الخميس ١١ شباط (فبراير) ٢٠١٠
بقلم دارين قصير

«مقام العاشقة» لدارين قصير

العاشقة أشبه ما تكون بفراشة تحصي أنفاسها

صدرت بعنوان «مقام العاشقة» المجموعة الشعرية الثانية للشاعرة والإعلامية اللبنانية دارين قصير بعد مجموعتها الشعرية الأولى «أرى الفرح بدمعتين» العام 2009، عن دار"كنعان" في دمشق، بلوحة غلاف للفنانة التشكيلية الإماراتية سمية السويدي، متناولةً في مطولتها الشعرية الخمسينية بمقطوعاتها الاثنتين والخمسين، الشبيهة بسونيتات الشعر الإنكليزي حالات الحب والعشق والكراهية والألم والانتقام والغفران والحياة والموت في مقامات العاشقة الأنثى العربية في علاقة الاستحالة بالرجل الحلم وعلاقة الإمكان بالرجل الشرقي كما هو في كل تجلياته العاشق هو أيضاً، والخائف والراجف في حضرتها، تقول دارين قصير في إحدى نوتات قصائد مجموعتها الشعرية:

كنت وحيدة أزرع رأسي

في رخام المسافات

ليس لي غير ارتعاشة مضاءة

لا تتسرب الروح مني

عيناك عزاء وحدتي

لونت في المساء شعري الطويل

...

لي روح من نار

وفطرة الرمال

أنا مخلوقة هذيانك

اتبعني لآخر الجبال

اتبع أنفاسي ورائحة عطري

أنا حورية خطاياك

موسيقاي تعزف أوتارك

وأنا المعفية من الألم والحزن بعدك".

وفي كلمته في تقديم الرواية يقول الشاعر الإماراتي عبد الله السبب: «دارين قصير، مشغولة دائماً بالشعر وبمراقبة الزمن الذي تنتمي إليه، زمن تقع تحت طائلته أحياناً، ويقع هو مطواعا في يدها مرات أخرى، كما لو أنها تلتقط ما تساقط منها عنوة، أو تستسلم له مسلِّمة بانفلات نبضاتها الراكضة وراء شيء ما لا يكاد يرى أو يسمع أو يشعر به، تماماً، كأنما هي مفتونة بالحرب الخالدة بين نساء الشرق العربي ورجالاته، لا سيما في روايات الحب العربي التي تبدو وكأنها ناقصة التكوين بسبب عدم الإفصاح عن الآخر عند طرفي النزاع أو الحوار، وهنا يكمن جوهر القوة الكامنة في الأدب العربي ولغة السرد أو الشعر».

ويتابع عبد الله السبب «في مخاضها الشعري الأول "أرى الفرح بدمعتين"، بدت "دارين" أشبه ما تكون بفراشة تحصي أنفاسها وتبدلات ألوانها، تطير من زهرة إلى أخرى، ومن حقل إلى آخر، ومن حلم إلى حلم، تطير وتحط، تحط وتطير، إلا أنها هنا، في مطولتها الشعرية هذه، تبدو أكثر صبراً على المسافات الطويلة، وعلى حماية أحلامها بشكل علني، كما لو أنها تصنع لنفسها ولأنفاسها جدارية تصد بها رياح التغيير التي تطرأ على شرنقتها بين فينة وأخرى، كما وتجعل من تلك الجدارية الخمسينية مكتبة تضع في أرففها أنفاس المنتظر بين قصيدة وأخرى.

قالت: (أرى الفرح بدمعتين) .. ثم توارت عن الأنظار وعن الانتظار، لم تلتفت إلى شيء، لم تتسلل إلى الأوراق المستلقية في الأدراج، لم تغامر برحلة عوم في المداد المنساب في أحلام أقلام تفصح عن هويتها أحيانا وتختبئ عن المرايا أحيانا أخرى، لم تحسن الظن بتلك القطيرات السوداء الهائجة في محابر مجهولة الهوى أو الهوية، ولم توشوش الهواء كي يأتي إليها بخبر يقين من "جهينة" أو من العيون المنتشرة في بلاط شهريار، لقد آثرت شهرزاد الصمت، ولم تكن تحذونا تلك الرغبة في معرفة ما يدور في أروقتها من حياكات لحكايات جديدات أو أثريات كانت تلقيها الجدات ممزوجة بخيالات عند رؤوس الأطفال في كل ليلة تطل من نجوم السماء أو من عتمة المساء .

تمتاز كونها شاعرة عربية معاصرة باقتدار، تلعب باللغة كما لو أنها تعيد ترتيب الحروف وفق ما تقتضيه الذاكرة أو الحكاية أو الحياكة الشهرزادية، مستفيدة من انخراطها في الوسط الإعلامي الذي عملت به ولأجله، مما أكسبها حضوراً في الأوساط الأدبية المختلفة، وفي المشهد الثقافي بشكل عام، مما جعلها تحلق بالشعر والسير به بشكل ما صعوداً نحو معانقة القمر وقطف النجوم من شجرة السماء، دارين قصير تبدو كما لو أنها ولدت وفي فمها ملعقة من الشعر قبل لحظات طويلات من انفلات الدمعتين الملقيتين على الفرح المؤجل منذ ما قبل تاريخ النبض البشري أو الشعري، كما لو أنها بذلك ترمي بنظرتها وتنتظر شيئا ما، سوف تفصح عنه القصيدة القادمة على متن الريح أو الروح».

العاشقة أشبه ما تكون بفراشة تحصي أنفاسها

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى