الثلاثاء ٢٨ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٠
بقلم لمى نور الدين محمد

ملوك اليمين

عندما قرر الإنسان أن يسكن الأرض، لم تكن البداية (تفاحيّة) البتة..كان البحر بزرقته الرائعة يعكس صورة الأرض كأسطورة، وكانت جميع الأشياء و الأماكن تبدو رائعة، لكونها بعيدة.. بعيدة.

الروعة و الغموض، و ربما السلام الدائم في المكان الآخر، كانوا من القوة ليجعلوا من الإنسان (صاحب قرار) ..

نشأت الأسطورة، قبل أن يضع الإنسان قدمه على الأرض.. أمست حكاية البشريّة من المسلّمات، و لحق ذلك ملايين الأساطير التي بنت مجتمعات، و عادات تقدست و أصبحت أصناماً بغض النظر عن أصلها وفصلها.

 هل تريدين أن تصبحي كاتبة مشهورة؟؟

 الشهرة !! لا أعلم.. أريد أن تصل كتاباتي لعدد كبير من الناس، علّها تُغيّر من وجهات نظر عدة منهم...

 سأعطيك المفتاح..(سُبّي.. و تحزبي)..و حاولي أن يكون الرجل هو السلطان الذي يحميك.

 كيف؟!

 أوف.. الطرق عديدة.. مثلا تحزبي مع دين ضد آخر، أو مع اتجاه سياسي ضد آخر.. أو سُبّي شخصا مهما، و شككي في نزاهته.. امدحي سلطان الوجود الذكوري، و اسخري من المساواة بين المرأة و الرجل.

 أبيع ضميري و معتقداتي إذا...

 لا أحد يصدق الإنسان المسالم ..صاحب المبادئ ..الناس عندنا في غالبيتهم مرضى يعشقون الحروب و الخلافات ..(بدك دليل) .."برنامج الاتجاه المعاكس" محرّض جماهريته الأول هو الاقتتال حول فكرة ما ..الناس في مجتمعاتنا تعشق السبّ و الخلاف حتى حول الأفكار.. و على كل سيشترون لك -بعدما تبيعين- معتقدات عظيمة متبوعة، و ضمائر كثر.

 ربما الجدل الذي تثيره الفكرة هو الذي يشدّ...

 لا صدقيني السبّ و التحزب ..هما سيدا الموقف.

 يوجد مشكلة وحيدة: لا أعرف مع من أتحزب..و أكره الأطر...

 تحزبي مع الأقوى..تصبحين أقوى.

 (طيب) ..من أسب...

 سبّي الأضعف في مجتمعاتنا العريقة...

 الأضعف..(ماشي.. ماشي) يلعن أبو الحريّة، و القضيّة..(على أخت) العلمانيّة و الليبرالية، (شو) لا دينية ما لادينية.. باعوا اللي فوق و اللي تحت ليقسموا حتى الطوائف أقلية الأقلية ... (منيح هيك).

 ممتاز، تحزبي مع الأقوى...

 الأقوى ..لا (هي بدّا تفكير).. ع كل احتياطاً (من بكرا.. بحط على الباب ..صورة أليسا و تامر حسني ...) ..ما رأيك..

 رائع ..بقي أن تمدحي سلطان الذكر.

 هذه مستحيلة فأنا سيدة المطالبات ب (ملوك اليمين)...

بالعودة إلى قصة الخلق.. و إذا افترضناها بعيدة عن الكنايات و المجازات، فإن الحياة السعيدة الهانئة في مكان هادئ مسالم لم تغر بالبقاء، و كانت بداية الخلافات مع "الله" نفسه..فعندما لم يجد الإنسان من يختلف معه .. خالف ربّه، مبرهناً نظرية مفادها:

لم (و لن) يستطع الإنسان الحياة من غير (الشر).. الخير و الهدوء ممليَّن لدرجة التمرد، و ليس كل ذلك سوى البداية.. فكيف ننادي بالإنسانية!

و إذا افترضنا أنّ "آدم" قد غُرر به من قبل (الداهية) "حواء".. فلا بد أنّه كان ملك يمينها و تحت سلطانها..و مع أننا نحكي حكاية الخلق بنوع من (التفكير المتحجر) أي من دون بلاغة و لا أبعاد، إلا أنه يحق لنا سؤال مصيري:

.إذا كانت " حواء" قائدتنا إلى الأرض، فأين ذهب حقها في (ملوك اليمين)؟ و لماذا أصبحت تابعة و مملوكة فقط؟!

من هذا المبدأ و بعيداً عن الأديان و ما جاء فيها.. افترضت المساواة بين البشر جميعاً.. في حبهم للإختلاف قبل الوفاق، و في عبادتهم الحقة لحالة الترقب، و دراما المغامرات.

 هل من الممكن أن يحبني؟ قالوا لي يحب زوجته و لن يتركها.

 (انفشيه).. ينسى زوجته و أطفاله، الرجال تحب المديح ..(مووووت).

 قولك .. و إذا (ما مشي الحال)!

 بيمشي ..بيمشي، (بس تغابي و انفشي..)

الغالبية الساحقة للقرارات التي غيّرت مصير البشريّة كانت أنثوية العقل..الدافع أو الحافز.

و إذا ما نظرنا إلى حياة الأشخاص الذين غيروا مسار التاريخ نجد امرأة "حواء" تحكمت و ملكت بيمينها-أو بيسارها (إن كانت عسراويّة )- مصير الشخص البطل و أدخلته التاريخ المذكور.

و نكتشف مع قليل من التحليل أنّ الرجل الذي اكتشف منذ القديم أنه يحتاج دوما لأن يكون ملكا ليمين امرأة..سعى و بطرق شتى إلى أن يبخس المرأة حق الملك الذي يثبت ضعفه، و طفولته، و رسم من قوامته على المرأة طريقا لمغامرات جديدة، تبعد عنه حالة الملل الهادئ للظروف السلميّة.

بما أن استلاب الحقوق يولد حالة من الرغبة بالأذى، و بما أن القوانين قد سنّت من قبل المجتمع الذكوري، رضخت المرأة عموماً لسلطة الرجل، لكنّها ظلت على عهدها في قضية ملوك اليمين، مما تسبب في أذيتها للمرأة و الرجل معاً.

أي أن المجتمع الذي لم يستطع تجاوز عقدة أسطورة بداية الخلق، لم يستطع أيضا تكوين أول و أهم حجرة في السلام، و هي السلام بين الرجل و الأنثى، و مساواتهما في كل شيء.. و مضى يتعجب من لعنات خارجية، و يطالب بسلام دولي!

بينما ابتعدت مجتمعات أخرى عن الأساطير في تبنيها لقوانين عادلة أنصفت السلام بين الرجل و المرأة، مما خلق بداية طريق لسلام داخلي لا يهمل نصف المجتمع، و لا ينتظر التطور من الخارج.

الوحيد الثابت بأسبقيته للأسطورة هو الحب، الحب الذي جمع الرجل و المرأة على قَدر (تفاحيّ) واحد.. هو القادر الوحيد على إبعاد الحياة عن الملل، و منحها طرقاً جديدة ...

و مع تكاثر البشر و تعددهم اتسع مفهوم الحب، لكنه مازال مظلوم المنصب، فما أقلهم الناس الذين يرحبون بفكرة محبة، و حلم سلام ..و ما أكثرهم عشاق(السبّ، و التحزب).. وبعيدا عن الأساطير، و أحقيّة النساء ب (ملوك اليمين) من الرجال، يبقى "دين الحب" الثابت الأول الذي قد يُرجع الأمور إلى نصابها، و إن كرهه المرضى.

نرجو من الكاتبة أن تكتب حرف العطف الواو دائما وفي كل نص ملاصقا للكلمة التي تليه وعدم ترك فراغات بينهما.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى