الخميس ١٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٠
بقلم نذير طيار

جَمْر.... وقَطْر

أدْلي بحرفي إلى بئر المجاز

وأنحني ورا قَطرةٍ بِكْرٍ
أربِّيها

منذ ارتشفتُ القوافي
والأنا ثملٌ

منذ احتسيتُ المعاني والندى فيها

1- أنا والشعر
 
أهوى الحروف
وأهوى من يعانيها
ومن إذا احْترقَ اخْضرَّت معانيها
 
ومن إذا ارتعشتْ
بالقلب جمرتهُ
تَسَرْبَلَ الثلجُ
قبسًا من تشظِّيها
 
تعهَّدتْها رياح النار في ولهٍ
تخطَّفتها السهى
واستوطنت فيها
 
أفضتْ لها
شهبُ الأكوان شاخصةً:
الحلمُ أنتِ،
فسيحي في السما تيها
 
لله في الشعر
آيات مشفَّرةٌ
بكل نزفٍ شعاعٌ من تجلِّيها
 
روائع الشعر
للذَّوَّاق مبهرة
لولا القصائد ...
ظلَّ السحر تمويها
والشاعر الحرُّ
شطآن ممدَّدة
تغفو البحار
على نجوى لياليها
 
لا تحسبوا الشعر موسيقى مُدَوَّرَةً
بلا لظى الحرف
إذعانٌ قوافيها
 
هو النسيمُ
على الأنداء بسمتهُ
للروح مزنٌ
بعذب الحرف يرويها
 
هو ارتماءٌ
إلى المجهول في عوز
والعودُ منه
بدنيانا وما فيها
 
هو العثورُ
على ما لا وجودَ لهُ
إلا بدارٍ
رسولُ الشعر يبنيها
 
بعثٌ
هو الشعر للمعنى
على صُوَرٍ
لله ساجدة
عشقا وتنزيها
 
كدحٌ
هو الحرف
نحو الله من أزلٍ
يا عاشق العِين
حاذرْ إذ تناجيها
 
أسامر الشعرَ
كمْ أرقى بصنعتهِ
إلى دُنىَ الكشفِ
لا سرٌّ يواريها
 
يا شعرُ
عرَّشتَ بالأشواق مشمشةً
تفيَّأ الظلُّ
مسحورا بشاديها
 
أُدْلي بحرفي إلى بئر المجاز
وأنحني ورا قَطرةٍ بِكْرٍ
أربِّيها1
 
منذ ارتشفتُ القوافي
والأنا ثملٌ
منذ احتسيتُ المعاني والندى فيها
 
الشعر محيايَ
والمثوى مكارمُهُ
منفايَ دنياَ بلا حرفٍ يُقَفِّيها
 
إنِّي أَوَيتُ إلى بحرٍ
سيعصمني
ألحرف باخرَتي
والله مُجْريها
 
بحرُ القوافي،
غريقٌ لوْ أفارقهُ
أمواجهُ الزُرْقُ،
نبضي في تماهيها
 
أيَّانَ مُرْسايَ؟
عند الموتِ موعدهُ
يا حاديَ الروح
يَمِّمْ شطْرَ باريهَا
ـــــ
 
2- أنا وغزة ونوفمبر
 
سألت في وطني
ريحا رعتْ سُحُبَا
طورًا تُحَرِّضها، طورًا تُهَدِّيها
 
قالت : «أنا الشعر
والثوراتُ منْ نُطَفي
أَمْسِكْ بناصيتي
تُذْعِنْ نواصيها
 
دوني،
تهيمونَ أخشابًا
مُسَنَّدةً
وحدي،
شعوبٌ رؤى الأوهام
تُرديهَا
 
قرآن ربِِّي
كنوزٌ لا نفادَ لها
بِهِ اسْتَوَيْتُ
قطوفًا طوْعَ جانيها
 
قنابل الشعر
للطغيان ناسفةٌ
والمفْسِدونَ هُمُ أسمى مراميها.
 
فَكَمْ رسمنا به الثوراتِ
هادرةً
وكمْ قصائدَ فَجَّرْنا بناديها.
 
سَلُوا الجزائرَ عن مفدي
وجلجلةٍ
إلى المقَاتِلِ
كالصاروخ يرميها.
 
أهوى القوافي
تُذَكِِّي في النَّدى "قسمًا"
طَيْرًا أبابيلَ إعصارٌ خوافيها.
 
أهوى الحروف
دماءً تفتدي وطنًا
لكنْ
نسيمًا على أرواحِ أهلِيها
 
تنثالُ جمرًا
على الأعداء تسحقُهُمْ
صِدْقٌ مواعيدُهَا، فعلٌ أمانيها
 
تنسابُ
بردًا سلامًا
في تحرُّقِنا
تشوي وجوهًا
تدنَّتْ في تعدِّيها.
 
روحي على جمراتي
كمْ أُقَطِّرُها
عطرا يُوَرِّط أحلامي
ويُنْجيها
 
يمضي يُراوِدُ أنفاسي عن جِبِلَّتها
قدْ شَغَفَتْهُ هوًى،
من شذى فيها،
 
صوتي قميص حروفي
قُدَّ من شَفَةٍ،
ونفسُ يوسفَ
من ذا سَيُغْويها؟
 
******
 
خطى المدائن للتحرير
واحدةٌ
العقل أوَّلها... والروح تاليها.
 
فتوى الرسالات
والثوراتِ
والشُّرَفَا
فتوى السماءِ،
شهيدُ الأرض يأويها.
 
فتوى لأوراسَ خَصيمُ الظلمِ قَلَّدَهَا
في كل عصر لها شعب يلبِّيها.
 
بِغَزَّةَ السحرِ أسرارٌ
لها خَلُصَتْ،
مِنْ سدرة المنتهى حطَّتْ معانيها،
 
تنأى المدائن أجيالا
تُطاردها،
تغدو لها حُلُمًا..
يغزو لياليها.
 
لكنَّ ملحمةَ الروح
سوسنةٌ،
للنحل موعدُها..
يا من يناديها.
 
إني رأيت الدم الغزيَّ
في حللٍ،
العشق طرَّزها..
حتى حواشيها.
 
بغزة الصبر تفسيرٌ
لبلوانا،
الشمس مِلْكُ يدٍ..والجبن ناسيها.
 
جزيرة العزِّ
بالأقصى مراكبها،
كانتْ لأوراسَ أعلامٌ تُوَشَّيها.
 
أوطاننا تحف،
أغلى إذا بَلِيَتْ،
من قال أعشقها، كُلاًّ سيُهديها.
 
يا صادق الوعد،
يا لبنان،
يا قمرا يضيء هامتنا
حتى يجلِّيها.
 
لنا الجنوبُ
بنصريْنِ اسْتوى علما
حينُ المواجعُ أَعْيَتْ منْ يُداويها.
 
لنا العراقُ سيُحْني كِبْرَ هامتهمْ
يدوسُها،
يُسْمِعُ الدنيا تَرَجِّيها.
 
لنا فلسطينُ برغم الأسر
سيِّدةُ الدنيا،
دم الشهدا أغلى لآليها.
 
*********
يا غزَّة المجدِ
إنَّ الكون يلعنهمْ،
بانتْ مجازرهمْ، من ذا سَيُخْفيها.
 
وكلَّما
سُرِقتْ للروحِ جوهرةٌ
هُرِعْتُ للثورة العنقاءِ
أُحْييها
 
أكبَرْتُني
ثَمَرًا من روْض عزَّتها
رَأيْتُني مَلِكًا..
أَلْفَيْتُني فيها.
 
من ذاق
نارَ أعادينا
وفورتَها
يأوي لثورتِنا،
بردٌ لظاميها.
 
*****
يا أيُّها الشعرا:
أنتمْ أدلَّتنا،
هاتوا خرائطكمْ،
فورًا نُجاريها.
 
أنَّى تهيمون؟؟
والغاوون ما تبعوا،
وِدْيانُنا أسْلَمَتْ أمرًا
لِغازيها.
 
*****
من ألفِ ظلمٍ
وثوْراتي تُقَلِّبُني
حتى إذا صرتُ جمْرًا قامَ
داعيها.
 
من الأميرِ
ونسْجي في عيون مها
حتى اكتملتُ لباسا من مآقيها.
 
يا زكريا2:
بشاراتُ السما حكمتْ
يحيا سليلٌ،
خُطاهُ من مباديها
 
يا زكريا3 :
فتوحات السما انهمرتْ
تحيا الجزائر،
أنتَ النهر يسقيها.
 
من شاد
للغة الفصحى مُفاعِلَها،
وَخَلَّدَ الثورة الكبرى
وراعيها؟
 
من فَجَّرَ الحرف كِلْماتٍ مُدَوِّيَةً؟
إنِّي
هنا
معكُمْ
فعلا
وتشبيهَا.
 
يا شعرُ
يا زكريَّا
يا نفمبرَنا
أنتم لوثبة معراجي أثافيها.

1 تعليقا على هذا القصيدة كتب صديقي الشاعر السعودي حسن المعيني يقول:

كم قطرةٍ بكرُ أدلينا بأحرفنا
وراءها ، فشربنا من سواقيها
شحيحة كلما قمنا نلاحقها
يزيدنا رغبةً فيها تأبّيها

و(قطرةٌ بكرُ )أخرى ليس يدركها سوى ( نذيرٍ ) له سيقت قوافيها

2 نبيُّ الله زكريا عليه السلام

3 الشاعر مفدي زكريَّا رحمه الله


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى