الاثنين ١ تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١٠
بقلم بلقاسم بن عبد الله

إذاعـاتـنا .. في خـدمـة من؟

.. وهل تستطيع بالفعل إذاعاتنا المحلية بعد أن عمت شتى أرجاء وطننا العزيز، أن تقوم بدورها الفعال في تقديم الخدمة العمومية الضرورية في المجال الإعلامي والثقافي والإجتماعي والإقتصادي؟.. صادفني وصافحني هذا التساؤل المثير، أثناء احتفالنا صباح اليوم 28 أكتوبر بالذكرى الثامنة والأربعين لاسترجاع السيادة الوطنية على الإذاعة والتلفزيون الجزائري، فأي مستقبل لإذاعتنا الوطنية بقنواتها ومحطاتها، ونوعية برامجها، ومصادر أخبارها، وخدماتها المطلوبة والمرغوبة؟..

ويعود بي الآن شريط الذاكرة إلى تلك اللحظة السعيدة بفرحتها العارمة التي بدت على وجوه جميع من حضروا حفل تدشين المحطة الإذاعية بتلمسان صباح يوم 07 أكتوبر 1992 وكانت يومئذ من أوائل التجارب النموذجية، قبل أن تلتحق بها تباعا محطات مماثلة، لتتجاوز حاليا الأربعين عبر ربوع وطننا العزيز.

لاشك بأن الكلمة المذاعة لها قوة إيحائية جبارة، تتسلل في حينها إلى المستمع حيثما وجد، تصاحبه أينما توجه. ويتعاظم دور الإذاعة في المجال الإعلامي، تتأثر بمحيطها العام وتسعى للتأثير فيه، وتتخذ الخبر عند تقديمه صيغة تبليغية رصينة، بأسلوب يتميز بالوضوح والدقة، وتدعمه بصوت ورأي المعنيين بالخبر. فالإذاعة هي همزة وصل بين المواطنين والمسؤولين، تقدم الأخبار، وتساهم في تجسيد القضايا المطروحة، كخطوة نحو إيجاد الحلول الملائمة.

غير أن المسألة الحساسة التي تطرح دوما تتمثل في تمكين الصحفي من الوصول إلى مصادر الخبر. فأغلبية الأبواب تظل موصدة مسدودة. فمعظم مسؤولي القطاعات الحيوية يخافون من الصحافة، لقد تعودوا على إحاطة كل الأخبار بغلاف سميك من السرية والكتمان، بينما من المفروض أن تكون مكاتبهم من زجاج شفاف في عهد التعددية والديمقراطية.

ويظل رجل الإعلام عرضة للترهيب والترغيب، تحاصره الرقابة المهنية والرقابة الذاتية. وتواجهه خشية المسؤولين من الصحافة. فمن أين له يا ترى أن ينطلق بمهارة ليصل إلى سر الكنز المكنون المختفي داخل البناية المحصنة؟.. هل في إمكانه أن يطلع على دالة الأرقام الكبيرة المخيفة، والحقائق المذهلة المدهشة في حساب الربح والخسارة، أو النهب والإختلاس؟.

ومن هنا، يتعين على رجل الإعلام في معظم الأحيان، أن يطرق سبعة أبواب متينة قبل أن يصل إلى مقام المسؤول المقصود، وغالبا ما يستقبله بابتسامة عريضة، وبقهوة ساخنة، وبعموميات مبهمة، ومعلومات ضيقة، لا تفتح شهية السائل، ولا تشبع نهم المتلقي، ولذلك تغيب الحقيقة، وتنعدم الثقة، وتكبر الشكوك المغرضة، وتزداد الهوة اتساعا عبر الإمتدادات الأفقية والعمودية. فمن المستفيد يا ترى من هذه الوضعية الشاذة؟.

أمام مثل تلك الأوضاع المزرية، يضطر الصحفي إلى الإعتماد على البلاغات الرسمية الجافة والناقصة، والتغطيات السريعة السطحية لنشاطات معدودة محدودة في المكان والزمان، وينعكس ذلك سلبا على نوعية الإعلام الإذاعي المنشود، وعلى الخدمة المطلوبة والمصلحة العامة.


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى