الجمعة ٩ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم جمال عبدالرحيم

العادات

ـ العادات؟

بصقت الكلمة بصقا.. فلم تعد تحتمل سماع هذه العبارة.

فكثير من عادات أمها كانت تختلف عن عادات أبيها. وبعض ما كان في عرف أبيها عيبا كانت تعتبره أمها أصلا وتقليدا. وما كان يشيب منه شعر أمها، كان من مقدسات أبيها.. فنشأت تشمئز ممن عاب عليها أمرا متذرعا بالعادات. فمن سن العادات؟ ليس الله بالتأكيد.. فالله لن يأبه بموديل السيارة التي تنوي شراءها. ولن يبالي من أي محل تشتري أحذيتها وحقيبة يدها.وبالتأكيد لم ينزل تشريعا يفوض الناس أن يسنوا عادات يحكمون بها على تصرفاتها وسلوكها.
وتضحك بمرارة وهي تحدث صديقتها:

ـ بعض الناس يظنون أنهم خليفة الله في الأرض..

فقد نغص عليها بعض ناس أجمل لحظات حياتها بما سددوه صوبها من سهام مريّشة بالعادات.. وعابوا عليها أن تحيا هذه اللحظات كما تشتهي كل فتاة.

كانت قد سمعت به، فاستأنست بسيرته. ولما رأته خفق قلبها له، وشغفت به. ولما بادلها شعورها وتقدم لخطبتها، كانت فرحتها به عظيمة. آمنت أنه كان قدر الله لها. فكانت تباهي به نفسها، قبل أن تتباهى به أمام الناس. فنادرا ما تعارضت أو تصادمت أفكارهما. أو تباعدت مشاعرهما أو أحاسيسهما. بل كانا كلما ازدادا معرفة لبعضهما ازدادا حبا وهيما.. وتيما.
وعجبت من نفسها في البداية. فلم تكن تظن أنها ستسلك مدارج الحب في يوم من الأيام. بل كانت في ما مضى تعتبر أن الحب وهم.. شبح من الأشباح.. يتحدث عنه الناس. وكل يزعم أنه رآه..

ـ كنت أحسب أني سأتزوج زواجا تقليديا.. وقد لا أشعر بأي عاطفة تجاه شريك عمري..

ويرد عليها بشغف:

ـ اما أنا فقد كنت أبحث عنك في طيات القدر. وقد وجدتك!

ولم يسلما من ألسنة الناس. فاستفاقت من لفافاتها مومياءات عفنات بزراكش من عادات وتقاليد لم تستر لحومها المتساقطة. ونسجت حولهما قصص وتفاهات.

ـ وكأننا لسنا على أهبة الزواج..

ويرد عليها بعد تفكير..

ـ الناس تحب الفضائح.. وفضيحتنا أننا لم نرتكب ما ينزلق بنا إلى أوحال الفضيحة..

وضحكت من تفسيره.

ـ لا يوجد عادات.. إنما هي أهواء الناس..

ويسألها وهو يبتسم:

ـ وهل تبالين حقا؟

وتنظر في عينيه بشغف.

ـ من؟ أنا أبالي؟

وتدفن رأسها في صدره..


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى