الأحد ٢٢ آب (أغسطس) ٢٠١٠
بقلم نوري الوائلي

أوجعت قلبي مُخبراً ومُجيبا

أوجعت قلبي مُخبراً ومُجيبا
وقصمت ظهري ناعياً وكريبا [1]
ونزعت من عيني المعابة أدمعاً
وزرعت فيها لوعةً ونحيبا
وعصفت في أذني دويّ نوائحٍ
وجعلت فجري عتمةً ومغيبا
وأزحت عن جمر المواجع لبنةً
قد صاغها قلبي الضروع حسيبا
وتسارعت في الصدر مثل دقائقي
دقاتُ قلبي حسرةً ولهيبا
فسقطت لا اقوى لحمل مواجعي
وأفقت من فزع الكروب مريبا
وشعرت من هول المصاب كأنه
حلمٌ له وَجَب الفؤادُ وجيبا [2]
آه, لقد مات الذي من جوده
أضحى الجمال الى الفؤاد نصيبا
فوقفت أجمعُ للمصاب عزائماً
قد هدّها جورُ الزمان عصيبا
لم أنس يوماً كان قلبي راجياً
فأجابني بالمكرمات حبيبا
قد قال لي مرحى بثغرٍ باسمٍ
وأزاح غيري حاسداً وكئيبا
فعلوت فيها للمناقب رغبة
وملكتُ منها رضّعاً وشبيبا [3]
وملكت تاجاً للجمال متوّجاً
ونهضت منها عالماً وأديبا
ترعى وتزرع والجنائن خضرة
والكف ينضحُ معسلاً وحليبا
ولبست زيّاً للرصافة معلماً
يُضفي الوقار ويُجمل التهذيبا
وملكت من زهو الحياة بساطةً
لم تعرف التسويفَ والتكذيبا
وحرثت أرضك قانعاً ومؤملاً
فجنيت منها خضرةً وزبيبا
وجريت تدفع في الشوارع محملاً
وتبيع فيها جبنةً وضريبا [4]
ونهضت قبل الفجر تحلب جاثياً
وجمعت عشباً في الحرور رطيبا
يا نخل بغداد الطويل وسعفه
يا بلسما يحوي القلوب رحيبا
يا عمّ يا حمل المواجع صابراً
عند الكروب ويا أعزّ قريبا
أنت العراق طبائعاً ومشاعراً
أنت الروافد صافياً وشريبا [5]
للموت لم آسفْ فموتك سنة
والموتُ حقّ لم يحاب طبيبا
الموتُ فينا رغم جهل قلوبنا
والكلّ يسعى للرقيب منيبا
أسفي لفقدك حين قلبي نائياً
عن مقلتيك ولا يراك قريبا
لم تشبع العينان منك ولم تزل
في مقلتيها واحةً وعشيبا
الزوجُ تذهبُ للقاء فلم تجد
خلاً يؤانسها ولا تطبيبا
الطفلُ لم ينعم برؤية جدّه
والجدّ يرحلُ موجعاً وغريبا
ياسين يرحمك الرحيمُ برحمة
ويزيحُ عنك مساوءاً وكروبا [6]
ويريك في يوم الحساب مُحمداً
فتذوقُ منه شفاعةً وشروبا
قد أنشبت سننُ المنون بحملنا
لم تُبق منا صاحباً وقريبا
وتكاثرت فينا كجذو مشاتل
وغدت لها أرضُ الديار خصيبا
وتتابعت جمّ الصعاب فحمّلت
منها الرؤسُ مناحةً ومشيبا
تختارُ مثل النحل فوق مزارع
فتصيبُ فينا زاهداً ونجيبا
جارَ الزمان على العراق وأهله
فغدا بهم سهم المنون مصيبا
وأذاقهم بالنائبات مصائراً
وأشاب منهم جاهلاً وأريبا [7]
حتى تعالت في العراق تذيقنا
من كلّ كرب مبهماً وعجيبا
وخرجت من بلد الكرام مُراغماً
فلقيت دربي عاصفاً وكثيبا
عشنا وربّك غربة حتى غدت
فينا المواجع مضرباً وضريبا [8]
وتلاحقتنا بالكروب كأنّها
فينا كمن عاشَ الحياة سليبا
لا أهل يجمعنا بهم شوقٌ ولا
أنس يزيحُ عن الفؤاد خطوبا
ماتت أحبّتنا ولم تحفل بهم
منّا العيون مودّة ورغيبا
الأهلُ لم تبخلْ لدين محمدٍ
فتسابقوا للتضحيات وصوبا
وتقلدت كفن المنون خيارهم
حتى غدا لونُ العراق صبيبا [9]
نفديك يا بلد التقاة لترتقي
من كلّ بيت منحراً وصبيبا [10]
ولك الأكفّ إلى السماء تضرعاً
أن لا يريك من الزمان نكيبا

[1مكروب

[2مضطرب

[3شباب

[4لبن

[5عذب

[6الفقيد ياسين سلوم الجبوري رحمه الله

[7عاقل

[8نصيب

[9أحمر

[10دم


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى