الثلاثاء ٢١ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم علي جمعة الكعــــود

آزخ

من وحي المذابح عام 1915 حين تعرض الأرمن والسريان للإبادة كانت هناك مدينة صغيرة تدعى (آزخ) تعرضت هي الأخرى للإبادة ولكن بعد مقاومة عنيفة من سكانها الذين فضلوا الاستشهاد على الاستسلام ولم تسقط هذه المدينة رغم حصارها الطويل.

حين
تنام المدن الثكلى
تستيقظ آزخُ
حالمة ً بالغار
وأجراس كنائسها
تعلن
زلزلة الطاغوتْ
فتموت لتحيا
شامخة ً
عن مدن ٍ تحيا
لتموتْ
تتوجّس موتا ً.....
تتفانى
في وجه قراصنة التاريخ....
تمشّط
عند ضفاف الهمّ
جدائلها.....
تتمنّى
لو أنّ جدائلها
تصبح
بارودا ً وسلاسلْ
لتفجّرَ أغنية النصر....
وتنثرَ حبّات اللؤلؤ
بأناملْ
ضغطتْ
فوق زناد الحقّ
طويلا ً
في وجه السفـّاح القاتلْ
حاكتْ
من وجع الليل
عباءتها
وانتظرتْ
عرسا ً قد يأتي....
عرسٌ محكومٌ
بالموتِ
أزخُ
موجة بحر ٍ
لا تـُدرَك رهبتها.....
كـُتبتْ
بدماءٍ قصّـتها
همستْ
في أسماع الموت
وبثــّتْ
للوجع القادم
ضحكتها
آزخُ
أصغر مدن العالم.....
أكبرُ
مدن الروح
وأعظم
من مقصلة ٍ نـُصبتْ
لإبادة شعبٍ
لا يعرف إلا الطهر نقاءً.....
إلا نور الشمس عطاءً.....
إلا
لوحة عشق ٍ رُسمتْ—أسوارٌ صامدة ٌ....
آهٍ
حين تصير الأسوار
سيوفا ً.....
ينصهر المعدن.....
ينصهر العدل
ويُولدُ من رحم الجوْر
ضحايا
يُغتـَصبُ الطهرُ
وتنهار
براءة عشـّاق ٍ
صاروا في غفلة عدل ٍ
أسرى وسبايا
لكنْ آزخُ
ما رهنتْ
للخزْي قلائدها.....
ظلـّتْ عاصية ً
والريح تزمجر....
لقـّنتِ الدهر دروسا ً.....
نجحتْ
في رسْم مصائرها.....
ظلــّتْ شامخة ً
وتهاوتْ
تحت مقاصلها
آلات البغي الممتدّة
من آخر أصقاع الحزن
إلي بيرق فرح ٍ في يدها
آزخُ
آلهة ٌ من دون قرابينْ
الصبح تنفـَّسها
والغيم استنشق
أنفاس ألوهتها
صارتْ
للعشق عناوينْ
لم تـُوصدْ
في وجه الريح
شبابيكُ إرادتها
كان يسوع
يعاقر خمرتها المسكوبة َ
من دنِّ الزمن
المقهور
المسفوحة َ عبر حكاياتٍ
تعلن
أصداء بدايتها.....
وحّدها الحزن
وأرّقها
طفلٌ يتـَّمهُ الدهر
وأرملة ٌ
نثرتْ في الريح
ضفائرها
آزخُ أغنية ٌ
لحّنها الحزن
وغنـّاها زمنٌ لن يأتي....
أخفتْ
في عرس الموت
تبرُّجها
حلمتْ بولادة
أطفال ٍ
حصّـنهمْ ضدّ الخوف
مخاضٌ
عرفوا قبل فطام الأثداء
بأنّ الله
سينفخ روحا ً أخرى
في مريمَ
كي يُولدَ للشرق مسيحٌ
لن يُصلبَ ثانية ً
منذ
الإصحاح الأول
حتـّى آخر إصحاح ٍ
والإنجيل
يدقُّ طبول الحزن
وحيدا ً....
يتملـّى عشـّاقا ً كبروا.....
صاروا
رهبانا ً وقساوسة ً
لكنّ الذاكرة الملأى
بملفـّاتٍ داميةٍ
لم تحذفـْها
ذاكرة ٌ أخرى
آزخُ
أثواب عرائسها
صارت أكفانا ً.....
وُلدتْ
من رحم الموت
ونامتْ
في عرْي حرائقها
الأيامُ المخمورة ُ
بالموت.....
تترجم قصصا ً
لم تـُكتبْ
وقصائدَ
لم تدركْ إلا أطلالا ً !!!
دجلة ُ
ذاك النابعُ
من بين أنامل آزخَ
مصبوغ ٌ
بدماءٍ أخرى....
ومغولٌ جُددٌ
نفثوا في الشرق
سموما ً.....
عاثوا في التاريخ فسادا ً
وعلى مقربةٍ
آزخُ
تتهيّأ ُ للقاءٍ
تفرش بالجمر دروبا ً
وتسير عليها حافية القدمين
وحيدة ْ
وتمرُّ الأعيادُ
بحزن ٍ.....
عيدُ الفصح
وعيدُ الميلاد
وعيدُ قيامتها.....
وتمرُّ الأحزان.....
يمرُّ القهر.....
يمرُّ صدى الأصوات
المبحوحةِ
بين جبال الوهم
ووادٍ
دون مياه
آزخُ أرملة ٌ
جمّلها الحزنُ
وكحّـلَ عينيها
الدمعُ المرسوم بمرود
حبق ٍ.....
أرهقها التجوال
علي صمتِ مقابرها.....
تتفيّأ ُ
في ظلّ الأمل المنقوش ِ
علي دفتر طفل ٍ
لم يُولدْ.....
أجهضَها الليلُ المنثور
علي طرقاتٍ
لا يسلكها
فرحٌ أبدا
أرملة ٌ
يفجعها كابوسٌ
في جذوة نومتِها.....
يطرق
أبوابَ كآبتها
قمرٌ
ما صار هلالا ً أو بدرا ً
حجبتـْهُ
غيومٌ غادرة ٌ
لم تمطرْ
إلا آلاما ً !!!
آزخُ
ملهمة الشعراءِ المفجوعين
بنكبتها
راحتْ
ترقب كلّ مساءٍ
هودجَ حزن ٍ
وعروسا ً
فرّتْ من قـُطـّاع طريق ٍ.....
راحت تروي
للأشجار
فصول حكايتها !!!
وشما ً
فوق ذراع الدهر ِ
ستبقى
ونزيفا ً في أوردة الشعر ِ
ونورا ً
في أنفاق الظلـْم
ورمزا ً
وشموخا ً
وقصيدة ْ.

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى