السبت ٢٥ كانون الأول (ديسمبر) ٢٠١٠
بقلم بسام عورتاني

الله .. الأرض .. الوطن .. القربان

عندما يقدم الوطن نفسه قرباناً ليديك
هل يبقى من القربان شيء ؟
وعندما يتآمر الوطن على ركبتيك
هل يغفر لك تاريخ ميلادك؟
أقدامنا تعلقت بمقالع الحرية والثورة
وأرواحنا فتحت للعاصين مزاداً لكي يراكموا أرباحهم
*******
وطني مقصلة
وأنا لا أملك في جيبي سوى مَحرمة
لأمسح دمع حُلمي وحُلم جارتي أصبح المشكلة
هل تبقَّى من الحنين للتاريخ المجيد من شيء ؟
هل تبقى للطفل بقيةَ حلم ؟
وطني يحترم التفاهه ويُقدِّر مرضى الوعي
فهو نائمٌ لا يكترث بمن لا ينامون خوفاً على طعامهم
وهو جائع يأكل من لحم القرابين المقدمة من جلاديهم
وطني تحفةٌ يستلذ بعبارات التأريخ والمباهاة والتضخيم
وطني متميز بالنداءات والتحدي والحزن
يخبأ فرحته بين ذراعي ثكلى، أو بين الجفون العابرةِ إلى حتفها
يحتاج وطني للملائكة لكي يُباركُ مذبَحه العفِن
*********
أستلذ مع قهوتي برائحة المكان العذب
أتحاور مع ذاتي المنفصلة عن ذاكرتي القديمة
أداعبها لكي لا تَمِلَّ مني ومن تفاهاتي العتيقة
أحاورها لكي أجدد الحلم النهائي ولكي أحفِّزها لكي تشتعل نوراً ونارآ
مكاني وذاتي ووطني يتشاركوا بكل الصفات الجامعة والشمولية
مكاني وعاءٌ لي ولذاكرتي ولذاكرته
ذاتي وعاءٌ لثقافتي وثقافة من لقَّنوني تعاستهم
ووطني وعاءٌ لكل الروائح الدموية ولكل العبارات الإلآهية وللتائبين من علمهم
ألْتَفُّ بالألغاز على حيرتي، وأشارك طفلي بما تبقى من بسمته
أُرَاوحُ بين البكاء والغناء
في الليلة الظلماء ينتصر القمرُ، وتتماهى ذاتي مع عتمة الوطن
*******
 
أتذكر فجأةً رغبةَ التعالي والغرور لكي أتميز عن الضحايا
فتتغير فكرتي لتصبح فكرةَ الهروب من البساطة والإنسانية إلى سماءٍ لا تحُدني
أحتاج هنا إلى أجنحةٌ لكي أحلق بين العذارى
عذارى الورود الدموية اليانعة للقصف والدمار
*******
أحتاج للهدوء في وقت الغروب وفي أوقات الصلاة لكي أتصالح مع الجمادات
أخابر الغرباء عن متعة الوطن
وأغازل نفسي لكي تنطلق في تضخمٍ وثناء
أحتاج للبكاء لكي أجدد دمعتي المتعفنة بين جيوب المناضلين والثائرين والحائرين الذين ينتظرون الإنتظار
*******
قطارٌ يشد الرحيل إلى البيت المقدس
ويشد أربطته لكي لا يتبعثر المدنَّس
ويصرخ من فوهة البركان ضميرُ المعاني والأحلام
يُبشِّر بحمامةٍ عاريةٍ من كل السموم
تتقلد شجرةً من زيت وإسمها الزيتون
تنثر معانيها وتعيد برمجة الهموم
 
صَرخت من فوق التلال الرمادية
لتقول بدون صوت، تقدموا للموت
فالبحر تائهٌ موجه، والبرُّ لا يتسع للشجر
وحجري دفن نضارته وصلابته عساه ينقلب ذهباً خالصاً أو خمراً معتق
*******
هاتي ثُغرك لكي أقبل تاريخ الهزائم والنكسات والعلقم
ضعيه على كفي لكي أحدِّق فيه عسا هويتي تنقلب لتصبح صَدَفةً في جيد المقدم
*******
سلامي للهاربين من ملكوت الله
وللطامعين بأرض الله
فما تبقى من السلام سوى عليكم
وما تبقى من الإبتسام سوى تجاعيد الوجه الملطم

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى