الخميس ١٢ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠٠٩
بقلم محمد فهمي العلقامي

أنا وهم والقطار

استيقظت مبكرا في ذلك اليوم المائل للحرارة قليلا في بدايات الصيف...حاولت

التأنق والتعطر قدر استطاعتي...ثم خرجت مسرعا أمتطى قدمي إلى المكان

المخصص لسيارات الأجرة في بلدتنا الصغيرة القريبة إلى حد ما من القاهرة

..وبصعوبة بالغة دفعت بنفسي وسط كومة من البشر داخل إحدى السيارات

حيث امتزجنا كخليط يصعب فصل جزء منه عن بقية الأجزاء...وضاعت لمسة

العطر التي أجهدت نفسي أن تبقى معي حتى النهاية...

وأخيرا وصلت بنا السيارة إلى محطة سكك حديد مصر –أو محطة مصركما يطلقون

عليها –حيث وجهتي التي خرجت من أجلها....حيث أن ذلك اليوم هو الموعد الذي

حددته الدولة لتجربة أحد قطاراتها الجديدة..ولفرط عشقي للقطارات كنت متابعا

جيدا لأخبارها وجديدها وكل ما يتعلق بها..ربما لأن تلك القطارات تشبهنا نحن بني

البشر إلى حد بعيد..وكان لابد لي أن أحضر تلك التجربة الفريدة...وذلك هو سر

تأنقي وتعطري حتى أبدوا كواحد ممن سيحضرون هذه التجربة.............

وقفت أصلح من هندامي وهيئتي التي ضاعت بعض ملامحها أثناء الطريق..

وجدت المكان وقد امتلأ بألوان من البشر منهم من يشبهنا في الهيئة والهندام

وآخرون شعرت أنهم أتوا من مكان غير المكان وزمان غير الزمان لم أر مثلهم

سوى على شاشات التلفاز..وعندما اقتربت منهم وجدت أن رائحتهم أيضا تختلف

عما نحن عليه –حتما لم يأتوا من بعيد كما أتيت –

حاولت تصنع الهيبة والوقار ودسست نفسي معهم كي أقترب أكثر و أستطيع رؤية

القطار من قريب....
ياللروعة والجمال قطار رائع وكأنه مركبة فضائية بديعة الصنع والألوان إنه

يختلف تماما عما نستقله من قطارات..بدأ هؤلاء القوم يتجهون صوب القطار

حيث يستقلونه في رحلة من القاهرة إلى الإسكندرية حيث التقييم والتقرير.

بدأت أقترب شيئا فشيئا وعندما هممت بالدخول كان رجال الأمن لي بالمرصاد...

لماذا لم يسمحوا لي بالدخول؟ وكيف عرفوا اننى لست من هؤلاء القوم؟

وغلقت الأبواب واستعد القطار للانطلاق.......قررت أن الحق بالرحلة بأي وسيلة

كانت....تسللت خلف القطار حتى بات على وشك الرحيل..تسلقت الدرج الخلفي

للعربة الأخيرة وانطلقت معه...

ما هذه السرعة التي يسير بها..إنها أسرع من قطاراتنا بعشر مرات..لا عشرون

مرة....حقا لا أدرى كم ولكنها بالقطع أسرع...

إنه يقترب من قريتي ولكنه مر عليها ولم يأبه بها وكأنها سراب غير كائن....

أشعر أنني أكاد أطير وأنا متشبث بكلتا يدي على الباب الخلفي للقطار...

ها هو يقترب من إحدى المدن الكبرى –ياللعجب-لم يأبه بها هي الأخرى يبدوا أنه

لا يعبأ بأحد سواء أكان كبيرا أم صغيرا....يسير ويعرف وجهته جيدا وماذا يريد

ومتى سيصل.....

قبعت أنا هنا وهؤلاء القوم بالداخل....ترى هل يرون نفس المشاهد التي أراها أم

أن عيونهم أيضا تختلف عنا كما تختلف الرائحة!!!!!!!!!!!

ما تيقنت منه حقا أننا جميعا سنصل في وقت ما إلى نفس المحطة.........


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى