الاثنين ٢٩ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم أحمد بابانا العلوي

سؤال السياسة

قراءة في تأملات الأستاذ عبد الله العروي

توطـئـة

 العصر العظيم هو الذي يصنع التاريخ عوض أن يخلده (ص30)

 أقول أن التعبير في الكتابة هاجس رومنسي وما سواه صناعة

 التهذيب عملية واحدة في الظاهر، في كل زمن وفي كل بقعة من بقع الأرض. ولكن قد يهدف إلى إحياء الذات وقد يهدف إلى قتلها. (ص22)

ولا مراء بأن المتمعن. في مضامينها سوف يدرك للتو عمق فكر الرجل، وإحاطته المعرفية بمختلف تيارات الفكر العالمي...

والأستاذ عبد الله العروي مفكر له حضور وازن في الثقافة العربية المعاصرة، وذلك منذ صدور كتابه الإيديولوجية العربية المعاصرة.

الكتاب صدر بالفرنسية سنة 1967 وترجم إلى العربية سنة 1970، وقام المؤلف بإنجاز " صيغة جديدة " من الكتاب بالعربية سنة 1995. مبديا في المقدمة عدم رضاه عن الترجمة التي أنجزت سنة 1970، نظرا لما شابها من قصور وتشويه لمضمون موضوع النص الأصلي...

وأهمية موضوع الكتاب تتمحور حول تحديث العقل العربي.

كتب المستشرق الفرنسي الراحل مكسيم رودنسون في تقديمه للطبعة الفرنسية من الكتاب "بفضل علمه بالتاريخ الإيديولوجي للعالم العربي وكذلك لأوروبا. وبمعرفته لمناهج التحليل التي كونها العالم الحديث. وبفضل تفتحه ويقظته بإزاء كل ما يستحق عناية إنسان ذكي وحر، أخضع )العروي( أهم قضايا العالم الذي ينتمي إليه إلى عقل تحليل مكين (1).

أصدر العروي بعد كتابه الإيديولوجية العربية المعاصرة جملة من المصنفات والرسائل الفكرية الهامة باللغتين العربية والفرنسية أغنت المكتبة العربية.

ولا شك بأن ثقافته الواسعة )التاريخية والأدبية والفلسفية والسياسية( ومعرفته بالمناهج الحديثة، جعلت مؤلفاته مثار اهتمام جمهرة المثقفين في المشرق والمغرب.

من ضمن مؤلفاته يمكن أن نذكر في هذه العجالة أطروحته حول ) الأصول الاجتماعية والثقافية للحركة الوطنية المغربية 1830-1912 بالفرنسية وكتابه (مجمل تاريخ المغرب- محاولة للتركيب) و(أزمة المثقفين العرب) و(العرب والفكر التاريخي) و(ثقافتنا في ضوء التاريخ) و(الإسلام والحداثة) بالفرنسية كما أصدر سلسلة حول المفاهيم مفهوم الدولة – مفهوم الحرية- مفهوم الإدلوجة- مفهوم التاريخ ومفهوم العقل،
وأصدر بعد وفاة الملك الحسن الثاني سنة 1999 كتابا بالفرنسية بعنوان
 المغرب في عهد الحسن الثاني.

وفي السنة الفارطة 2009 أصدر كتابين : «السنة والإصلاح»
و«من ديوان السياسة» وقد أشار المؤلف في فاتحة كتابه بأن المؤلفان متوازيان، مجال الأول العقيدة. ومجال الثاني السياسة.


وقبل أن نعرض لما زخر به كتاب" من ديوان السياسة" من قضايا ورؤى وأفكار وتحليلات، مما ينم عن منهج فكري ورؤية مذهبية للأحداث والوقائع الاجتماعية والأنساق المعرفية والعمرانية...

فلا بد إذن من الإلمام بالخصائص والمقومات الفكرية والمنهجية للمؤلف حتى نعي مضامين خطابه النقدي التاريخاني...

اختار العروي " التاريخانية " مذهبا وفلسفة ومنهجا للتحليل.

وللتاريخانية تفسيرات عدة، فعند هيجل وماركس تنزع التاريخانية إلى كونها حقيقة قائمة في التاريخ الإنساني وهذه الحقيقة لها صفة الشمول والإطلاق...

وكل تاريخانية تقوم على غائية وهي عند هيجل و ميكيافيلي ونتشه تتجسد في إرادة القوة وتقديس الدولة.

فالتاريخانية إذن تعبر عن النزعة التاريخية التي تنفي أي تدخل خارجي في الحدث التاريخي...

التاريخانية هي الرد العلمي على التخلف وإخراج المجتمعات من التأخر التاريخي ..

إن مفهوم التأخر التاريخي تندرج فيه مجموعة من المظاهر الإستماعية مثل تخلف الذهنيات واالعجز الإديولوجي أو الوعي اللاتاريخي..

إن التاريخانية بالنسبة للعروي هي السعي والإحاطة بالوقائع التاريخية على أرضية التاريخ نفسه مع ضرورة التفريق بين مجال العمل التاريخي والمجال الفلسفي التأملي.

وبما أن العرب يعيشون اليوم مشكلات وتحديات حددت معالمها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فلابد إذن من تحليلها وإدراكها وفهمها ولذلك وجب أن تتوفر لدينا الوسائل القمينة بأن تيسر لنا التغلب على الصعوبات وتنمي قدرتنا على فهم الغير، وهنا بالضبط تقوم ضرورة الوعي التاريخي(2).

أما بخصوص المنهج فيرى العروي أن الدراسة التحليلية للواقع الاجتماعي أو الموروث الثقافي، هذه الدراسة المباشرة المحتكة بموضوعها هي التي توحي بمفاهيمها ومقولاتها أو تفرضها أي أنها تصنع منهجها(3).

تأسيسا على أن التاريخ سلسلة أحداث ووقائع متوالية يؤثر السابق باللاحق، ويؤطره في صور شتى ..

فالتاريخ كما هو مكتوب اليوم يركز على منطق الأحداث إلى حد أن الأحداث في ماديتها قد تذوب ويظهر التاريخ كأنه كله من عمل عقل المؤرخ ..، مما يتطلب منا أن نميز بين التاريخ كدراسة لوقائع الماضي (أي التاريخ كفن) والتاريخ كوسيلة لتقييم الحاضر وتحديد المستقبل (4). ومن ثم فإن التاريخانية تدخل ضمن هذا الإطار باعتبارها أفقا لاستشراف المستقبل من منظور المؤرخ ووفق منطقه..، بحيث تم استنباطها من الممارسة (praxis) بمنطق العمل والفعل، لا بمنطق الخطاب والتفكير أو التعبير والنظر والتأمل ...(5) ومن ثمة أولوية الفعل على الممارسة ...

التاريخانية من هذا المنطلق تسعى إلى تحديث الفكر العربي بجعله قادرا على استيعاب مكاسب العقل الحديث من عقلانية وموضوعية وفعالية وإنسية ...الخ (6)، ولا يتأتى ذلك إلا إذا تحررت الذهنيات من سطوة المنهج التقليدي. لأنه يصعب تصور مجتمع عصري، بدون إيديولوجيا عصرية أو تنظيم سياسي حديث بدون ثقافة حديثة ...

وبالتالي فإن الوعي التاريخي وحده يمهد الطريق لثورة ثقافية أو فكرية تخرج المجتمعات العربية من حالة التأخر التاريخي والسياسي والإيديولوجي...

ويرى العروى بأن المثقف مطالب بالخضوع إلى قوانين التاريخ إن أراد أن يكون له وجود وتأثير..(7).

إن التمييز بين الثابت والمتحول، يسوق حتما إلى طرح السؤال حول المكن والمستحيل في السياسة ... وهذه هي الإشكالية التي طرحها العلامة ابن خلدون وألف حولها المقدمة.

كيف نميز إذن بين عالم السياسة وعالم التاريخ...

إن المرء، لا يرتقى إلى نظرة علمية وموضوعية إلى المجتمع والسياسة والتاريخ، إلا إذا لمس، أن مؤهلاته الذاتية لا تكفي. إن الإخفاق في السياسة يأتي قبل كل شيء من اكتشاف موضوعية السياسة وموضوعية المجتمع وأخيرا موضوعية التاريخ(8).

كيف إذن تتحول قوانين المجتمع إلى قوانين السياسة ...

ربما يتم ذلك طبقا لتغير الأوضاع أو تجديد التربية أو هما معا..

بحق أن الأستاذ العروي كان ينظر إلى العالم مستحضرا في مشروعه الفكري أزمة العالم العربي من منظور المؤرخ الذي يشرح الأحداث والوقائع طبقا لمنطق جدلية التاريخ والسياسة...

تماما كما فعل ابن خلدون ومكيافلي وهيجل وماركس، هؤلاء الذين تأثر بهم وامتزج فكره بفكرهم ..

ناملأن تكون هذه الإضاءات مفتاحا لقراءة واعية لكتاب " من ديوان السياسة".


يفتتح المؤلف كتابه بالتذكير أن الفكر السياسي القديم ينطلق من النوازع، إذ يعتبرها المادة الأولى للسياسة ممارسة وتنظيرا. ذلك أن النفسانية هي أساس الاجتماع والسياسة، بل السياسة هي من توظيف النوازع وقد ورث التفكير العربي هذا الاتجاه ولم يحد عنه (9).

أما في العهد الحديث فإن مؤسسي السياسة بالمعنى الضيق افترقوا إلى معسكرين: الواقعيون الذين أحيوا الفكر القديم برمته فبنوا السياسة على النوازع أمثال ميكافلي وهوبس ومونتسكيو..

ومعسكر المثالين أمثال (سبينوزا ولوك وروسو) الذين شيدوا نظرياتهم على أساس الفرد الحر العاقل المنفصل عن الحيوانية. والمتحكم في كل النوازع..

ويرى المؤلف بأننا اليوم متأثرون أكثر من اللازم بمنهج الفريق الثاني، نتكلم عفويا عن السياسة وكأنها تهم جماعة أفراد أحرار عقلاء. كأنها تخاطب العقل في كل فرد، بعيدا عن العواطف والرغبات أو الميول، مع أننا نعلم علم اليقين أن المرء لا يكون عاقلا متعقلا باستمرار(10).

 إن النوازع المسيطرة على الأفراد هي من جهة الخوف والحاجة، والتوهم والطمع والرضى، ومن جهة أخرى الطموح والغيرة والعدوان والتأثر .. ومما لا ينكر أن لولا الخوف لما كان الأمر ولولا التوهم لما كانت هيبة. ولولا الطمع لما كان ولاء ولولا الطموح لما كان سلطان..

 للخوف إذن وجود ومراتب ووظائف وكذلك للتوهم والطموح... هذه مجرد تفريعات أما ما يعني المراقب لما يجري في عالم السياسة هو الإمساك بالنوازع المؤثرة بصفة دائمة وقارة.

للسياسة أشكال وأطوار ، ولكل طور نزعة يعتمدها، يشخصها يتولاها، ويرعاها.. والسياسة من هذه الزاوية نشاط لابد لها من باعث هو النزعة ... (11)

 الإنسان حيوان ناطق ظاهريا التعريف جامع مانع، ولكن عند التدقيق، يبدو متداخلا ، وربما متناقضا...

ذلك أن النطق لا ينفي الصفة الحيوانية إنما النطق يكسب الإنسان أداة جديدة متطورة، ولكنه يظل حيوان(12) يذكر المؤلف بأن جان جاك روسو في طفولته كان يواظب على مطالعة كتاب ( فلوطارخس) سير مشاهير الرجال الذي يلخص التاريخ اليوناني والروماني، من وجهة النظر الأخلاقية الرواقية حيث يختار المؤلف من ماضي الإغريق والرومان بطلين يشخصان إحدى الفضائل (الشجاعة والرزانة، العدل أو الإيثار، الشهامة والحلم.. إلخ ) يتوسط في وصف أعمالهما، ثم يقارن بينهما ، معتبرا اختلاف الظروف والأحوال بحيث لا نجد عنده إلا أمثلة على الرفعة والسمو ولا شيء عن الخسة والظلم.

إنه التاريخ في مرآة الأخلاق، هذا ما استهدفه (فلوطارخس)، فلا عجب إذن أن يعتقد روسو أن الإنسان خلق طيبا. وأن ما يفسده هو المجتمع، ومن هذا المنطلق أسس علم السياسة على مبادئ العقل المجرد، على فرضية الفضيلة الفطرية لأنه كان يرى أن الطبيعة كلها خير(13).

ثم يضيف المؤلف بأن (جون دار مندهاي) مبعوث ملكة انجلترا إلى سلطان المغرب في أواسط القرن التاسع عشر أنه قابل السلطان (محمد الرابع) وتحدث معه في شأن إصلاح أحوال المملكة (عن الأمن والعدل والحرية، وعن تحديث الجيش والشرطة، والجباية والتعليم ...إلخ).

وقد استحسن السلطان كلما سمع وتمنى، لو يستطيع، أن يطبق البرنامج المقترح..

ثم أجاب كنت أبادر بفعل ما تقول، لو كنت أسوس رجالا عقلاء ولكني أتعامل مع أسد مفترسة (14).

 يتكلم السلطان عن تجربته اليومية داخل القصر وخارجه...

 الإنسان حيوان كاسر...

ومن ثم فإن الكتب المعتمدة في حال السلطان وغيره من الأمراء هي كتب الحيل الذي توصى بالحيطة. وتنصح باليقظة وعدم الركون إلى الثقة وأن لا يأمن أو يغتر ...إلخ

 وما قاله الفارابي في المدينة الفاضلة، هو ما قاله اليونان وارتوى منه روسو ..

وما قاله مكيافلي وهوبس أن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان (15)

كل هذا يدل بأن التعارض ليس بين الشرق والغرب، ولا بين نظامين الاستبداد والحرية... بل التعارض قائم بين مستويين في الطبيعة (الحيوان والإنسان) في السلوك (الشهوة أو العفة) وبالتالي في التصرف..

* فالعنف يزرع الرعب، والرعب يؤدي إلى الخضوع والانقياد وبالتالي فإن العلاقة عضوية قائمة بين الخوف والاستبداد .. وليس في السياسة علاقة أوثق من هذه، إن التاريخ يبرزها.

الاستبداد هو السياسة بدون قناع. بل هو لبها إلى حد أنه ينفيها.

الاستبداد بمعنى الانفراد بالسلطة، بالأمر بالكلمة، بالثروة ...إلخ ملازم للسياسة، أيا كان النظام ...

* الخوف إذن ملازم لكل نشاط سياسي، فردي أيا كان مظهره..
* الخضوع، الطاعة، الانقياد، الإنصاف ..الخ، كل ذلك يتضمن قدرا من الخوف، وحتى النزعات المضادة كالعصيان، قد تنم هي الأخرى، عن خوف دفين...
* السياسة إذن في منشئها، قد تحمل معنى خاصا محددا، ويتطور المفهوم. يتطور المجتمع، بحيث أن الربط بين العنف أو الخوف وبين السياسة لم يعد مستساغا، فتعرف السياسة بأنها ذلك النشاط الجماعي الذي يستثني العنف والخوف، فيتميز برغبات أخرى (الهبة والعزة والتعالي، والشرف والتباهي...الخ )(16)
* إنها نزعات ورغبات أقل ارتباط بالغريزة الحيوانية.

في السياسة فإن وازع الطموح هو الوصول إلى السلطة، إنه وازع طبيعي، بل حيواني، وكذلك الولاء، إنه الإعجاب والتعلق والوفاء ...الخ، نتيجة لقوة "الكرزيما" السحرية وهي أيضا ظاهرة من ظواهر السياسة...

وكذلك الأوهام الراسخة التي يلفها الغموض في كل عصر من العصور...

* وفي السياسة أطماع للجاه والمنصب والمال وصراع من أجل الاستحواذ...

والطمع هو دائما الرابط بين الخصاص وبين الرشوة، إنه ميل نفساني عام ... (17)

ثم إن الحاجة هي أيضا ظاهرة من ظواهر السياسة، فلا سياسة مع الوفرة ولا سياسة مع القناعة ...

* العلاقة السياسية ، ليست سوى مسألة نوازع بين الحاكم والمحكوم كل واحد على قدر حاجته ...

* لولا الطمع، لما كان اضطهاد أو انتقام أو سلب أو رشوة، ولولا الطموح لما كان توسع وفتح، واستيطان، ولما كانت شهرة وصيت، وسمو ...

* ولولا خوف الحاكم لما كان قمع واستخبار وثأر...

الأمير أيا كان يعد بالأمن وهو خائف ويدعو إلى القناعة وهو طامع وينصح بالركون والمسكنة وهو طموح، ويلوح بالوفرة وهو شحيح ينوه بالوفاء وهو عاق مخلف ... (18)

 ومن الملاحظ أن الآداب العالمية تتضمن كتبا تعبر عن واقعية سافرة في كل ما يتعلق بالسياسة: فأرسطو هو الوجه الآخر لحكم اسكندر المقدوني وابن خلدون الوجه الآخر للسلطنة الإسلامية ولارشفكو الوجه الآخر لمملكة لويس الرابع عشر، ونيتشه الوجه الآخر للإمبراطورية البروسية (19).

 السياسة إذن عبارة على نزوع أو سلوك عام، أو شخصية نمطية، نوازع حيوانية أو فطرية، لها عدة تشكلات، يتم تهذيبها عن طريق التربية، لا دخل لها بالفعل السياسي في مجال السياسة..

 التربية الأولى هي تربية البيت والأسرة، إلا أنه لا وجود اليوم للأسرة بمعنى العائلة الضامة لأجيال متعاقبة، العشيرة المتفرعة عن الفصيل..

 تتلخص الأسرة اليوم في الأم الحاضرة باستمرار، في حين أن الأب غائب لدوافع كثيرة ...

تربية الأم هي الحلقة الرابطة بين طبيعة المجتمع بقدر ما هي قريبة من الطبيعة، بقدر ما ترسخ في ولدها النوازع الطبيعية (الولاء الطمع الخوف ...الخ)، وظيفة الأم لا تتغير، تقوم دائما بدور الوسيط الحافظ لكن ما تحفظه، ما توصله، ما تلقنه، من لغة ، وتقاليد وأعراف وآداب يختلف من منطقة إلى أخرى ومن طبقة إلى أخرى (20).

 التنوع السكاني هو أولا ظاهرة سياسية، لأن الدولة تكونت تاريخيا بالغزو ... وبالتالي فإن الانتماءات العرقية والدينية، والفوارق بين الشمال والجنوب، هي بالأساس سياسية أو تعود إلى أسباب سياسية... يتأسس الانتماء على تمايزات عرقية أو لغوية أو ثقافية أو دينية...(21) .

 القبيلة أيضا ظاهرة سياسية. حسب نظرية ابن خلدون حول العصبية المستمدة من خصائص القبيلة، ومفهوم القبيلة ينطبق على الكلتيين، وعلى الجرمان، وعلى الهنود الحمر، وعلى الأفارقة السود، بل على قدماء الرومان واليونان...

ثم إن القبيلة المستقرة، غير القبيلة المتنقلة، أو قبيلة الرحل الجوالين...) اللهجة مختلفة، وكذلك العادات والأخلاق وقواعد القيادة.( هذه الخصائص هي بالضبط ما تلقنه ألام عبر الأجيال…(22)

 أما ميزان السياسة فإنه محدد بأفق الطموح ومداه.

* الزاوية كمؤسسة هي كذلك ظاهرة سياسية. بحيث لا تكاد تحصي الوظائف التي تقوم بها الزوايا، حيثما بعد السلطان أو ضعف أو غاب، فيها فتنحل عندئذ الدولة...

هي " أخوانية " تسمو على الفوارق المهنية، واللغوية والعرقية، تغير الانتماء الأولي وتوسع الأفق، تتجاوز حدود القبيلة وحتى الدولة(23). في مرآة السياسة فإن الزاوية بالرغم من أنها تقوم بالتربية هي بالأساس، انقياد واعتقاد، وخضوع..

في نطاق الزاوية يجد الفرد المساعدة والمساواة والاعتبار والنصيحة والإرشاد، بشرط أن يحسن النية ويتم الانقياد... . (24)

أليس الخضوع والانقياد من شروط السياسة، وتجلياتها، عندما تتشكل في قوالب ونزوعات..

 المخزن من المنظور الخلدوني هو سلطان قبيلة أو زاوية..

والمخزن ظاهرة من ظواهر السياسة بالمغرب بامتياز،" عندما تغلب على الدولة خصائص القبيلة، في تنظيماتها، وسياستها ودعايتها أو تغلب صفات الزاوية..."

 يتلخص في جيش وديوان ) سيف وقلم(، المخزني صاحب "كلمة" يلقاها ويبلغها له مأمورية، يأمر ليطاع لأنه مأمور مطيع...)25(

 الذهنية المخزنية تفوق في تميزها، وفرادتها ، ما يماثلها اليوم في مجتمعات أخرى...

الولاء مخزنيا، تام وكذلك الخضوع وكذلك الكتمان ...

 المخزن نظام مسيطر متجذر، ثابت، راسخ، وكذلك الذهنية العامة (26)

 يمضى المؤلف على هذا المنوال مفذلكا، ومحللا للأنساق والظواهر والقيم المرتبطة بالسياسة كفعل وسلوك مركزا على المجال المغربي بمكوناته السوسيولوجية، والثقافية...، مقارنا ذلك بما جرى ويجري في التجارب الإنسانية المختلفة ...

 يقول العلماء إذا لم يكونوا في زاوية، فإنهم في "ديوان" منخرطون في المخزن، أسرة العالم إذن شريفة، وأما مخزنية، إما التجار والصناع وأهل الكسب والفلاحة، وبصفة عامة أهل الحرف والصنائع، أنهم ينتسبون في معظمهم إلى الزوايا، لا ثقافة لهؤلاء و أولئك إلا ما يسمعون في الزاوية، حيث منها يتلقون الحكم، والأمثال، والحكايات، والقصص الوعظية.

ويضيف المؤلف معلقا: تثبت التجربة أن لا نتيجة، بدون سبب، ولا ثمرة بدون كد، وجهد، وتقول الدعوة أن النية تذلل العقبات وأن الأسباب وسائل فقط. والملاحظ أن التربية تغلب دائما التجربة، والتربية بالتعريف ثقافة(27).

 ينقسم المجتمع إلى عامة وخاصة: العامة (فلاحين وكسابين وتجار) يباشرون الأشياء، والخاصة ( شرفاء وعلماء وشيوخ وقادة ) وعلى رأس الهرم يوجد الحكام، أهل الحل والعقد، أصحاب الأمر والكلمة النافذة عسكر (السيف) أو كتاب (القلم ) أو قضاة ( الشرع).

وبمرور الزمن، تتغير الظروف والتعابير والمسميات .. نتكلم عن الشعب، ونخب، وحكومة ، وجيش وبيروقراطية وقوانين ، وسيادة، وتفويض ، وتنفيذ...

 يقول المؤلف لما قامت الثورة الفرنسية هاجر النبلاء، ولما انهار نظام نبليون، عادوا جميعا، ليحتلوا مناصبهم في الجيش والدبلوماسية والإدارة والكنيسة والبرلمان ..، ثم يضيف بأن عودة الغائب هذه نلاحظها في كل مجتمع يمر بأزمة ، أو بثورة، ثم باضطهاد، ثم بحرب أهلية...

عودة رسمية أو مقننة مشروطة...

هذا حصل في فرنسا ، وانجلترا، في روسيا بعد الثورة ، أو تركيا بعد الثورة الكمالية ... (28)

 نخب جديدة إذن تحل محل نخب قديمة، ترتب عن عملية الانتقال محاكمات وتصفيات، وحملات، تطهير...، وبعد استقرار الأمور يصدرالعفو ثم تكون العودة...

هكذا إذن، تتجدد النخب السياسية بالانتخاب، أما النخب الاجتماعية، الغالب عليها الاستمرار، طبقا للمقولة الفرنسية " كلما تغيرت الأمور استقرت"(29)

 عندما يتطرق المؤلف إلى مفهوم " الطبقة" الذي ركزت عليه النظرية الماركسية، يلاحظ، بأن المفهوم خاص بالنظام الرأسمالي الحديث..في حين أن الأنظمة السابقة على الرأسمالية، كانت تحدد الهيئات، أما عندما نتكلم اليوم عن الطبقات، فإننا نؤول الواقع على أساس ما أفرزه نظام لاحق، خرج من صلبه.

إن مفهوم الطبقة في الاستعمال الحديث هو مفهوم عام جامع لما ظهر في المجتمعات السابقة، كهيئات مستقلة...

الطبقة مفهوم مجرد، ينتسب إلى نظرية التاريخ، بمعنى أن التاريخ حركة، في اتجاه الانصهار، والتوحيد، عبر المنافسة السلمية أو العنيفة، المنظمة كثيرا أو قليلا..

أما الهيئات فإنها تجمد حالة الانقسام والتمايز، فيما توجه الطبقة إلى التداخل والاندماج ...

إن من يعش في مجتمع لم تعم فيه بعد العلاقات الرأسمالية، يعرف بالممارسة اليومية ، أن هناك، حالة واحدة هي خاصة وعامة ...

الهيئات كل الهيئات تعتبر من الأولى، وما سواها يعتبر من الثانية.

النظرية التاريخية تركز على وجود ثنائية طبقية ( البرجوازية و البروليتاريا) في صراع مرير... وأثناء عملية هذا الصراع الطويل الذي يستغرق أجيالا، يتم الانصهار...

البورجوازية هي طبقة دولة بالمعنى الخلدوني ينصهر فيها كل الهيئات، وبواسطة الانتخاب أو التفويض، تكون هي الطبقة الحاكمة في شخص بعض أبنائها...

أما البروليتاريا وهي طبقة تتطلع إلى أن تكون دولة فتنصهر فيها كل الهيئات المحددة قانونا، كل الجماعات المنتجة من فلاحين وصناع وتجار، وإذا ما أدى تقلب الأحوال نتيجة للتطور العلمي، والتقنيات الحديثة إلى ذوبان الأقلية في الأكثرية فقد تنمحي الفوارق، بين الهيئات، وتصبح النخبة (حكومية أو اجتماعية أو ثقافية) نخبة فعلا بالمعنى الحرفي(30).

أما في المجتمعات التقليدية، غير الرأسمالية، فإن انصهار الهيئات في طبقة (مالكة كانت أو عاملة) يبقى من باب الحلم أو الوهم الخادع ...

لا سبيل اليوم إلى تذويب الهيئات الحاكمة في هيئة اجتماعية بعينها، كما لا سبيل إلى تذويب الهيئات المختلفة في طبقة أعلى ... (31).

ويرى المؤلف أن النظرية السياسية، لا تكون سياسية، لأن السياسة ممارسة ليس إلا ، وما قد ينتج من النظرية، من سلوك، ليس سياسة ومن ثم، فإن نظرية الطبقة والأدلوجة، هي في الحقيقة نفي للسياسة كممارسة. وما دامت السياسة هي بالضبط ما تعنيه تقليديا، الكلمة أي تسيير البشر أو استغلال نوازعهم الطبيعية فإن الهيئة تظل سابقة على الطبقة تطوعها لأغراضها بشتى الطرق، ويظل نقد الادلوجة، معرضا باستمرار ليكون هو ذاته ادلوجة، يحجب الواقع ولا يكشفه (32).

ويسترسل المؤلف في أحاديثه الشيقة، الممتعة والعميقة والمفيدة...

 يتحدث عن التعليم وأطواره (التأديبي وتأهيلي وتهذيبي): التأديبي يوفر للتلميذ وسائل التعبير والتهذيب هو ما يمس القيم والأخلاق، ويقول، نظريا لا يوجد تعارض بين الأوجه الثلاثة، وقد نتصور الامركمتابعة وتتويج للتربية الأولية، تربية الأم بالترتيب، والتوضيح، من جهة ثانية بالاغناء بمناهج ووسائل مستحدثة (33).

ثم يتحدث عن الازدواجية اللغوية، ويرى بانها تساكن لغتين وثقافتين ..

ويؤكد بأن اللغة والثقافة كل منسجم وظيفته التواصل، والاستمرار.

فالثقافة تعكس صورة المجتمع بخصوصياته العرقية والمعاشية والاجتماعية والعقائدية، وتعمل من خلال التربية النظامية أن يرثه جيل عن جيل . مسألة اللغة لا تعني العامة بكل فروعها، إنها تعني الخاصة، وفئاتها فهي تفرق بين نخبة ونخبة (قديمة وجديدة، محافظة وإصلاحية) إن كل ثقافة جديدة تنشأ، لا محالة تستعمل المفردات نفسها والتراكيب نفسها، ولكنها تضمنها معاني حديثة. إن الحياة الجديدة تفرض لا محالة تأويلا جديدا... (34).

 المطلوب إذن ليس بالضرورة التنكر لميراث الماضي، بل التعامل معه، بواقعية وتبصر... (35)

ربما لأن مشاكلنا هي في العمق سياسية، إلا أن السياسة تبدأ كنظرية ، وتتميز كتدبير عفوي..ثم أليست السياسة بالمعنى الخلدوني هي تداول للسلطة أو النفوذ أو المنفعة ..

وتأسيسها على ذلك، فإن الملك واحد والملكية أنواع ، الصورة واحدة والمضمون يختلف من عهد إلى عهد ومن مجتمع إلى مجتمع (36).

وبما أن السياسة هي الملك ومن طبيعة الملك التفويض إلى القلة أي النخبة أو الصفوة التي تفرزها الهيئات الاجتماعية ويرى المؤلف بأن حكم القلة، حاصل ماضيا وحاضرا ، منه الشنيع المرفوض، ومنه المعتدل المحتمل.

أما حكم الصفوة الفضلاء الأخيار العقلاء، هو المرجو المرتقب إلا أنه لا يظهر إلا بعد تثقيف وتهذيب (37).

ونمضي مع المؤلف في أسئلته السياسية العميقة، وشروحه الدقيقة، وضمن هذا السياق ينظر المؤلف إلى مسألة الديموقراطية، ويبدأ بالسؤال التالي هل الديموقراطية واقع أم حلم لا يتحقق أبدا ؟

رغم أن نظام أثينا كان يمثل حكم القلة من التجار فإن المنظرين ينعتونه بالديموقراطية. وربطوا باستمرار هذا النظام بالعقل والحرية والفضيلة، قالوا، إن أثينا تمثل المساواة وروح الإنسانية في وجه سبارطة الأرستقراطية، كما تمثل الحرية في وجه الفرس، وحكمهم المستبد المتعسف الفاسد ...(38).

إلا أنه تاريخيا لا علاقة بين حكم القلة، وبين حكم العقل والفضيلة والحرية...

أما المنظرون لمحدثون (روسو) فقد اهتموا بالفكرة، وقالوا أن دولة الجمهور تبدو في العقل الأقرب إلى الإدراك أن يحكم المرء نفسه بنفسه...، لأن من يحكم نفسه بنفسه، حر عاقل، محترس، ومن يحكمه، غيره، خانع، قاصر..، فهو بمثابة الحصان، يلجمه الفارس، والقطيع، يحرسه الراعي.. (39)

إذن هناك الديموقراطية كوضع اجتماعي، مستوفي الشروط ...والديموقراطية كشكل حكومي، يختلف باختلاف الظروف، إذ يفوض الحكم لفرد أو لجماعة، معدودة ، بالانتخاب مرة واحدة أو بالتصويت الدوري ...(40)

إن الديموقراطية تستلزم أن يخضع الجمهور لعملية تهذيب وتثقيف طويلة. ثم إن الحكم الصالح، فرديا كان أو حكم قلة.

لابد من استيفاء الشروط، وبدونها يسقط، فإذا انتفت الفضيلة انقلب الملك إلى طغيان، والعدل إلى جور، والمهابة إلى رهبة، والانقياد إلى خنوع.

وحكم القلة إذا انتفت الشروط، فسد، وانقلب إلى حكم الأرذال (حكم طغمة أو عصابة ) (40) والخلاصة أن الملك يجب أن يكون عادلا، والأقلية الحاكمة أبعد نظرا، واحتراسا، والجمهور أوعى بمصالحه. إنها فقط مسألة مقارنة ومقاربة.

ويقول المؤلف بأن الدول الديموقراطية تمارس السياسة كثيرا وتتكلم عنها قليلا، والحاصل عندنا هو العكس..

والسبب يعود إلى انه لم يحصل بعد عندنا الفطام الضروري من الغريزة إلى العقل ومن الإتباع إلى الإستقلال ومن التوكل إلى الهمة، ومن المباعية إلى المواطنة...

ويقول أيضا لم تتكون عندنا نخبة سياسية واسعة، تتأهل وتتجدد باستمرار، وتتداول على تحمل المسؤولية(42)

فلا بد إذن من تحرير السياسة، فكرا وعملا، وذلك بتنقيتها من الشوائب والزوائد، حتى لا تطغى السياسة على المجالات الحيوية للإنسان، فتختل الموازين، وتسقط المثل والقيم الإنسانية الرفيعة، فيرتكس الإنسان إلى حيوانيته التي تتحكم فيها الغرائز، ومن ثم يغيب الوعي والإرادة الحرة التي بدونهما يستحيل على الإنسان أن يتأنسن أو يشيد كيانا سياسي حضاري.

وفي الختام لا بد من التأكيد على أن ما توخيناه من هذا العرض هو إثارة الاهتمام إلى بعض الإشكاليات التي تهم السؤال السياسي أولا لأنها تشكل المحور الرئيس لموضوع الكتاب، وثانيا لكون المسألة السياسية شغلت حيزا كبيرا من المشروع الفكري للأستاذ العروي، بل هي في تصورنا لب هذا المشروع ولحمته ..

 صحيح أن بعض القضايا والنظرات التي تطرق إليها المؤلف في كتابه، سبق أن تناولها في مؤلفاته السابقة بعمق أكبر، ولكن ما يهمنا من خلال هذه القراءة هو إبراز المنهج الفكري للأستاذ العروي وتحديد مرتكزاته ومضامينه، وتصوراته، ومدى قدرته على تقديم حلول ناجعة ابستمولوجية للإشكاليات المتمثلة في التأخر التاريخي وغياب الوعي الإيديولوجي والاستراتيجي والحضاري...

حقا، نحن في حاجة إلى تجديد المنهج، من أجل تقويم أساليب النظر والتفكير لكي تتحرر الذهنيات والإرادات وتتقوى روح المبادرة على الابتكار والإنجاز ...

ولعل الارتخاء أو الجمود الحضاري، يرجع أساسا إلى الفوضى العقلية التي تؤدي إلى فساد فهم الأشياء ومن ثمة قصور في الرؤية يترتب عنه العجز في استشراف الآفاق المستقبلية...

ومن نافل القول أن تجديد المناهج يتطلب المعرفة بأسرارها ودقائقها ما دمنا نسلم بأنه لكل خطاب منهج ولكل منهج غاية ...

ولا شك بأن الأستاذ العروي كان محقا عندما ما ربط الخروج من التأخر التاريخي بالوعي التاريخي ...

إلا أن السؤال الذي يبقى مطروحا كيف يتحقق وعي تاريخي بدون رسالة حضارية أي بدون مشروع حضاري...

ولا شك بأن طغيان البعد السياسي، والمنطق التاريخاني على فكر العروي، حجب عنه أهمية إدخال البعد القيمي الحضاري ضمن مقاربة إشكالية التأخر التاريخي، التي تأسس عليها مشروعه الفكري...

قد يعود السبب إلى كون المؤرخ لا يتوخى مطلبا غير البحث على علاقات الظواهر والأحداث...، ولا يكلف نفسه النفاذ إلى أعماق المحسوسات ...

والرؤية الحضارية تتطلب سبر اغوار النفس الإنسانية للكشف عما يلفها من لغز خفي قد يستعصي على التفسير، إلا إذا كان تفسيرها القريب في الحقيقة الشاملة، فالعلم بهذه الحقيقة لا يستغني عنه الباحث في تاريخ الأمم والمجتمعات من باطنية وظاهرة، ومن قومية وفردية ومن قديمة وحديثة.

وإذا سلمنا بأن الدين هو سر القلب والضمير، وبأن الفلسفة هي سر الفكر والبصيرة ...

فإنه بالذوق الجمالي وحده يمكن أن نجمع بين سر القلب وبصيرة الفكر لإدراك ظواهر الأشياء والمشي إلى طريقها القويم..

فلا هداية إذن بغير هداية القلب والضمير أو هداية الفكر والبصيرة...

الهوامش :

1. بنسالم حميش - معهم حيث هم - بيت الحكمة – الدار البيضاء 1988 – ص 30.
2. المصدر السابق ص 37 .
3. ن. م ص 39
4. عبد الله العروي العرب والفكر التاريخي ر ط 2 : ص 78.
5. محمد سبيلا مفهوم التاريخانية عند العروي. (عبد الله العروي الحداثة وأسئلة التاريخ)
منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء ط 1 - 2007 – ص 45
6. العرب والفكر التاريخي – ص 17
7. ن م – ص 25
8. ن م – ص 54
9. عبد الله العروي (من ديوان السياسة) المركز الثقافي العربي ط 1/2009/ص7
10. ن م ص 8
11. ن م – ص 9
12. ن م – ص 10
13. ن م – ص 11
14. ن م – ص 11
15. ن م – ص 12
16. ن م – ص 13
17. ن م – ص 18
18. ن م – ص 21
19. ن م – ص 21
20. ن م – ص 24
21. ن م – ص 26
22. ن م – ص 27
23. ن م – ص 28
24. ن م – ص 29
25. ن م – ص 31
26. ن م – ص 31
27. ن م – ص 34
28. ن م – ص 35
29. ن م – ص 36
30. ن م – ص 38
31. ن م – ص 39
32. ن م – ص 43
33. ن م – ص 45
34. ن م – ص 52
35. ن م – ص 62
36. ن م – ص 72
37. ن م – ص 78
38. ن م – ص 80
39. ن م – ص 82
40. ن م – ص 83
41. ن م – ص 85
42. ن م – ص 153
قراءة في تأملات الأستاذ عبد الله العروي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى