الثلاثاء ١٣ تشرين الأول (أكتوبر) ٢٠٠٩
بقلم أنور خالد أحمد

بــيـروت

1979م
أدوارسُ الأطلالِ تنتظرُ الفنا
أم تـلك عند المنحنى بيروتُ
أقوَتْ وشرَّدتِ السنونُ رجالها
وكذا النسـاءَ فـما لهنَّ بيوتُ
ما بالُ جوهرةِ الشآمِ وأهلها
قد صابها بعد الضياءِ خبوتُ؟
أأصابها غضبُ الالهِ فزُلزِلتْ
أم صبَّ فيها سحرهُ هاروتُ!
 

 
كم طفـلةٍ غـدَر الزمانُ بأمِّها
وبوالـدٍ قـد ضمّـَهُ تـابوتُ
تتدفق الدمعاتُ عـبر خـدودها
في الدمع يظهرُ حُزنها المكبوتُ
لا تعرف الفرح َ الجميلَ عُيونها
والسـعدُ دوماً عندها ممـقوتُ
وبوجهها دوماً سـؤال ٌحـائرٌ:
أين المبيتُ اليـوم أين القـوتُ؟
مـا إن أعاينها تضجُّ مشـاعري
وتكاد روحي أجـلَ ذاك تفوتُ
 

 
بيروت ما لي قد رأيت على الربى
زهراً تـجف جـذورهُ فيمـوتُ!
ورأيتُ أيدي الظلمِ تبطشُ بالورى
فـأنا لـذلك واجــمٌ مـبهوتُ!
أين الجـداول والخمائل أين من
تلك الـوداعةِ ذلكَ الـجبروتُ!
أسفِي على تلك الرياضِ ونبتِها
ذبلَ البنفسجُ و الجَـنَى والتوتٌ!
كم مازجتْ ريحُ الخُزَامى نشرَها
فتعـطرتْ دورٌ بـها وبـيوتُ
لـتشُـكَّ إن مرَّتْ وكنتَ مصلياً
أقـنَتَّ أم بالصـلاةِ قــنوتُ!
 

 
يا صاحِ إمَّا سالَ دمعُك جارياً
فاعـلم بأنَّك بالجفـا منعوتُ
سالت دمـاءُ الأبرياءِ جـداولاً
وتهدمـتْ من أصلـها بيروتُ
هُدمت بـيوتُ الله بين عـشيةٍ
وضحىً وحـل محلها طاغوتُ
والعلم قد هُـدَّتْ صُروحُ بنائهِ
وأصـابه من بعد ذاك سكوتُ
فترقرق الـدمعُ السخين مردداً
أتموتُ فـاتنةُ الـرُّبى فنموتُ؟
 

 
بيروتُ ما هذا الدمـارُ بـدائمٍ
بل تلكَ حـال ٌتـنقضي وتفوتُ
ستعـود تبتسـمُ الورودُ وينتهي
هذا الخـرابُ القـاتمُ الممقوتُ
وتعـود تمتلئُ الحقـولُ نضارةً
ويشـيَّدُ المحرابُ والحـانوتُ
وتعـود ذاتُ الدلِّ تلبس ثوبها
فيضجَّ في أذيــاله الياقوتُ
وتعـود بِيضُ الوُرقِ تنشدُ لحنَها
فيميلُ غصنُ الـبان ِثم الـتوتُ
فيغمغمُ الـوترُ الـمُرنَّحُ هامساً
لله مــا أحــلاكِ يا بيروتُ!
1979م

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى