد أن يطمئن عليها ليس أكثر ..

الهاتف في وضع الانتظار ..

عقد يديه خلف ظهره وجاب غرفته جيئة وذهابا ..وأعاد الكرة مرات ومرات .. عذرا حاول في وقت آخر ..فشبح الشك يعتلي صهوته الآن لينطلق من مربضه الي عنان الحب الوهمي الذي جمع بينكما ..

مرت الساعة الأولي وهو ينفث ألمه وشكه في كل تنهيدة تخرج منه .. ومرت الساعة الثانية بكل ألم .. ولا يزال الهاتف في وضع الانتظار ..

دمعت عيناه والشك يجوب عينيه .. هل لها أن تخون الشوق في عيني ..؟!

كيف وقد ملكتها هذا القلب الذي أتعبه الأنين والحزن طيلة الأيام الماضية ..

مرت الساعة الثالثة .. في تثاقل غريب ..

والهاتف الآن ليس في وضع الانتظار .. رنينه يتعالي أمامها الآن باسمه .. وكانت الصدمة الأولي التي تلقاها .. لقد رفضت مكالمته .. تشبثت عينيه بالهاتف وأوهم نفسه بأنها أخطأت الزر .. وأدار رقمها للمرة الثانية بعنفوان الشوق والخوف والضعف .. ورفضت للمرة الثانية .. وتعالي صوت الشك في صدره منتظرا حتي يأتيه اليقين ..

وبعد عدة مرات ..أجابته بكل قسوة تملكتها تنهره عما أرسله من رسالة يعبث فيها بكلامه واتهاماته لها بالخيانة وأنه لن يسامحها أبدا ..

طلب منها أن تقدم مبررا واحدا .. كان يستجديها بكل آيات الحب والشوق أن تقدم له ولو مبررا واحدا وكان سيتقبله .. ولكنها رفضت أن تخبره مع من كانت تتحدث طيلة هذا الوقت لتجبر القلب أن يستشعر الشك بمرارة .. ونفت أي احساس نما بينهما .. ونفت عنها أن تكون خائنة لأن الخيانة لا تصدر إلا من محبة .. وما أدراك أني محبة .؟

هنا سقطت دمعاته واحدة تلو الأخري في صمت ودون إشارة إليها بأنه يبكي .. هو لم يبكي خيانتها ولن يبكيها ولكنه بكي ضعفه ..

احتدم ضعفه وتربص بقوته المتلاشية وتماسك فأطلق كلماته كالسهام " أنا لن أنعيكِ يوما .. أنا أنعي قلبي الذي رفض كل من قبلك وحافظت عليه من الانكسار كثيرا حتي تكسريه أنتي .. أنا أنعي نفسي لأنني سمحت لك ِ بخيانتي ..هنيئا لكما الرقص علي أحزاني ..!!

ستعود يا قلبي وحيدٌ ..أنت كما أنت ..

واغلق الهاتف في دمع صامت .. وحاول أن يهدئ من انتفاض جسده قليلا دون نتيجة .. فكم خاف الفراق وكم بغض الخيانة .. وكم تكررت معه وكأنها تتربص به ..

تذكر حبيبته السابقة وقالت عيناه ما لم ينطق به اللسان (بعدك عانقني الإنكسار كآت ٍ من سفر طويل ..لم أستطع أبدا التخلف عنه ..حتي أحلامي بعدكِ بدت لي مشوشة كمن ينظر في مرآته من خلف رداء من الدموع..)

انتفض علي يد وضعت علي كتفه " ما الذي يؤرقك إلي الصباح.. ما بك؟؟

ليس هناك شيء يا أمي ..فقط لم يغازل النوم عيني ..وسأنام الآن ..

علّ الغد يأتيني ببعض مما أتمناه ويمسح النسيان بعض ما بي ..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى