الأربعاء ٣١ آذار (مارس) ٢٠١٠
بقلم عبد القادر محمد الأحمر

الرجل والغاية القصوى

بهدوء، وبهدوء شديد جداً، دعوني ألج من خلال أبواب قلوبكم وفي الأعماق رغبة فطرية زاحفة محاطة بالضراعة من كل جانب لأهمس عبركم بعمق في أذن (بنتي) و(أختي) و(زوجتي) و(أمي) هؤلاء الذين أرى أن الدروب قد تاهت ببعضهم وذهبت بهم بعيداً بعيداً عن (مفهوم) السر المترسب في أعماقهن وفي تلك الأعماق الذكورية (الأخرى) بعد أن توارى في أحدهما بفعل أحدهما، وهما لا يدريان!! فالتبس الأمر بانطماس (النور) فكان مجيء (الظلمة)!!

أقولها وبكل الوضوح والصدق، إيماناً مني بأن أقوال الخالق- سبحانه وتعالى – تحتاج حقاً إلى المزيد من التدبر والتحديق، تحتاج إلى أن نضع الأشياء في مواضعها الصحيحة، عسانا نفقه معنى قوله تعالى: وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَالذاريات/49– من كل شيء !! – الأمر الذي يدلنا على أن كل ما هو دون الذات (الإلهية) يتسم بالزوجية، الزوجية الموجبة لفتح باب التعقل (القلبي) الدالة على أن (الروح) بعينها وبدورها تخضع لهذا المجس كأول هذه (الأشياء)!! بمعنى أن الروح (روحان)، عليا وسفلى، قريبة وبعيدة..ولسنا نعرف قرباً أكثر قرباً من تلك الروح العليا من منبعها، فهي أول المتلقيات للأمرالإلهي الصادر إليها للقيام بـ (أسر) هذه السفلى والمجيء بها عائدة إلى مقامها الأول العالي الذي أُهْبِطَتْ منه!!لعصيان <معنوي > سبق أن بدر منها بعد أن جرى بينهما في ذلك (الملأ) الأعلى!!

ولما كانت (الخطة) التي على ضوئها يتم هذا الأمر اللطيف الجميل اللذيذ تتطلب توفر عنصر (التقوى) المستقاة من التعاليم والارشادات الإلهية الصادرة إنزالاً، كان من بدائه أقوال النبوة الداعمة أن يُقال إن أكثر أهل النار هم أولئك الذين لم يدركوا سر التفرقة ما بين هذين المفهومين (الحسي والمعنوي)، وكذا حال من أنيط به القيام بهذا الدور الإيجابي فكان أن.. ضعفوا!! جميعاً.. إلا من أضيفوا واستئنسوا تحت ظلال كلمة (عبادي)!!!!

إن (الجنة) الأدنى هي دار (حور) جيء إلينا منهن بنسبة معلومة هي هذه التي شاهدناها ونشهدها وعايشناها ونعايشها اليوم، رمزها الذي يرفرف على ساريتها- معنىً وحساً – هو “مريم ” العذراء، ورمزها الحسي المعنوي من جهة هذا الحس هو السيدة “خديجة ” - رضيّ الله عنها – أول زوجات نبيُّنا الأمين – صلى الله عليه وسلم – ومن سار على أثرها.

تعلوها تلك (الجنة) الأخرى، وهي دار (ملائكة) جيء إلينا منهم بهذه النسبة المعلومة المشاهدة اليــــوم كـ (معانٍ إلهية) رمزها المعنوي الحسي المتفرد هو سيدنا “عيسى ” - عليه السلام- ورمزها الحسي المعنوي هو سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد بن عبدالله – صلى الله عليه وسلم-!!

فكان ذلك.وكان هذا التجسيد.. وكانت هذه (الأرض) بترابها .. وبدأت الخطوات خطوها!! وتم (البث)!! .. وجاء الشعاع المنير بـ (القرآن) الكريم الذي كلما رمينا بالبصر إليه وجدنا أن 99٪ من خطابه موجه إلى هذا (الرجل) بالتحديد، ولا أقول (الذكر)، إذا أن كل رجل هو بالضرورة ذكراً، وليس كل ذكر هو بالضرورة رجلاً، لذا جاء الأمر بأن يقوم هذا الرجل بأسر هذه المرأة (معنوياً) من باب (الحس) سلاحه إلى ذلك (نور) كلمات الله الممزوجة بالمودة والرحمة!!

فهذا هو وحده طريق العودة بهذه الروح (الهاربة) إلى دارها التي منها (أُخْرِجَتْ) وإلى ما كانت عليه أصلاً من هدوء وراحةٍ وحُللٍ زاهية الألوان، إلى حيث يقول المنادي: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ70 يُطَافُ عَلَيْهِم بِصِحَافٍ مِّن ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ وَأَنتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ71الزخرف.. فإن أبت هي ولم تذعن يؤتى له هو بـ (حورية)..وإن أبى هو ولم يؤدي ما أمر به يؤتى لها هي– أي هذه الصالحة - بذلك (الزوج) (التقي) .. وهكذا يبدو لنا سر معنى قوله تعالى: وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ التكوير/7 ويبدو لنا أيضاً سر معنى قوله- صلى الله عليه وسلم : (فاظفر بذات الدين تربت يداك)..وهذه هي (المريمية)!!

 وهذه هي في نظرنا آخر المعادلات المنصوص عنها..

 وهذا هو أيضاً– كما نرى- معنى وحقيقة (الزواج)!!!!

وما ذكرناه هذا ينطبق على ذلك الذي استطاع أن يجيء بالواحدة، فما بالنا بذلك الذي يستطيع أن يجيء بالأربعة!!

تعدد الزوجات رحمة بالمرأة بصفة خاصة– إن هي أدركت ذلك – شريطة أن يحاط هذا الزواج بـ (التقوى) من قبل هذا الرجل وبـ (الصلاح) من قبل هذه المرأة، وأن يتبدل هذا المفهوم العقيم السالب الذي نعايشه اليوم!! وأن تكون (الجنة) هي الغاية القصوى لكليهما!!

ولنا في رسولنا الكريم الأسوة والقدوة الحسنة ... وما أسعدهن من نساء أتى بهنّ !!


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى