الأربعاء ١٤ تموز (يوليو) ٢٠١٠
بقلم ماهين شيخاني

مذكرات خوشو...مبدعاً

واقعية...خيالية....طموحة....أنانية. 

أحب جميع أنواع الخضرة من أشجار وثمار وورود، ولكن يأخذ علي َ محبة شجرة واحدة هي شجرة اللبلاب كونها متطفلة وتعتمد بنموها وتورقها، الارتكاز على الغير. أكره القرود المتسلقة بالرغم من حركاتها الجمبازية المرنة، حتى أنني لا أحبذ بل كرهت شخصية طرازان لاعتماده على حركات القرود المتسلقة، وكرهت المتسلقين للجبال، رغم أنها رياضة خطيرة تعتمد على جميع الحواس لأن الجبل يبقى جبلاً والمتسلق يبقى قزماً أمامه مهما ارتفع . أحب المثقفين و الأدباء، ودوري كأي مثقف في هذه الحياة يقوم على تشجيع الثقافة و العلم ولكنني اكره المتسلقين والمتطفلين من جميع مشاربهم ومآربهم. 

1.كيف التقيت به:

طبعا بلدة مثل بلدتنا التي كبرت الآن قليلا وأصبحت تسمى مدينة، ما هي إلا عبارة عن قرية كبيرة، لا اتساع فيها من الشمال، حيث تحدها الأسلاك الشائكة والألغام التي تفصل بيننا وبين الحدود التركية، ولهذا يكون الامتداد بشكل عام من الجهة الجنوبية للبلدة، كل ما يعنيني البلدة صغيرة وسكانها معرفون وخاصة الذين يقطنوها منذ نشوءها، الوجوه مألوفة حتى ولو لم نعرف الاسم وأي شخص غريب مكشوف لدى الجميع. 

ذات مرة عندما نشر لي قصة في إحدى المجلات المعروفة، زارني وقدم نفسه - خوشناف، ومد يده باتجاهي.

  صافحته، ومنذ ذلك الحين، أصبح يتردد علي.
 
1.شخصية فوتوكوبية :
 
النعجة دولي، الكل سمع بهذا الكائن المسكين المخلوق في مختبرات العلماء اسم ردد على مسامعنا في الإذاعات والتلفزيونات والصحافة آذاننا لفترة غير قليلة اعتادت على هذا المولود، ولكنكم لم تسمعوا ب العجل خوشو، لم يخلق في مختبرات العلماء، أنها حالة قد تكون فريدة من نوعها. يعشق النسخ والتزوير واللعب بالكلمات؟. 
 
 3-والذبابة تكشف أحيانا. 

كنا في أمسية مصغرة، جاء دوره لإلقاء قصيدته العصماء، وقف في منتصف الغرفة، تنحنح قليلا،ثم بدأ بإلقائه المعروف لدينا جميعا، ممل لدرجة الغثيان، استوقفني جملة استأذنت وقلت:

لو سمحت، هل بإمكانك أن تعيد لي الشطر مرة ثانية ؟

بكل سرور – قالها ( خوشو ).

أعاد الشطر، ولم ينتبه أحداً سواي، حاولت أن لا أحرجه أمام المستمعين، شكرته و قلت: جزاكم الله خيرا، تفضل أكمل - لدى ختامه لرائعته - طلبت منه الجلوس بجانبي:

ماذا تريد ؟ سألني بارتباك.

لاشيء سوى أنني أريد أن تعيد لي قراءة الشطر مرة أخرى.

تقصد مرة ثالثة !!!قالها باشمئزاز.

وهل في ذلك ضير ؟ أجبته.

تفضل يا سيدي، سأقرئها للمرة العاشرة، فضيلة الدم الأزرق ، هذا هو الشطر. ( نعم كان قراءته للشطر كسابقتها).

رمقته بنظرة وقلت له: من أين لك بهذه الجملة ؟.

رمقني بنظرة ثم إلى الجملة وقال: أتعني.... قاطعته – وقلت:

نعم أعني أن ذبابة قليلة الأدب قد- عملت - نقطة على حرف الصاد، هل أنت معي في ذلك ؟. 

مط شفته، قرَب كتفيه من رأسه، وبسط كفيه. وقال: يجوز !!!..
 
4- رسام

تعرف على شاب رسام يهتم بالتشكيل، ولان خوشو فضولي أكثر من اللازم في أول لقاء معه سأله عن كيفية رسم اللوحات ومبادئها الأولية وفي اللقاء الثاني سأله عن مواد الرسم من تلوين وأساس وإطارات، في اللقاء الثالث تفاجئ الفنان بلوحة لا تنتمي الى عالم الرسم معلقة على جدار غرفته، وفي أسفل ما تسمى باللوحة توقيع خوشو. 

5- شاعر غنائي
 
جاءني ذات يوم و خرج من جيبه قرص مرن ( فلوبي ) وطلب مني أن أفتحها و أقرأ له أشعاره الغنائية وأساعده في تنقيح وتصحيح بعض الجمل و أرشده بملاحظاتي و رأيي.

بصراحة، فاجئني بهذا الطلب، قلت له:

أنها لمفاجئة سعيدة، منذ متى بدأت تنسج هذه الأحاسيس الرائعة ؟.

 تمتم بفم مغلق ورفع حاجباه وفتح فيه وأجاب: منذ خمسة أشهر.

قلتها مازحاً: إذن لم يفلت منك الشعر الغنائي أيضا ؟. – أخذت من يده ثم وضعتها على الرف لأقرأها في المساء
 
ذهب خوشو وتركني مع عملي، في المساء وضعت القرص في جهاز الكمبيوتر، وبدأت أتصفح أشعاره المعنونة، فاجئني ثانية بفهرسه الطويل المتضمن مائة وستة شعرا غنائيا.

أدهشني هذا الكم الهائل وبعملية حسابية لمدة خمسة أشهر أي بمعدل كل يومين قصيدة وهذا أضعف الأيمان وعلى أقل تقدير بحسابه، رجعت بذاكرتي إلى بداياتي وحسبت منذ خمسة عشر سنة والى الآن يضم بين دفتي مجموعتي التي لم ترى النور بعد إلا من خلال نشر بعض القصائد في الدوريات وتلحين بعضها بحناجر بعض الفنانين لم تتجاوز الخمسين.

أحسست بلا معقولية هذه الكم، إلا أنني تابعت وقرأت نصوصه الشعرية، ودونت ملاحظاتي. 

زارني في اقرب فرصة، وعندما لمحته لاشعوريا بدأت أدندن.

تبسم وقال: يبدوا أن قصيدتي أعجبتك.

أومأت برأسي. ثم تركت الماوس من يدي واتجهت نحوه بالسؤال:

متى كتبت هذا الشعر الرائع والجميل،

منذ شهرين أو أكثر

دندنت ثانية:şevê Dî min xewnek dî min dî kevoka kedî

( شفي دي من خونك دي من دي كافوكا كدي ).
 نفخت سيجارتي وقلت: يا عزيزي. لا أعلم لمن هذه القصيدة بالضبط، أرجحها للشاعر بي بوهار ( يوسف برازي ) او للفنان الشاعر و الملحن المعروف محمد علي شاكر ومتأكد أن هذه الأغنية معروفة لكل الناس وهي بصوت الفنان محمود عزيز شاكر.

تلون وجهه بمسحة قاتمة، وبابتسامة صفراء، رد علي:

إنها من محض خيالي؟.

أي خيال يا أستاذ، هل كل من يحفظ أغنية و يكتبها على دفتره و وضع اسمه تحتها ستصبح ملكا له, أخي خذها نصيحة، الأدب أخلاق ومعرفة. تثقف جيدا، ومددت نحوه القرص.
 
6- خوشو في المركز الثقافي: 
 
قليل من الجمهور، يكاد لايملؤن صفين من المقاعد، الصف الأول للمسوؤلين والضيوف بالطبع، تقدم عريف الحفل نحو المنصة، رحب بالحضور ثم:

1.قدم شاعراً باللهجة الميردلية........ انتهى من الإلقاء.......... تصفيق.

2.قدم شاعراً مرموقاً في الوسط الثقافي......., انتهى......., تصفيق حاد.

3.قدم قاصاً لأول مرة, نهض ( خوشو )، تقدم نحو المنصة، تذكر زملاءه المبدعين أمثال ذكريا تامر و وليد إخلاصي وإبراهيم صموئيل، وقال في سريرته: حتما سيترجم أعمالي إلى لغات عالمية و سأكون أول قاص من أصل كردي سوري يترجم أعماله، مافي حدا أحسن من حدا، هل سليم بركات أفضل مني.
 
حاول أن يتغلب على ارتباكه، تلعثم ثم تمتم كنحلة هزيلة في منحلها، سكب كأس من الماء وادلقها في فمه، رفع بسبابته نظارته الشمسية، تمتم ثانية كالنحلة. لا أحد يفهم ما يقول، بدأ الملل يطغى على الجو النخبوي ، كان مستمرا في قراءته، إلقاء دون المستوى و لغة ركيكة للغاية، لم يفهم أحدا من مادته شيئاً، ماذا يريد أو ماذا يرمز ؟. 

  نهض مدير الناحية متأففا وبدون استئذان خرج، تلاه البقية، مازال مستمراً في قراءته. والقاعة مستمرة بالإخلاء، لم يبق في الصف الأول سوى الإدارة و الصف الثاني أنا وزميل لي وبالمناسبة ذهابي إلى المركز كان إلحاحه لي لتشجيعه ليس إلا.؟. وانتهى من قراءة القصة أخيرا ، لم اسمع تصفيقا سوى صفقاتي الخجولة.
والى اللقاء مع:

7- خوشو ناقداً

8- خوشو.. ضليع في السياسة. 

وفيٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ الختام ( أنا على يقين لدى قراءته لهذه الفكرة ) سينسخ مثلها لأنه فوتوكوبي. 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى