الأربعاء ١٧ آذار (مارس) ٢٠١٠
من أدوات الكتابة العربية:
بقلم يوسف الصيداوي

الهاء، ها، هل

الهاء

على وجوه:

 الأول: ضميرٌ للغائب، نحو: [فلانٌ حَسَدُهُ يقتلُه].

 الثاني: حرف يلازم الضمير [إيّا]، للدلالة على الغيبة، نحو: [إيّاهُ أَعنِي](1).

 الثالث: هاء السَّكْت، وهي هاء ساكنة يُؤتَى بها إذا وُقِفَ على آخر الكلمة مما يأتي:


 الاسم المندوب، نحو: [وا خالداهْ].

كلّ فعلٍ حُذِفَ حرفُه الأخير، نحو: [عِ، لم يَعِ، لم يُوقَ](2)، فيقال عند الوقف: [عِهْ - لم يَعِهْ - لم يُوقَهْ].

 ياء المتكلِّم نحو: [هذا قلَمِيَهْ، قرأتُ كتابِيَهْ].

 ثلاثة ضمائر هي: [أنا - هو - هي] يقال في الوقف على آخرها:

[أَنَهْ - هُوَهْ - هِيَهْ].

 [ما]: الاستفهامية إذا حُذِفَت ألفُها لدخول حرف جرٍّ عليها، نحو:

[لِمَهْ - بِمَهْ - مِمَّهْ].


نماذج فصيحة من استعمال هاء السَّكْت

 قال حسّان بن ثابت (الديوان /422):

إذا ما تَرَعرَعَ فينا الغلامُ فما إنْ يُقالُ لهُ: مَنْ هُوَهْ؟

[هُوَهْ]: الهاء المتصلة بهذا الضمير هي هاء السكت؛ وذلك أنّ ثلاثة ضمائر تُزاد هاءُ السكت في آخرها، هي: [أنا - هو - هي]، فيقال في الوقف على آخرها: [أَنَهْ - هُوَهْ - هِيَهْ].

 وقال أيضاً، زاعماً أنّ له شيطانَ شعرٍ من بني (الشَّيْصَبان) إحدى قبائل الجنّ (الديوان /423):

ولِي صاحبٌ مِن بني الشَّيْصبانِ فطَوْراً أقولُ، وطوْراً هُوَهْ

والاستعمال في هذا البيت هو الاستعمال نفسه في البيت السابق، فلا حاجة إلى الإعادة.

 [يا ليتني لمْ أُوْتَ كتابِيَهْ. ولَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ] (الحاقة 69/25-26)

تُزاد هاء السكت، بعد ياءِ المتكلّم إذا وُقِفَ عليها، وقد تحقق ذلك في الكلمتين: [كتابيَهْ] و [حسابيَهْ].

 [ما أَغْنَى عنّي مالِيَهْ. هَلَكَ عني سُلطانِيَهْ] (الحاقة 69/28-29)

يُقال في هاتين الآيتين، ما قيل آنفاً في الآيتين السابقتين، فلا حاجة إلى التكرار.

 [وما أدراكَ ما هِيَهْ] (القارعة 101/10)

[هِيَهْ]: الهاء المتصلة بهذا الضمير هي هاء السكت؛ وقد كُنَّا قلنا آنفاً: إنّ ثلاثة ضمائر تُزاد هاءُ السكت في آخرها، هي: [أنا - هو - هي]، فيقال في الوقف على آخرها: [أَنَهْ - هُوَهْ - هِيَهْ]. والآية شاهدٌ على ذلك، إذ جاءَتْ هاءُ السكت هاهنا في آخِر الضمير: [هي]. ومن المعجن نفسه القول: [هكذا فَصْدِي أَنَهْ] فإنّ الهاء هاهنا هاء السكت. وقد أورد ذلك المالقيّ، نموذجاً لزيادتها، بدلاً من ألف الوقف في آخر الضمير [أنا]، فقيل: [أَنَهْ].


ها

على وجوه:

 الأوّل: اسم فعل أمر (12)، معناه: [خُذْ]، نحو: [ها كتابَك] أي: خُذْه. ويجوز أن تلحق به الهمزةُ، نحو: [هاءَ وهاءِ وهاؤما وهاؤم...] أو الكافُ أيضاً، نحو: [هاكَ وهاكِ وهاكما وهاكم...].

 الثاني: المتّصلة بـ [أَيُّ وأَيّـةُ] ليصحّ نداء المحلَّى بـ [ألـ]، نحو: [يا أيّها الرجل ويا أيّتها المرأة]. وذلك أنّ المحلَّى بـ [ألـ] لا ينادى مباشرة، فيؤتى بـ [أيّ وأيّة] وصلة إلى ندائه.

 الثالث: حرف تنبيه، يُنَبَّه به المخاطَب، على ما يُحَدِّثه به مخاطِبُه، نحو: [ها إنّك تعود بعد التوبة !!] و [ها قد شُفي خالدٌ وكنت لا ترجو شفاءَه] و[ها أنت ذا تدرس فتنجح]

و]يا بُشرى هذا غُلام[ إلخ...


هَل

حرف استفهام، يدخل على الجمل الاسمية والفعلية، للاستفهام عن العلاقة بين جزأيها(1) نحو: [هل سافر خالدٌ - هل يسافر خالدٌ - هل خالدٌ مسافرٌ - هل خالدٌ يسافر - هل خالدٌ سافر(2)]، ولذلك يكون الجواب في كلّ حال: [نعم] أو [لا]، سواء أجاءت بعدها [أو] - مكررة أو غير مكررة - أم لم تجئ(3)، نحو:

 هل سافر خالدٌ؟ - [نعم]، [لا].

 هل سافر خالدٌ أو زهيرٌ؟ - [نعم]، [لا].

 هل سافر خالدٌ أو زهيرٌ أو عليّ أو محمد؟ - [نعم]، [لا].

أحكام:

 لا تدخل [هل] على [إنّ]، فلا يقال: [هل إنّك مسافرٌ].

 ولا تدخل على شرط، فلا يقال: [هل إنْ نزُرْكَ تُكرِمْنا].

 ولا تدخل على منفيّ، فلا يقال: [هل لم يذهب خالدٌ].

 يراد بها النفي، إذا جاء بعدها [إلاّ]. نحو: [هل أنت إلاّ بشر = ما أنت إلاّ بشر].

 لا تأتي بعدها [أَمْ] في حيّز الاستفهام. فلا يقال مثلاً: [هل جاء زهير أم سعيد؟]. وإنما تأتي بعدَ تمام الاستفهام، فتكون بمعنى [بل] التي للإضراب، ولهذا يسمّيها النحاة [أم] المنقطعة ويُعرِبونها حرف استئناف. ومنه قوله تعالى ]هل يستوي الأعمى والبصير - أم هل تستوي الظلمات والنور[ (الرعد 13/16)


1- يستعمل النحاة هنا مصطلح: [التصديق]، ويريدون به [الإسناد]، كإسناد السفر إلى زيدٍ في قولهم: [سافر زيدٌ]، أو إسناد الوقوف إلى خالد في قولهم: [خالدٌ واقف]... وقد يستعملون مكان ذلك، مصطلح: [الحُكْم] إلخ... وقد آثرنا استعمال: [العلاقة بين جُزأي الجملة]، أي بين رُكنيها، لتقريب معنى مصطلحهم إلى الذهن. ثمّ هم يَقسمون أدوات الاستفهام أقساماً ثلاثة، الأوّل: [هل] وهي لطلب التصديق، وقد بيّنّا معناه. والثاني: أدوات الاستفهام الأخرى جميعاً - ماعدا الهمزة - وهي للتصوّر، ويريدون بالتصوّر: طلب التعيين، في نحو قولهم: [أجاء خالدٌ أم سعيد؟] فيكون الجواب تعييناً: [خالدٌ] مثلاً، أو [سعيدٌ]. والثالث: [الهمزة] وهي لطلب التصديق والتصوّر جميعاً، فيصح التصديق في نحو: [أسافر خالدٌ؟] فيقال في الجواب: [نعم] أو [لا]. ويصحّ التصوّر [أي: التعيين] في نحو: [أسافر خالدٌ أم زهيرٌ] فيقال في الجواب مثلاً: [زهير] أو: [سعيدٌ].

2- إذا جاءت [أو] بعد [هل]، نحو: [هل جاء سعيدٌ أو خالدٌ] فحذارِ أنْ تعيّن فتقول: [خالدٌ] أو [سعيدٌ]. وذاك أنّ [هل] لا يُؤتى بها للتعيين، بل يُؤتى بها للاستفهام عن العلاقة بين رُكنَي الجملة. ولذلك أجبْ بـ [نعم]، أو [لا].

3- بيْن النحاة اختلاف في صحّة دخول [هل] على اسمٍ بعدَه فعل، نحو: [هل زهيرٌ يجتهد]. فمنهم مَن منع ذلك، ومنهم مَن قال: إنه لا يمتنع، ومنهم مَن قال إنه لا يمتنع لكنه قبيح !! ولما لم يكن في قواعد اللغة: [هذا قبيح وهذا جميل]، وكان يجب أن تتبرّأ من مثل هذا الاضطراب والتقلقل، فإننا نرى أنّ في اطّراحها الخير.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى