الثلاثاء ٢ أيار (مايو) ٢٠٠٦
بقلم محمد أيوب

العربي في الأدب العبري

تمهيد:

لا يكاد يذكر اليهودي إلا ويذكرفي مقابله الفلسطيني والعربي، فهما قطبا مغناطيس لا يلتقيان ولا يفترقان وهما مجبران على العيش معاً، منذ حاول الغرب حل المشكلة اليهودية على حساب الشعب الفلسطيني بحجة أن فلسطين وطن بلا شعب، واليهود شعب بلا وطن وقد جاء وعد بلفور سنة 1917 تتويجاً لجهود متواصلة بذلها بالأصل أشخاص من غير اليهود، وإن كانوا من المعدودين على الفكر الصهيوني، فقد قرر اللورد بالمرستون (1784ــ 1865)، الذي شغل منصب وزير خارجية بريطانيا، قرر أن يستخدم اليهود مخلب قط ضد العرب، [1] وفي عام 1880 "نشر أوليفانت وبمبادرة من جانبه كتاباً نادى فيه بالاستيطان اليهودي وإن كان قد استخدم مصطلحاً دينياً أكثر منه سياسياً، وفي عام 1882 استقر أوليفانت في فلسطين ومعه سكرتيره اليهودي نافتالي هير زامبير، مؤلف نشيد هاتكفا(الأمل) الذي أصبح النشيد الوطني الصهيوني(ثم الاسرائيلي فيما بعد) ومن الطريف أن هذا الصهيوني غير اليهودي، قضى بقية حياته في فلسطين مستوطناً، يروج لفكرة الاستيطان اليهودي في حين هاجر مؤلف النشيد الوطني الصهيوني إلى الولايات المتحدة لأنه لم يطق الحياة في أرض الميعاد" [2].

وقد خصص ساسة الغرب الكثير من الوقت و الجهد لخدمة الصهيونية، ومع ذلك بقي الأديب الغربي ممثلاً صريحاً لوجهة النظر غير الرسمية، فقد رصدت الرواية الغربية الشخصية الصهيونية بشكل دقيق [3].

وقد تنازع اليهود اتجاهان:

الاتجاه الأول: الاندماج في المجتمعات التي يعيشون فيها بحيث يصبحون مواطنين عاديين لهم ما لبقية المواطنين من حقوق، وعليهم ما على الآخرين من واجبات، و قد طرحت الثورة الفرنسية على اليهود أن يصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى، [4] كما دخل اليهود الخدمة المدنية والقضائية، فكانو يشكلون 58% من مجموع الموظفين والقضاة كما انتخب كثير من اليهود في المجالس النيابية والبلدية، ومنحتهم االحكومة النمساوية حقوقهم السياسية الكاملة سنـ1849ـة " [5].

وقد قاد هذا الاتجاه الارستقراطيون الذين كان الاندماج لا يؤثر عليهم اقتصادياً، لأن خبراتهم كانت من النوع المطلوب لأن معظمهم من الأطباء والمهندسين والمحامين [6]. "ويعد موسى مندلسون (1829ــ1786) الفيلسوف اليهودي الألماني، فيلسوف التنوير اليهودي بالدرجة الأولى، فقد حاول أن يحطم الجيتو العقلي الداخلي الذي أنشأه اليهود داخل أنفسهم لموازنة الجيتو الخارجي الذي كانوا يعيشون فيه" [7] وقد طالب بعض الاصلاحيين ودعاة التنوير بالتخلي عن فكرة شعب الله المختار، تلك الفكرة التي عمقت عزلة اليهود. [8]

وقد كانت النقطة الحاسمة في حياة يهود أوروبا هي رغبتهم في الاندماج في المجتمعات الغربية، وعندما يسود الوئام بين اليهود و أبناء تلك المجتمعات يصبح اليهود جزءاً من هذه المجتمعات، أما في حالة الاختلاف فإن بعض اليهود ينكفي على ذاته ويصبح صهيونياً. [9] وقد انفجرت مشكلة اليهود في روسيا بعد ضمها جزءاً من بولندا تقطنها أعداد كبيرة من اليهود، وبدأت دول شرق أوروبا(روسيا وبولندا) بتصدير الفائض الانساني من اليهود إلى دول الغرب التي لم تعد مجتمعاتها بحاجة إلى اليهود، فلم تعد المجتمعات الأوروبية مجتمعات إقطاعية متخلفة يمكن لليهود أن يعيشوا بين ظهرانيها كما في الماضي، فقد دخلت المجتمعات الأوربية عصر التحديث، وبالتالي لم ترحب بأقلية لا يمكن الاستفادة من أعضائها ومن هنا جاء التفكير بإبعاد اليهود عن أوروبا إلى أي منطقة في العالم [10].

وبانحسار تيار التنوير ظهر الاتجاه الثاني:

الاتجاه الثاني:

وتزعم هذا الاتجاه الكاتب السياسي والداعية الصهيوني بيرتي سمولينسكين (1842ــ1885)، فقد حاولت اليهودية توحيد اليهود عن طريق نوحيد الشعائر التي تؤكد الانفصال، ومن أهم الأفكار اليهودية عقيدة الماشيح، حيث يعتقد اليهود أن الماشيح ملك من نسل داوود سيأتي في نهاية التاريخ ليجمع شباب اليهود ويعود بهم إلى الأرض المقدسة ويتخذ أورشليم عاصمة له، ويعيد بناء الهيكل، وقد ألغت هذه العقيدة الإحساس بالانتماء الاجتماعي والتاريخي عند اليهود، كما أضعفت الإحساس بالمكان وبالانتماء الجغرافي لديهم، وقد كان اشتغال اليهود بالتجارة سبباً في تنمية عقيدتهم الماشيحانية، فالتاجر لا وطن له [11].

وقد وسم اليهود في تلك ا لفترة بالتخلف، وتدني مستواهم الحضاري في الجيتو، كما أن أفكارهم كانت سخيفة، فقد ثار بينهم جدل حول ما إذا كانت الأحجبة التي يبيعها أحد الحاخامات تحتوي على الماشيح الدجال(شبتاي تسفي) أم لا، كما أن اسحق دويتشر طولب بتوضيح ما إذا كان من الحلال أن يأكل اليهودي بصاق طائر الكيكي يو الذي يأتي كل سبعين عام مرة ليبصق على العالم [12].

وقد ساعد على نمو هذا الاتجاه الانعزالي أن أغلبية اليهود كانت تنتمي إلى طبقة البرجوازية الصغيرة، التي لم يعن الاندماج بالنسبة لها سوى الهبوط في السلم الاجتماعي إلى مرتبة البروليتاريا أو البرجوازية الصغيرة لأن المجتمع ككل لم يكن بحاجة إليهم، ولهذا فإن الحياة داخل أسوار الجيتو لم تكن بالنسبة لهم سيئة لهذا الحد، وهذه الجماهير البرجوازية الصغيرة التي اعتمدت عليها الصهيونية، وكل الحركات القومية اليهودية الأخرى، وهي الجماهير التي تحمست لإنشاء أكبر جيتو في العالم: الدولة اليهودية" [13].

وقد ذهب موسى هس في نفس الاتجاه بعد أن كان ثورياً وصديقاً لكارل ماركس، و قد أعلن في بداية حياته أن (الدين اليهودي والشرع الموسوي قد ماتا) ولكنه يعلن توبته بعد ذلك، ويتحول إلى فيلسوف للنكسة التي أصابت حركة التنوير [14].

ولكن دعاة الصهيونية وروادها لم يجعلوا من الدين قضيتهم المركزية فهم لم يعيروا اليهودية أي التفات إلا باعتبارها مشكلة تبحث عن حل، وقد تعمد هرتزل انتهاك الشعائر الدينية اليهودية كما عبر ماكس نوردو عن قناعته بأن التوراة "طفولية بوصفها فلسفة" و"مقززة بوصفها نظاماً أخلاقياً." [15]، فالحركة الصهيونية إذن حركة لا دينية، لم تكن تهتم إلا بايجاد مكان يأوي إليه اليهود، فقد ربطوا قضية مكان إقامة دولتهم بالعوامل المناخية والاقتصادية، حيث ركز هرتزل على إقامة الدولة في منطقة متنوعة المناخ يوافق اليهود القادمين من مناطق مختلفة " وحتىعندما وقع الاختيار على فلسطين فإن هرتزل لم يأل جهداً في تأكيد الطبيعة اللادينية لهذا الاختيار، إذ أخبر البابا بيوس العاشر أن الصهاينة لا يطالبون بالقدس أو مثل هذه الأماكن المقدسة، وإنما ينصب جل اهتمامهم على الأرض العلمانية فقط" [16] وكان هرتزل ومعه المؤتمرالصهيوني السادس سنـ1903ـة قد وافقوا على إقامةوطن قومي لهم في أوغندا، حيث وافق المؤتمر على ذلك بأغلبية 295 صوتاً مقابل 17 صوتاً [17].

ومع ذلك وجدنا أن المؤرخ الروسي اليهودي (سيمون دوفنوف) يؤكد أنه "ليس هناك ما يدعوا إلى إنشاء دولة يهودية مستقلة أو العودة إلى أرض الميعاد أو إلى إحياء اللغة العبرية" [18] وكذلك رفضت جماعة أغودات إسرائيل قيام إسرائيل وربطت ذلك بمقدم الماشيح، ولكن هذه الحركة تعاونت مع المستوطنين وانضمت إلى أول حكومة إسرائيلية بعد قيام إسرائيل [19]. ولم يتورع الصهاينة عن التعاون مع النازية في سبيل تحقيق حلمهم، فقد "أبدى النازيون اهتماماً كبيراً بالمشروع الصهيوني وتعاونوا في وضع هذا المخطط موضع التنفيذ، بل إنهم درسوا ثلاث خطط لتوطين اليهود في سوريا وأكوادور ومدغشقر، بيد أن السلطان العثماني رفض أن يبيع فلسطين [20]. وبعد ذلك حاول هرتزل إقناع بريطانيا بأهمية إنشاء وطن قومي لليهود عند ملتقى مصالح مصر مع الهند وإيران. وقبل البدء بدراسة الشخصية اليهودية في الرواية الفلسطينية لابد من التطرق إلى صورة العرب في الأدب العبري (الإسرالئيلي) ثم الانتقال بعد ذلك إلى مناقشة شخصية اليهودي في الأدب الغربي، وكذلك في الأدب العبري لبيان كيفية تصوير هذه الشخصية من قبل وجهات نظر مختلفة.

أولاً: شخصية العربي في الأدب العبري:

قبل الحديث عن شخصية اليهودي في الرواية الفلسطينية لابد من الحديث عن شخصية العربي في الأدب العبري، حتى تكتمل الصورة، وحتى يكون البحث موضوعياً، ويصبح بالامكان عقد مقارنة صحيحة بين رؤية الطرفين، كل منهما للآخر، وأيهما كان أكثر موضوعية وإنصافاً في رؤيته للآخر، ولم يخل تصور أي من الطرفين للآخرمن التأثر بالأفكار والأيديولوجيات التي كانت سائدة لدى كل طرف، كما أن هذا التصور قد تأثر بطبيعة الصراع القائم بين الطرفين، ففي عام (1843) صدرت أقدم دعوة في التارخ لتوطين اليهود في فلسطين من قبل، شخصية يهودية صهيونية: الحاخام يهودا القلعي، وفي عام 1799 صدرت أول دعوة رسمية عن رئيس دولة غربية (نابليون) لتوطين اليهود فيفلسطين [21]، وقد ظهر الصراع بين العرب واليهود إلى حيز الوجود سنــ1882ـة بعد قدوم بعض اليهود من أعضاء أحباء صهيون، وإعلانهم أن هدفهم هو إحضار اليهود إلى فلسطين وإقامة دولة لهم فيها [22]، وقد استند كتاب اليهود في دعمهم لأهداف الحركة الصهيونية إلى نظرية فراغ فلسطين طيلة الألف أو الألفي عام الماضية، فقد بنى أوريس مقولة فراغ فلسطين على أن الحروب الصليبية قد قضت على الوجود العربي في فلسطين [23]. ولا تتحدث يائيل ديان في روايتها الغبار سوى عن الصحراء وفضاءاتها الفارغة لتأكيد نظرية فراغ فلسطين، فقد "كانت الخضرة أجنية بالنسبة للمكان، كالآلات والناس، وفي المساء أضيف لهم صوت مولد الكهرباء ...... والوجود العربي في هذه الرواية وجود غائب كثيراً ما يطرح بصورة بدو، فنحن لا نلتقي أي عربي في غبار حتى بصورته البدوية، بالرغم من أن الأحداث تجري في الصحراء العربية .. كل ما يقال لنا هو أن ليني اختار موضعاً قريباً من خيام البدو." [24]

وقد حاول عدد من الكتاب اليهود التهرب من هذا المأزق فجعلوا أحداث رواياتهم تدور في بلدان أوروبية بعيداً عن فلسطين لتأكيد موضوعية التنافر الحتمي بين اليهود والأغيار، أما إذا جرت الأحداث في فلسطين فإن الطرف الآخرإما بريطاني أو تركي أوحتى روسي،أماالعرب باعتبارهم بعضاًمن الأغيار، فلا يظهرون إلا في حالة التلاشي العربي [25].

وقد ركز أوريس على وقتية الحضارة العربية وزوالها، ويصل به الأمرإلى حد محاولة الايحاء للقارئ أن اليهود يقفون وراء الحضارة العربية [26]. وما ادعاء بيغن رئيس وزراء إسرائيل بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد ببعيدة عن هذا الاتجاه، فقد ادعى بيغن أن اليهود شاركوا في بناء أهرامات الجيزة في مصر.

وفي سبيل تأكيد نظرية الفراغ هذه يشير كتاب اليهود إلى أن الأتراك عندما احتلوا فلسطين لم يجدوا فيها من يستطيع مقاومتهم، بل إنهم حاولوا اختصار القومية العربية التي بدأت بالظهور إلى مجرد تنافس وصراع بين أسر الأفندية والشيوخ ورجال الدين [27]. وقد تجنب معظم الكتاب اليهود التعرض لشخصية العربي الفرد، فقد رسم هؤلاء الكتاب شخصية نمطية للعربي تأثرت بآرائهم المسبقة تجاه العرب، فقد جاءت هذه الشخصية النمطية شخصية سلبية كما في روايات شاحم و تموز، و قد قدما بالمقابل شخصية نمطية إيجابية لليهودي [28].

ولا تستمد الشخصيات العربية في الأدب العبري من واقع قائم، وإنما تستمد من "تلافيف العقل الصهيوني، ومن أدنى المستويات الاجتماعية وأشدها بدائية وتخلفاً وبعداً عن مقومات ومستلزمات نشوء مجتمع بشري مستقر." [29] ولا تتجاوز تلك الأنماط مرحلة البداوة علماً بأن نسبة البدو إلى مجموع سكان فلسطين من العرب لا تزيد عن 6.4% حسب سارة غراهام في كتابها(الفلسطينيون ومجتمعهم) [30] وقد اختلفت شخصية العربي باختلاف الكاتب اليهودي الذي يتعرض لها، فقد اعتبر الكتاب اليهود القادمين من الخارج أن العربي مضطهِد (بكسر الهاء) يكمل دور الأغيار في الخارج، وقد تأثر هؤلاء الكتاب بالتجربة البلشفية والأوكراينية، وقد ظهر المضطهد العربي (بكسر الهاء) في أعمال أدباء الهجرة الثانية الذين أشاروا تلميحاً إلى أن إسرائيل لا تعدوا كونها غيتو جديداً لليهود [31].

أما الكتاب اليهود من مواليد فلسطين فقد آمنوا بعقلية العربي والبنية الاجتماعية والأسرية العربية [32]. وقد تراوحت شخصية العربي بين طرفي نقيض هما:

1 - الشخصية السلبية:

تعمد الكتاب الصهاينة تشويه العربي والشخصية العربية خدمة لأغراض الحركة الصهيونية، وقد تأثرت أجيال الشباب بتلك الصورة التي قدمها الأدباء الصهاينة للعربي، ففي بحث ميداني أجرته الدكتورة مينا تسيمح سنــ1980ـة لحساب مؤسسة فان لير تبين أن 14% من الشباب اليهود لديهم موقف سلبي من العرب، بينما كان 13% يتخذون موقفاً إيجابياً وهم من أصل غربي، بينما وقف ما يزيد عن 70% موقف المتردد [33]. ويعيد هارإيفن سبب المظاهرالسلبية ضد العـــرب عند الشبــاب اليهود، إلى خلو المناهج التعليمية في إســرائيل من برامج تتعلق بمعاملة العرب الذين يشكلون سدس السكان [34]. والصحيح أن المناهج في إسرائيل وكذلك كتب الأدب العبري توجه الشباب اليهود إلى احتقار العرب والتقليل من شأنهم فليست هناك دعوة إلى التسامح مع العربي باعتباره مواطناً له حقوق المواطنة الكاملة، فقد صورت القصص العبرية بين 1948ــ1967العربي في أبشع صورة، فقد كان العربي في الأدب العبري يشكل كابوساً مزعجاً، تسيطر عليه نزعات الشر والعدوان، ويهدد كيان إسرائيل وحضارتها [35]. وقد استمد هرتزل "تصوراته لمستقبل المنطقة ومستقبل العرب من وهم الاعتقاد بأن دور العرب في التاريخ لا يزيد عن استبدال سيد أعجمي بسيد أجنبي، وأن السيد الجديد لابد أن يكون المستعمر الصهيوني الذي أفرزته الحركة الاستعمارية إبان القرن التاسع عشر." [36]

ولعل المبالغة في الاستهتاربالعربي وتحقيره تأتي ضمن سياق محاولة تبريرعملية الاجتثاث للعرب، ورفض إيجاد مجال للحوار بين الطرفين، [37] وقد تصورعجنون العربي على أنه عقبة ومصدرإزعاج حتى بالنسبة للرابي الذي يعظ الناس. [38] والعربي لص وقاس حتى بالنسبة للقمح الذي يطحنه، فرغم حصوله (العربي) على أجرة مرتفعة فإنه لن ينتج عن هذا الطحن سوى قليل من الدقيق [39]. ويترك للقارئ أن يستنتج أن العربي لص، وعجنون يحمل نظرة معادية للعرب،إذ أنه يعتبرهم حجرعثرة في طريق الاستيطان اليهودي، ورغم تعصبه وتدني مستواه الأدبي فإنه يمنح جائزة نوبل في الآداب سنـة1966. [40]

والعربي عند يهودا بورلا" مجرد من الشعور القومي، فيه جشع للمال ،يميل إلى الخيانة كي يحصل عليه، بينما اليهودي مضح، منكر للذات مخلص في أداء واجبه." [41] والعربي حيوان جنوس، كما يصوره الأدب العبري، ذلك أن توجه الرجل العربي إلى المرأة هو توجه جنسي مجرد يهدف إلى الإشباع الجنسي و لذلك فهو مزواج يحب تعددالزوجات [42]. والعرب سمان مترهلون، تتدحرج كروشهم أمامهم إن مشوا ، سحنتهم داكنة قبيحةالمنظر، كانت وما زالت مراتع خصبة للجدري والملاريا والجذام وأمراض أخرى تفرز في ظل التخلف، وعيونهم مواطن للتراخوما والعمى..... حتى الصور الفولكلورية التي يفترض أن تحمل صوراً جمالية معترفاً بها إنما هي بقدر تعلق الأمر بالعرب، تعبير عن وجود مختصر آفل، بل وحتى الوجود المادي نفسه ممثلا بقلة هائمة في الصحراء دونما هدف، لتؤكد المقولة الصهيونية المدعاة حول الموت والفراغ الفلسطيني." [43]

ولا نجد في الأدب العبري شخصية عربي يعمل طبيباً أو مهندساً أو أستاذاً جامعياً أو أديباً، ولا نجد كذلك في الأعمال الأدبية رجل قانون عربي أو عالم آثار، وحتى لو وجدنا مثل هذه الشخصيات فهي دون نظائرها من الأجانب أو اليهود [44]. وقد بلغ السخف ببعض الكتاب اليهود إلى درجة تصويرالفلسطينيين على أنهم تحالفوا مع اليهود ضدالعرب الغزاة [45]. والعربي شاهد زور، أصبحت شهادة الزور جزءاً من شخصيته، وهو قاتل بحيث أصبحت الجريمة طبيعة له، وهو متزلف وغادر، متخلف ومسترخ، ومعظم الرجال العرب إما لوطيون أو عاجزون جنسياً والنساء العربيات سلعة تباع وتشترى [46]. وقد وضع بلانكفورت العرب في مرتبة أدني إلى الحيوانية منها إلى البشرية، والعربي الذي يحظى بنوع من الاعتراف من قبل الصهيونية إنما يعكس الموت الروحي وتلاشي الروح القومية، ويقدم على أنه موال لإسرائيل [47]. والعربي يحمل عوامل فنائه في داخله حسب نظرية التطور والارتقاء [48]. فهو يجيد الجريمة ومهاجمة اليهود واختطاف اليهوديات وإنشاء المباغي التي يديرها الروس [49]. والعربي مهزوم دائماً في أي صراع مع اليهود، لا يصوره الكتاب إلا مهزوماً من قبل الأبطال المراهقين عن طريق تصوير آثار الدمار و الخراب والدخان [50]." وانسجاماً مع هذه النغمة تقول ليزل غورس إن الجنود العرب عادة أميون، وهم لا يهتمون بالقتال والعديد منهم فلاحون. وهم مرضى جداً وشديدوا الهزال، كما أنهم على درجة من اللا إبالية بحيث أنهم لا يهبون للقتال ما لم يكونوا محاصرين في زاوية، أما الضباط والرتب الأعلى فمهمتهم إصدار أوامر الهزيمة." [51] وتصل المبالغة بهؤلاء الكتاب الصهاينة إلى درجة تصوير العربي بأنه عندما يتمطى إنما يستسلم لأحد ما، ولأنه انهزامي بالفطرة فهو مستعد دائماً للاستسلام [52].

أما آرثر كوستلر في روايته (لصوص في الليل) فهو يقدم لنا سكان قرية عربية كاملةعلىأنهم أميون وبهاليل [53]. وإمعاناً في تصوير تخلف المقاتل العربي وتشويه صورته يقول أوريس: "إن القاوقجي قلب كل بلاليع دمشق وبيروت وبغداد ليجند حثالة الإنسانية من لصوص وقتلة وقطاع طرق وتجار مخدرات ورقيق أبيض." [54] كما صورالضباط العرب وهم يقاتلون بالسيوف فيطلق اليهود عليهم النار ليتساقطوا كسيقان الحنطة عند الحصاد [55]. ولكن الحقائق لابد وأن تتكشف، ففي شهر إبريل سنــ1948ـة "علمت المخابرات العسكرية الأمريكية من الوكالة اليهودية أنه قد تم تجنيد مائة ألف جندي، وعندما نشبت الحرب كان مجموع الجيوش العربية التي اشتركت في الحرب لا يتجاوز عشرين ألف عسكري، أما الفدائيون فلا يزيد مجموعهم على ثلاثةعشر ألف مقاتل في فلسطين، وميليشيا من خمسين ألفاً، ويقول السيد غرين: "لقد تفوق اليهود على العرب في العدد سواء في القوات النظامية أو غير النظامية بنسبة 1:3 وقال تقرير المخابرات إن اليهود يتمتعون بالتفوق في العدد والسلاح والتدريب و النظام والقيادة والخبرة القتالية، والمخزون من السلاح والذخيرة، وحينما قاربت المعركة الأولى على النهاية قامت الخابرات بتصحيح تقديراتها فقالت إن اليهود قادرون على تعبئة (185) ألف مقاتل بينما لا تتجاوز قدرة العرب (140) ألفاً" [56] كما كانت أسلحة العرب تتنوع بين فرنسية وبريطانية، وقد كان كل جندي أردني يمتلك اثنتي عشر رصاصة فقط عند إعلان الهدنة [57]. في حين كان الجيش الإسرائيلي غنياً بالقوات المتمرسة، ومعززاً بمئات العساكر الأجنبية ومزوداً بالأسلحة الفتاكة، كما استخدمت اسرائيل ما يزيد على تسعين طياراً أجنبياً من أمريكاوجنوب أفريقيا مقابل مرتب شهري قدره أربعمائة دولار، في حين لم تكن قوةالطيران المصري تستحق الذكر [58].

وبعد ذلك يتجرأ الكتاب اليهود على وصف الجندي العربي بالجبن، وأن الجنود العرب يبقون في مواقعهم لأنهم مقيدون بالسلاسل [59]. وقد صور عاموس عوز الكيبوتس محاطاً بالبدو والثعابين، حيث يرمز البدوي للعالم العربي، والعربي عنده تجسيدٌ آخر للبوم وبنات آوى والذئاب، والثعبان يكمل دور العربي ويشكل خطراً وكابوساً للكيبوتس وسكانه [60]. وقد بلغت العنصرية بالمجتمع الإسرائيلي إلى درجة نبذ النساء اللاتي يتزوجن من عربي، فهذه شوشانا في قصة "حماية" لسامي ميخائيل تعاني من أزمة وتصبح في حيرة من أمرها بعد زواجها من العربي فؤاد [61].

2 - الشخصية الإيجابية:

حاول بعض الكتاب اليهود الخروج عن الخط التقليدي السائد في الأدب العبري حيث حاولوا تقديم شخصيات فردية عربية، بدلاً من الشخصية النمطية، فقد تصدى يتسحاق شامي إلى وصف العربي كفرد، فوصفه وصفاً خارجياً و جسدياً [62]. كما شذ بنيامين تموز عن الأدباء اليهود بإختيار شخصيات عربية متمدنة ومثقفة [63]. وقد شعر بعض الكتاب اليهود بالذنب تجاه العربي، فقاموا بكتابة بعض القصص التي يعترفون خلالها بما ارتكبه اليهود ضد العرب، فقد " شكلت القرية العربية الخالية على الدوام وثيقة تاريخية في أدب الستينات، وهذا ما سبق أن حدث في الأعمال الأدبية لكتاب الخمسينات (س. يزهار في قرية خزعة، وتموز بنيامين في حكاية شجرة الزيتون) " [64] ولم يركز أي من الكاتبين على حرب عام 1948 كحرب تحرير قومية، بل اعتبرا أنها حرب لا مبرر لها من النواحي الإنسانية والأخلاقية حيث اليهودي المدجج بالسلاح مقابل العربي الأعزل [65]. وقد تعاطف شامير مع العربي ضد اليهودي المستغِل وذلك من خلال انحيازه لصرخة الكادحين المظلومين بغض النظر عن قوميتهم [66]. كما لم يخف تموز من تعاطفه مع عرب القرية الذين طردوا من أراضيهم في قصته شجرةالزيتـون، كما أنه لا يخفي نفوره من المهـــاجرين الجدد الذين استولواعلى أراضي العرب، وقد جعل شجـــرة الزيتون رمزاً لعراقة أصحابها، فالعربــي عريق في هذه البلاد وتضرب جذوره فيها كما تضرب شجرة الزيتون جذورها، وهو يعتبر العرب أبناء البلاد الحقيقيين بينما اليهود غرباء عنها [67]. وقد تبرأ كل من يزهار وتموز وعوز وشامير ويهوشوع وبن نير وميخائيل من الدور الاجتماعي والقومي للأدب كما عارضوا الصهيونية بعد خيبة أملهم منها [68].

وقد اعتبر الكتاب اليهود أن العربي الإيجابي هو العربي الموالي للصهيونية، ومع ذلك فإنهم يضعونه في مرتبة ثانوية قياساً للإنسان اليهودي [69].

مما سبق نجد أن الأدباء اليهود لم يقدموا صوراً إيجابية حقيقية للعربي، وقد ظلوا أسرى نظرية الفراغ السكاني حتى يزهار سميلانسكي يركز على القرى العربية الخالية والأصداء المقطوعة وبيوت النمل المهجورة [70]. كما يؤكد بنحاس ساديه نظرية الفراغ السكاني الفلسطيني ويحاول تجسيد كل ما يرمز إلى العداء لليهود [71]. وقد أوقعت نظرية الفراغ هذه الأديب الصهيوني "في مأزق يتجاذبه قطبان متنافران، في الوقت الذي يحاول فيه الأديب الصهيوني تأكيد نظرية الفراغ هذه مستعيناً بمختلف الأدوات والأساليب اللغوية والفنية، فإنه يكون ملزماً في الوقت عينه بالحديث عن العدو، ليس فقط خارج الحدود، وإنما وإنما أيصاً داخل الحدود. وهذه الضرورة لا تفرض نفسها نتيجة لاستحالة إلغاء واقع مادي قائم فعلاً إلغاءً كلياً ......... وللخروج من هذا المأزق فقد وجد الكاتب الصهيوني لنفسه حلاًمريحاً يطرح من خلال ثلاثة بدائل: أولها تصوير الصراع اليهودي في فلسطين على أنه بالدرجة الأولى ضد البريطانيين أو الأتراك أو السوفييت، والبديل يقدم ضمن رؤيتين أو ضمن تحديدين: الأول رؤية متلاشية تسير بالعرب نحو الأفول والزوال.. والثاني رؤية شبحية تقدمه كصورة ضبابية غير واضحة يتحرك خلسة في الظلام أو يلوح من بعيد بعد أن شوشته المسافات المترامية الفاصلة بين موقعه المكاني وعين الرائي، والبديل الثالث : العدو العربي موجود ولكن على الحدود أو خارج الحدود." [72] وقد وقفت الأيدولوجبا الصهيونية بصفتها مصدراً رئيسياً مصادر الأدب العبري ــ عقبة أمام إقامة علاقات سليمة بين العـــرب واليهود كجماعة أو كأفراد [73] وعلى الرغم من طرح الكتاب اليهود لأكذوبة الفراغ في فلسطين، وتكرار هذا الادعاء بحيث صدقه مطلقوه والمروجون له، فإن نظرية الفراغ في فلسطين مردود عليها.. فإذا كان الصليبيون قد قضوا على الوجود العربي في فلسطين فلماذا تركوها؟ وهل يعقل أن يتركوها بإرادتهم وهي خالية من السكان؟ وإذاكانوا قد تركوا اليهود فيها، وأن اليهود هم الذين قاوموا الصليبيين فما الذي دعا اليهود للخروج منها ثم المطالبة بالعودة إليها باعتبارها أرض الميعاد وإذا كان العربي متلاشياً وغير موجود فما مبرر شعور الكثيرين من كتاب اليهود بعقدة الذنب تجاهه ولماذا يفكرون بالتفاوض وتوقيع اتفاقيات سلام مع هذا اللاموجود والمتلاشي؟ إن اليهود يعيشون وهماً كبيراً، فعقلية الغيتو لا زالت تعشش في أدمغتهم، وداخل نفسياتهم، وهم حين يحاولون إقامة علاقات سلام مع جيرانهم إنما يتخلون عن أهم عنصرين من عناصر بقائهم فالانفتاح على الأغيار ينهي تراثاً طويلاً من الفكر الانعزالي وربما يؤدي بهم في النهاية إلى التلاشي والذوبان في مسام مجتمع الأغيار المحيط شاءوا ذلك أم أبوا.

ثانياً: شخصية اليهودي في الأدب الغربي

ارتبط اليهود في الوجدان والواقع الأوروبيين بالتجارة، وأصبحت كلمة يهودي ترادف كلمة "تاجر" أو"مرابي"، فتاجر البندقية هو مرابي البندقية أو يهوديها [74]. وقد عاش اليهود في مسام المجتمع الإقطاعي واستمدوا منه وجودهم الاقتصادي والمادي، ولذا فقد رأت البرجوازية في اليهود جزءاً من النظام الإقطاعي المنهار [75]. ويحاول اليهود إكساب أنفسهم صبغة قومية، فهم يعتبرون أنفسهم جماعة قومية دينية لها لغتها وتراثها [76]. ويحددون مقومات القومية اليهودية في عناصر تشمل العرق والدين و التقاليد، والعرق عنصر واضح في كل ما يشكل الشخصية اليهودية [77]. وبهذا تؤكد الصهيونية على عنصريتها وهي بهذا تتطابق تطابقاً تاماً مع النازية التي اعتبرت العرق عنصراً هاماً من عناصر التفوق الآري على بقية شعوب الأرض بمن فيهم اليهود.

ويدحض ادعاء اليهود بوجود رابطة قومية تربطهم معاً ذلك "التشرذم الذي يعكس الاختلافات العميقة في الشخصية اليهودية بحسب كل قطر من أقطار أوربا، وأهم ملامح هذا التشرذم هو الانقسام التاريخي بين الإشكنازيم والسفارديم: الأولون من أوروبا الشرقية والوسطى، والآخرون من أوروبا الجنوبية، وبين الإشكنازيم إنقسامات فرعية لا تحصى بسبب كثرة الأقطار التي جاءوا منها: ليتوانيا، بولونيا، روسيا، أوكرانيا، ألمانيا، البلقان، أما السفارديم فيفخرون بأن سوء لفظهم للسان المقدس هو وسيلتهم للعلو على المنوعات اليهودية الأجنبية" [78].

وقد جعلت جورج إليوت (في روايتها دانييل ديروندا) الصهيونية مرادفة لليهودية، و اعتبرت اليهودية ثقافة عرق محكوم عليها بالفناء إذا لم تتحدد في إطار وجود قومي، وترى أن الوضع الطبقي لليهود هو في إطار دولة، وأن وجودهم في أوروبا أمر غير طبيعي، ولم تفكر الكاتبة في دعوة اليهود إلىالإندماج بالمجتمعات الأوروبية، بل جعلت مهمة ديروندا (بطل روايتها) قيادة اليهود في خروج جديد، فهي لم تقبل أن يكون اليهود مواطنين بريطانيين [79]. على الرغم من أن الرغبة في الاندماج مع المجتمعات الغربية كانت تشكل نقطة حاسمة لدى غالبية يهود أوروبا، ومطالبتهم بالاعتراف بحق اليهود التاريخي في أن يكونوا مواطنين عاديين في بلدان أوروبا. وتركز جورج إليوت على إعادة بناء الذات، فالهجرة ليست نقلاً للجسد من مكان إلى آخر، وإنما هي تغيير للشخصية وشروط الحياة [80].

وقد تواكبت الدعوات إلى حل مشكلة اليهود، مع اندحار تيار التنوير التقدمي، وظهور التيار الصهيوني، فقد نشأت الدعوة الصهيونية بين البرجوازية اليهودية التي تملك المال للاستمرار في مشاريع طويلة الأجل [81]. وفي رواية كوستلر" لصوص في الليل" يعاني جوزيف من أزمة أخلاقية بسبب المطالبة بأرض كنعان، و"عندما يلمح روبين وماكس إلى ضرورة إنصاف العرب والتعاون مهم يذكرهم جوزيف بالطريقة التي لطش بها يعقوب حق الإرث" [82] وقد ربطت الرواية بين ثلاثة أجيال من المستعمرين الصهيونيين :جيل باراتز، والجيل الذي يقدمه المؤلف والجيل المولود في فلسطين (الصابرا) فقد أسس مستعمروا داغانيا الشيوعية الزراعية ووضعوا النظرية الصهيونية موضع التطبيق وحاربوا العرب والأوبئة والجفاف والأمراض المعدية. أما الأجيال التالية فقد كانت أحسن حظاً وحالاً، فقد انفصلو انفصالاً تاماً عن حياة أوروبا وأصبحوا أكثر خبرة في الزراعة فصار الرجال أقل ثرثرة وأكثر حكمة، بينما صارت النساء أخشن مظهراًوأصلب أردافاً وأثـــداء [83]. و"في مطلع القرن التاسع عشر كفت الشخصية اليهودية في الأعمال الأدبيةالأوروبية، عموماً،عن أن تكون شخصية شيلوكية" [84] فقد قدمت (ماريا أدجورث) في روايتها المسماة (هارنجتون) شخصية يهودية طيبة تختلف عن تلك التي عرفها الأدب الإنجليزي فيما سبق [85].

وقد طرح بنيامين دزرائيلي [86] في روايته (دافيد الروي) بطلاً يهودياً عنصرياً، متقدماً بذلك على النازية بمائةعام، وعلى ظهورالحركة الصهيونية بنصف قرن، فبطله عنصري عنيف يرفض الاندماج ويفضل العزلة [87].

وقد طرح ليون بوريس في روايته الخروج (اكسودس) بطلاً معصوماً فبطله عملي يتقيد بشعار العين بالعين والسن بالسن، وشخصيته بارزة كالبرج، وهو حاد الذكاء، متميز، يغدوا مقاتلاً في سن الخامسة عشرة، وفي سن العشرين يصبح قائداً من قادة الهاغانا، حيث ينظف الجليل من الإرهابيين العرب، وخلال الحرب العالمية الثانية يهرب أعداداً غفيرة من اليهود الألمان، ويقنع زعماء النازية أن من مصلحة ألمانيا النازية تهريب اليهود إلى فلسطين، ويحارب جيش فيشي ويقتل أربعمائة جندي [88].

وقد تميزت شخصية اليهودي في الرواية الأوربية بالجبن والاحتيال والمكر والجشع وعبادة المال، ففي قصة (العراب) لماريون بوزو، يظهر اليهودي كمرتشي ومستغل للقوانين في سبيل مصالحه الشخصية، وكذلك قدم إيفو اندريتش صورة سلبية لليهود في رواية "جسر على نهر درينا"، بينما سخر أرنست همنجواي من اليهود عندما قدم شخصية اليهودي المثقف عن عمد للتعريض باليهود وذلك في روايته "ولا تزال تشرق الشمس" [89].

وعلى الرغم من تخصيص ساسة الغرب الكثير من وقتهم لخدمة اليهود، فقد بقي الأديب الغربي ممثلاً صريحاً لوجهة النظر غير الرسمية، ومع أن الرواية لا تعد مرجعاًعلمياً، فإنها ترصد، وبشكل دقيق، الملامح الظاهرة والخفية في الشخصية الصهيونية [90].

وقد شبه كوستلر العرب بالسمك الذي يرفض أي تطور بينما جعل الصهيونيين من البرمائيات التي تعاني من تطورها وتهدف إلى الوصول إلى صيغة أسمى للحياة [91]. يتبين لنا مما سبق أن اليهود قد سبقوا النازية في صوغ آرائهم العنصرية بمائة عام، كما سبق الأدب اليهودي المكتوب بالإنجليزية الحركة الصهيونية بنصف قرن في طرحه للآراء العنصرية. وقد ساهم الأدب الصهيوني بشكل أو بآخر في تكريس حالة العزلة اليهودية في أوروبا وجعلوا من الغيتو ظاهرة نفسية واجتماعية في نفس الوقت، كما نلاحظ أن الكثيرين من غير اليهودقد اعتنقوا المبادئ الصهيونية وأصبحوا ملكيين أكثر من الملك ووصل بهم الأمر حد الدعوة إلى الاستيطان في فلسطين قبل صدور وعد بلفور بفترة طويلة.

ثالثاً: شخصية اليهودي في الأدب العبري:

كانت اللغة العبرية ــ إلى وقت قريب ــ لغة ميتة، اقتصر استعمالها على الكتاب المقدس والطقوس الدينية، وقد حاول رجال الدين اليهود النأي باللغة العبرية عن العامة، وحفاظاًعلى قدسيتها، ولكن اليعزربن يهودا قام" بدور كبيرفي إحياء اللغةالعبرية التي كانت لغة ميتة بالنسبة لليهود أنفسهم، وتحديثها لكي تتلاءم مع الاستعمال اليومي ومتطلبات العصر، وعكف على وضع قاموس شامل لللغة العبرية وقضى معظم سني حياته في وضع قاموسه." [92] وبسبب عمله هذا كفره حاخامات اليهود، وعندما توفي دفن خارج المقابر اليهودية عقاباً له على فعلته، ولم يرد له الاعتبار إلا في وقتٍ متأخر، ورغم أنه لم ينجح في جعل اللغة العبرية لغة الحديث اليومي في اليشوف، لأن اللغة التي كانت دارجة لدى العامة هي "اليدش أو اللادينو مختلطة بكلمات عربية، أما المثقفون فكانوا يتحدثون بالروسية والفرنسية." [93].

أما الأدب العبري فقد مر بفترة ازدهار إبان العصر الأندلسي الذي بدأ قبل البعث الأوروبي بحوالي خمسة قرون وقد شمل هذا العصر الأدبي (الأندلسي العبري) تفسير التوراة ووضع قواعد اللغة العبرية، واستمر عصر النهضة هذا على أسس التقدم الفكري والفلسفة والرياضيات والطب، فقد عاش اليهود في هدوء ونعيم بعد إنتقال مركز التوراة من العراق إلى الأندلس، وقد نسج الأدباء و الشعراء اليهود على منوال الثقافة العربية التي شكلت ينبوعاً للثقافة اليهودية [94].

وقد قدم بعض اليهود من أسبانيا إلى فلسطين في أواخر القرن الخامس عشر وأوائل القرن السادس عشر، وكانت دوافعهم دينية محضة ولم تكن وراء قدومهم أية دوافع سياسية أو استيطانية [95]. أما الهجرة في العصر الحديث فقد تمت على شكل دفعات، فكانت الهجرة الأولىمن (1882ــ 1903)، وهي هجرة دينية جاءت من روسيا ورومانيا، أما الهجرة الثانية فقد امتدت بين عامي (1904ــ 1914)، وهي أخطر وأهم الهجرات، حيث هاجر إلى فلسطين عدد من زعماء بوعالي تسيون (عمال صهيون) ومنهم: بن جوريون (1886ــ 1973) ويتسحاق شمشيليفتش (يتسحاق بن تسفي)(1884ــ1963) وهما من مؤسسي دولة إسرائيل فيما بعد، والهجرة الثانية ذات بعدين هامين:

أولهما: زمني تعود بدايته إلى مطلع عام 1904، حيث غادر روسيا عدد جديد من المهاجرين بسبب الاضطهاد القيصري لليهود و فشل ثورة 1905 في روسيا [96].

والثاني: فكري حيث حمل المهاجرون الشباب أفكاراً قومية واجتماعية بحكم كونهم أعضاء في جماعات ثورية روسية، وقد تأثروا بالأفكار الاشتراكية، وقد تركزت أهداف الهجرة الثانية في ثلاثة شعارات هي: (أرض عبرية ـ عمل عبري ـ لغة عبرية.) [97].

وقد لعب الأدب العبري دوراً كبيراً في خلق رأي عام مؤيد لإسرائيل، فقد خدم كتاب اكسودس (الخروج) الدعاية الصهيونية وإسرائيل أكثر من أي كتاب سياسي [98]. ولعل الأثر النفسي الذي أحدثته كتابات وروايات "بنسكر" و"هرتزل" و"أحاد هاعام" لا يقل أهمية عن أثر كتاباتهم السياسية والأيدولوجية [99]. وقد ركزت جورج إليوت اهتمامها في كتابها (دانييل ديروندا) على تفسير اصطلاح شعب الله المختار، وهي ترى أنه يعني أن الله اختار اليهود لينقذوا الإنسانية، فوجود اليهود هو وجود في سبيل الشعوب الأخرى [100]. بينما يرى غيوتن أستاذ الدراسات الشرقية في الجامعة العبرية أن أسبقية الدين اليهودي تعطي الإنسان اليهودي أسبقية في الوعي و القيمة على بقية البشر [101]. ومن الغريب أن ما يطلق عليه الأدب العبري استمر في منطقة غير تلك التي نبت فيها، فقد بدأ في أوروبا وانقطع ليتصل في إسرائيل [102].

ويعد شالوم ابراموفيتش ــ المعروف بلقب "مندلي موخير سفارديم" (مندلي بائع الكتب) ــ خالق الأسلوب العبري الحديث، كما يعد يتسحاق بيرتس رائد القصة القصيرة في الأدب العبري الحديث، فقد كتب قصصه باليديش وترجمت إلى العبرية، ومن كبار كتاب القصة القصيرة والرواية أيضاً شموئيل يوسف عجنون، ويعده البعض من أكبر كتاب الأدب الملحمي في العبرية، ويختلط عنده الرمز بالواقعية والخيال الابداعي [103]. والكتاب والنقاد في العالم وفي إسرائيل على السواء، موزعون بين تسميات مختلفة لهذا الأدب، فمنهم من يطلق عليه (الأدب الصهيوني) ومنهم من يرى أنه أدب عبري، وآخرون يرون أنه أدب إسرائيلي، ولكن النقاد اليهود يرون أن إطلاق صفة الأدب الإسرائيلي على هذا الأدب ونسبته إلى إسرائيل تحرمه من تراث ثلاثة آلاف عام من الكتابة بالعبرية وتحصره في فترة لا تزيد عن خمسين عاماً تقريباً هي عمر إسرائيل، ويرى صلاح حزين أن الأدب الإسرائيلي لم يكن ابن إسرائيل أو ابن المنطقة، وإنما هو ابن الإبداع الأوروبي [104].

وقد تمتع البطل اليهودي في قصص التوراة بقدرات خارقة وبطولة لم تنتكس، ويمكن للمرء أن يدرك ذلك في ضوء كون الإله يقف إلى جانب هذا البطل ويحقق له المعجزات، أما أن يظل هذا البطل كذلك في الأدب المعاصر، فهذا ما لا يمكن للمرء أن يستوعبه خصوصاً وأن الإله لم يعد يقف إلى جانب هذا البطل [105]. فقد وضعت جورج إليوت قاعدة أساسية التزمت بها الروايات الصهيونية فيما بعد، هذه القاعدة هي قاعدة البطولة والبطل المعصوم المتفوق، وتبرز ظاهرة البطل المعصوم في الأعمال الأدبية التي كتبها كتاب لم يروا فلسطين ولم يعيشوا أحداث قيام إسرائيل، فاليهودي في اعتقاد قائد المباحث القبرصية في (أكسودس) لا يمكن شراؤه ليكون جاسوسا [106]. حتى البطلات اليهوديات في الأعمال الأدبية الصهيونية جميلات ومتناسقات جسدياً، وكل الأبطال يتمتعون بالوســـامة والقوة، فالعرجاء من بني إسـرائيل ليست كغيرها منالعرجاوات من بنات آدم وحواء، فالعرج اليهودي له سحر خاص، فقد منح عرج إيناف“Einav” في رواية عاموس عوز، منحها سحراً إضافياً.

واليهودي يحب العلم والثقافة ويحمل رسالة تنوير، ويتميز بالشجاعة والتضحية وحب البناء والعمل وكره الكذب والظلم، وهو يتسم بالنقاء والتفوق الأخلاقي، خلقــه الرب كي يخفف آلام البشرية. وقد وصل الأمر ببعض الكتاب إلى درجة وضع اليهودي إلى درجة قريبة من مرتبة الإله، فالصهيوني نصف إله، حيث تتميز شخصية الصهيوني بأنها: "شخصية قوية، مناضلة، جريئة، عادلة، معصومة من الخطأ، مستقيمة، تثير الاحترام ومشاعر الهيبة والجلال والإعجاب في النفوس، وهي رومانتيكية، مقدسة، متفائلة، مضحية لا أنانية، تفكر بغيرها قبل أن تفكر بنفسها، أو بالأحرى لا تفكر بنفسها بقدر ما يكون ذلك في مصلحة الشعب اليهودي، وهي تنظر إلى الماضي نظرة مستقبلية مطهرة، وهي مسيحية في مسلكياتها: وديعة، رقيقة، وهادئة، ومع تمسكها الذرائعي المصلحي بمقولات غيبية، فضلاً عن كونها شخصية نبوئية تحمل إلى جانب حكمة القرون التي مضت توقعات المستقبل الآتي."

وقد دفعت هده النظرة ابن ميمون ــ المعروف بمايموندي ــ إلى احتقار اللغة العربية التى أتاحت له أن يقدم إنتاجاً يهودياً من خلالها، كما كتب يهودا حليفي بالعربية، ومع ذلك قدم لنا يهودياًمتفوقاً في كتابه "ملك الخزر" وكان من نتيجة ذلك أن ظهرت نزعة عنصرية لدى الكتاب اليهود، فها هوبنيامين دزرائيلي يؤكد أن "كل شيء عرق وليس ثمةحقيقة أخرى" وأنه ليس بوسعك أن تهدم العرق الصافي" وهو بذلك يكون قد سبق النازية في تكريس نظرية العرق الصافي، فاليهود دائماًهم الأساس في وضع النظريات العنصرية والشريرة في العالم.

وقد ظهر اليهودي التائه في الأدب العبري، وكان أول ظهور له في قصة البطريرك الأرمني التي تلاها في سانت البانز عام 1228 عن رجل يقال أنه شاهد صلب المسيح وأنه محكوم من قبل المصلوب بالتجول في العالم إلى يوم القيامة واسم هذا اليهودي كارتا فيلوس، وكان يعمل بواباً على باب المحكمة التي حكمت بصلب المسيح و أثناء خروج المسيح ضربه كارتا فيلوس على ظهره، ومع إساءة هذا اليهودي إلى المسيح فإن شخصية اليهودي التائه انقلبت إلى شخصية محببة في الذهن الشعبي الأوروبي، ثم انقلبت في القرن السادس عشر إلى شخصية تجلب النحس [107].

وفي عام 1948 توظف اليهودي التائه في خدمة تجارة الكارثه النازية على يد فيثوريو غاسمان في فيلم اسمه "رمال الزين" فأصبح اليهودي رمزاً للصمود في معتقلات النازية الرهيبة [108]. ومن المستحيل أن يقرأ الإنسان رواية صهيونية عن فلسطين إلا ويكون المدخل فيها "المذابح الهتلرية" وقد حاول الكتاب اليهود تبرير عدم ذبح الأتراك لهم بأن الأتراك ــ مثل الله ــ أدركوا أن اليهود شعب شديد المراس يصعب قمعه [109]. لقد جعلت الرواية الصهيونية من هتلر بطلاً يقوم ببناء إسرائيل بطريقة لا تقل فعالية عن أي بطل صهيوني [110]، وقد جعلت الأعمال الأدبية الصهيونية اليهودي الجوال أو التائه يحمل السلاح وفكرة الغزو، ففي مسرحية بينسكي "الغريب" والتي تبنتها فرقة "هابيما" وقدمتهاإلى يهود أوروبا الشرقية ثم إلى يهود العالم، يقف اليهودي الجوال ويخطئ نفسه لأنه لم يناضل من أجل حرية شعبه ولهذا عاقبه الله بأن يتجول في كل أرجاء العالم، وقد روج المتعصبون اليهود لهذه المسرحية، كما روجوا لرواية (دانييل ديروندا) التي دعت إلى المزج بين الدين والعرق تحت ظل الوطن القومي [111].

وقد جعل شيللي ـ في قصيدته "كوين ماب" ـ اليهودي عنصر احتجاج دائم ضد الغبن، وتصبح مطالبته بالحرية أهم من فكرة الغفران ذاتها، فقد تحول اليهودي التائه في القرن التاسع عشر من خاطئ إلى صاحب حق، ومن مستغفر إلى ثائر [112].

وقد جعلت الصهيونية اليهود شعباً من الأنبياء، فاليهودي على استعداد دائم للدخول في صراع مر مع العالم من أجل العدالة، وهو لا يناضل من أجل نفسه فقط، بل يناضل من أجل العالم، فهو مفطور على العدالة، يطلب الخير حتى لأعدائه، ففي أكسودس يقتل الفدائيون حبيبة دوف، و مع ذلك لا يتصرف دوف بما يتناقض مع طبيعة جوهره الصافي، لا يستطيع أن يكره الفدائيين لأن كارمن لم تفعل ذلك، إنها لا تستطيع أن تكره أي كائن حي [113]. ولنتصور تعبير أي شيء حي وماذا يعني، إنهم يعتبرون الفدائيين ضمن مجموعة الأحياء التي تشمل الحيوانات والطيور والنباتات، فهو لم يصنفهم حتى ضمن الأغيار من البشر، فهل هناك عنصرية أكثر من ذلك؟! ويعبر ران أدليسط عن الفكرة ذاتها، في قصته (أغنية الأوز) فاليهودي لا يريد أن يكره حتى لا يشوه الجوهر اليهودي، واليهودي يعرف عدداً من اللغات الأجنبية، ومن خلال التركيز على ذلك يحقق الكتاب اليهود هدفين:

1ـ التأكيد على الذكاء والتفوق والقدرات العقلية لدى اليهودي كفرد.

2ـ التذكير بالشتات الذي أرغم اليهودي على العيش في منفى اللغة وتبني لغات غير لغته القومية المقدسة. وإضافة إلى ذلك يؤكدون على التفاعل والتواصل الحضاري والثقافي بين اليهودي والصهيوني والحضارة العالمية عامة والغربية خاصة [114].

وقد عكست شخصيات عجنون واقع المدينة اليهودية بما فيها من مفارقات، وقد شملت شخصياته نماذج بشرية متعددة، ولكنها تعكس وحدة متكاملة، فهناك المتدين المتعصب وهناك المعتدل ومن يقف موقف وسطاً، كما تعكس شخصياته مشكلة الصراع بين الأجيال، بين القيم الجديدة والقديمة، بين العرف الجماعي والاتجاهات الفردية للجيل الجديد، ومعظم أبطال عجنون يتحدثون كي يمارسوا التقاليد الدينية اليهودية، ويتذكروا أبطال العهد القديم، كما تعكس شخصياته الدمج بين الموقف الديني والموقف السياسي [115].

وبطل رواية عجنون " اتمول شلشوم" (أمس الأول) متردد بين يافا والقدس، بين سونيا وشفرا، فهو يمثل صورة جيل، إنه تابع وليس قائداً، فالأحداث هي التي تقرر خطواته لا هو، فقد ذهب إلى فلسطين كي يحقق صهيونيته، ولكنه يكتشف زيف المثل النبيلة للصهيونية في نظره، فالصهيونيون يستخدمون الصهيونية لتحقيق مآربهم الخاصة، بينما جاء يتسحاق (البطل) ليحرث الأرض ويجعل الطبيعة خضراء، ولكنه يتحول إلى دهان يقوم بطلي المنازل القديمة، فهو يشوه الطبيعة، وفي أثناء توجهه إلى يافا يحن فجأة إلى القدس، إلى ميئاة شعاريم، إلى شفرا رمز التدين وهي نقيض سونيا رمز الصهيونية [116]. وقد قدم الأدب العبري شخصية اليهودي المرفوض، فكل من يبتعد عن تنفيذ مهمة الاستيطان، وينحرف عن تعاليم اليهودية، هو يهودي مرفوض وعليه فإن اللعنة تحل بكل من يتخلى عن المنحى الديني في فكرة الاستيطان [117]. كما اتخذ هرتزل موقفاً معادياً من "البورجوازية اليهودية التي عارضت في البدء الفكرة الصهيونية، ورفضت فكرة الدولة اليهودية، ولأنه يعتبرها، لهذا السبب، غريبة عن المجتمع الجديد، ولا تملك الحق في الاستمتاع بالفرص التي فتحها أمام المهاجرين الذين كانوا يعانون من البؤس والعوز في أوروبا." [118] والفئة الأخرى التي تحظى بالرفض الصهيوني، اليهود الشرقيون المعاصرون، فالصورة التي قدمتها ليزلي غورس لأحياء اليهود الشرقيين تعبر عما يكنه اليهود الغربيون من مشاعر الرفض ضد هذه الفئة [119]. وقد نشأ الشعور بالذنب عند بعض الكتاب اليهود بسبب الممارسات الإسرائيلية ضد العرب، فقد اكتشفت يائيل دايان وكشفت زيف النموذج المعصوم الذي خلقه الأدب الصهيوني، فقد ظهرت صورة جديدة لبطل يهودي غيرمعصوم، حيث لم يستطع كتاب أمثال بنيامين تموز، س. يزهار أن يحملوا العرب مسؤولية جرائم هتلر كما حاول ليون أوريس في إكسودس [120].

و نتيجة لشعورهم بالذنب تغيرت أفكار بعض الكتاب مثل عاموس عوز اليميني المتعصب الذي أصبح ممن يشاركون في مظاهرات حركة السلام الآن، وبالمقابل حدثت تحولات عند البعض نحو اليمين مثل موشيه شمير الذي انتقل من مابام إلى اليمين المتطرف.

وقد صورت الأعمال الأدبية اليهودية اليهودي دائماً على أنه داعية سلام، يمد يده عارضاًالسلام على العرب، ولكن هؤلاء يرفضون اليد الممدودة، لأن العربي لا يؤمن بالسلام، ولا يحكم العقل، فهو عديم الشفقة والضمير مخرب ومجرم لا يراعي حرمة النساء والمسنين والأطفال [121]. وقد حاول متشنر في (الينبوع) أن يرجع أعمال أبطاله العدوانية في فلسطين إلى الأعمال النازية في ألمانيا، فاليهودي "بات" الذي قتل النازيون حبيبته سارة يقتل العرب ثأراً من الألمان [122] وبعد مفاوضات كامب ديفيد حمل الأدب الصهيوني راية الدعوة إلى السيطرة الفكرية لأنها تحقق ما لم تحققه الجيوش، ودون أية خسائر مادية أو بشرية [123].

والأدب الصهيوني بصفة عامة هو أدب دعائي فج ومباشر لخدمة الأهداف السياسية للحركة الصهيونية، لذا فهو يفتقر إلى الشروط الفنية التي يجب توافرها في الأعمال الأدبية، وهو أدب عنصري يفتقر إلى الشرط الإنساني والإبداع الفني في الأدب [124]. وعلى العموم فإن من المنطق أن يشعر الإنسان بالتفوق، فشعور الفخار هو شعور مشروع وطبيعي، أما الشعور بالتفوق الذي يدفع إلى احتقار البشر والنظر إليهم نظرة عرقية، وهذا الشعور هو الذي سيطر على الأدب العبري الصهيوني، وقد أخذ هتلر عنهم، أي أن هتلر هو تلميذ من تلاميذ العنصرية الصهيونية.

عن موقع أمين


[1د/عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. ص136.

[2السابق .ص138.

[3كتابات معاصرة عدد 1 مجلد 1 نوفمبر 1988 خيري عبد الرحمن

[4د/ عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. ص59.

[5السابق. ص72.

[6السابق. ص107.

[7السابق. ص80.

[8ابراهام جايجر (المرجع السابق).

[9هاني الراهب / الشخصية اليهودية في الرواية الانجليزية .ص28.

[10عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. ص 91.

[11السابق. ص46.

[12عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. ص43.

[13السابق. ص108.

[14السابق. ص121.

[15السابق. ص215.

[16د/ عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. ص218/219.

[17السابق. صـ219.

[18السابق. صـ124.

[19السابق. صـ207.

[20السابق. صـ146.

[21بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني. ص198.

[22عمر عبد الغني غرة. الفكر الصهيوني. ص13.

[23بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. ص216 .

[24السابق. صـ.223.

[25السابق. صـ226.

[26السابق. صـ219.

[27بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ217.

[28عمر عبد الغني. الفكر الصهيوني. صـ197.

[29بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ203.

[30السابق. صـ203.

[31عبد الغني غرة. الفكر الصهيوني. صـ14.

[32عمر عبد الغني. الفكر الصهيوني. صـ11.

[33غانم مزعل. الشخصية العربية في الأدب العبري. صـ33.

[34السابق. صـ34.

[35السابق. صـ43.

[36بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ205.

[37غسان كنفاني. في الأدب الصهيوني. 124.

[38عبد الوهاب محمد وهب الله. الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني. صـ127.

[39السابق. صـ132

[40السابق. صـ165.

[41غانم مزعل. الشخصية العربية في الأدب العبري. ص122/123

[42السابق. صـ135.

[43بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني. صـ204.

[44السابق. صـ259.

[45السابق. صـ262.

[46هاني الراهب. الشخصية اليهودية في الرواية الانجليزية. صـ110.

[47بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية للأدب الصهيوني. صـ242.

[48السابق. صـ266.

[49السابق. صـ260.

[50السابق. صـ244.

[51السابق. صـ287.

[52السابق. صـ.289.

[53غسان كنفاني أدب المقاومة في الأرض المحتلة صـ67.

[54بديعة أمين. صـ283.

[55السابق. صـ285.

[56بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. ص276.

[57بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. ص276.

[58السابق. صـ278.

[59السابق. صـ276.

[60عمر عبد الغني غرة. الفكر الصهيوني. ص ـ75.

[61السابق. الفكر الصهيوني. ص ـ92.

[62السابق. صـ12.

[63غانم مزعل. الشخصية العربية في الأدب العبري. صـ72.

[64عمر غرة. صـ81.

[65السابق. صـ59.

[66السابق. صـ116.

[67عمر غرة. الفكر الصهيوني. صـ120.

[68السابق. صـ205.

[69بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ236.

[70السابق. صـ 229.

[71السابق. صـ236.

[72السابق. صـ234/235.

[73عمر غرة. الفكر الصهيوني. صـ26.

[74د/ عبد الوهاب المسيري. الأيدولوجية الصهيونية. صـ23.

[75السابق. ص94.

[76السابق. ص45.

[77هاني الراهب. الشخصية اليهودية في الرواية الإنكليزية. صـ70

[78هاني الراهب. الشخصية اليهودية في الأدب الإنجليزي. صـ84.

[79السلبق. ص71.

[80السابق. السابق. صـ88.

[81السابق. صـ85.

[82السابق. ص109.

[83السابق. صـ102.

[84غسان كنفاني. في الأدب الصهيوني. صـ52.

[85السابق. صـ54.

[86هو يهودي أصبح رئيساً لوزراء بريطانيا في القرن التاسع عشر.

[87السابق. غسان كنفاني. صـ58.

[88هاني الراهب / الشخصية اليهودية. صـ129.

[89كتابات معاصرة. مجلد 1 عدد نوفمبر سنـــ1988ـة. الشخصية الصهيونية. خيري عبد شاهين 131/132.

[90السابق. خيري عبد ربه. صـ133.

[91هاني الراهب. الشخصية اليهودية. صـ102.

[92عبد الوهاب وهب الله. الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني. صـ28.

[93السابق. صـ28.

[94جودت السعد. الأدب الصهيوني. ط1 سنــ1982ـة. صـ22.

[95مشارف. عدد 2. سبتمبر 95. صلاح حزين. الأدب الإسرائيلي. صـ135.

[96بدأت الإضطرابات في كيشيفف التي يقطنها عدد كبير من اليهود. سنــ1903ــة.

[97عبد الوهاب وهب الله. الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني. صـ17ــ37

[98غسان كنفاني. أدب المقاومة في الأرض المحتلة. صـ53.

[99جودت السعد. الأدب الصهيوني. صـ35.

[100غسان كنفاني. أدب المقاومة. صـ57.

[101السابق. صـ60.

[102مشارف. عدد 2 صلاح حزين. صـ139.

[103عبد الوهاب محمود وهب الله. الاستيطان في الأدب الصهيوني. صـ82/83.

[104مشارف. عدد 2 سبتمبر 95. صلاح حزين. الأدب الإسرائيلي. ص139.

[105غسان كنفاني. أدب المقاومة. صـ62.

[106السابق. صـ64ـ70.

[107غسان كنفاني. في الأدب الصهيوني. صـ76/77.

[108السابق. صـ88.

[109غسان كنفاني. في الأدب الصهيوني. ص88.

[110السابق. ص103.

[111السابق. ص86/87.

[112السابق. ص84.

[113بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ123.

[114السابق. صـ138.

[115عبد الوهاب وهب الله. الاستيطان اليهودي في الأدب الصهيوني. صـ142/143.

[116السابق. صـ137.

[117السابق. صـ145/146.

[118بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ156.

[119بديعة أمين. الأسس الأيدولوجية. صـ157/158.

[120غسان كنفاني. في الأدب الصهيوني. صـ148ــ151.

[121غانم مزعل. الشخصية العربية في الأدب العبري. صـ86.

[122جودت السعد. الأدب الصهيوني. صـ42.

[123جودت السعد. الأدب الصهيوني. صـ116.

[124مشارف. عدد 2 سبتمبر 95. صلاح حزين. صـ135.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى