الثلاثاء ١٨ كانون الثاني (يناير) ٢٠١١
بقلم حسن توفيق

أطفال

مهداة إلى روح محمد بو عزيزي
مطر من فولاذ قاس يلقي حممه
طفل يتخبط فوق الأرض
في قلب مدينته الراقدة بجوف الموت الأحمر
قطع المطر الدامي قدمه
بجوار الطفل أرى لعبة
هي لعبته .. لا شك
هو لا يمسكها في يده
هو لن يمسكها في غده
وسينساه الأطفال وستنساه الأم
وتتلقفه الأرض النهمة
كي تهضمه
قبل شروق العمر الأخضر
 
(2)
 
طفل حافي القدمين يسير
في قلب القاهرة المترهلة الأعضاء
في سحنته حزن – حقد – غضب مكتوم
لا يبحث عن لعبة
لا يبحث عن جحر يؤويه
بل يبحث عن لقمة
يبحث عن قطرة ماء ، عن قلب يحميه
ويطول السير ويأتي الليل
يسقط إعياء في العتمة
فوق رصيف يخفيه الوحل
 
(3)
 
طفل أسود
فوق الثلج الأبيض في قلب نيويورك
ينهشه الجوع ويرعشه البرد
أبنية شاهقة تمتد أمامه
ويمد اليد
ينبش داخل صندوق قمامة
بحثا عن فضلات
ألقاها سكان الأبنية الشاهقة البيضاء
أو أملا في رشفة خمر ترقد في قنينة
تبقيه إلى أن يشهد ما يخفيه الغد
 
(4)
 
طفل ينفذ من عينيه اللهب الفوار
ينفث كرها للناس وللعالم
يتعلم كيف يكون القتل
يصحو في الليل
ويغادر خيمته أو غرفته
يتعجل أن يحيا مبتهجا في ملكوت الله
يتشهى الموت
كي يدخل جنته
كي يدخل جنته المزدانة بالشهداء
هذا ما يتمناه
يتفجر موتا .. أشلاء ترقد في بحر دماء
تتناثر أجساد الناس على الأرصفة الخرساء
والطفل القاتل لا يدري أن الجنة
ليست مأوى لعصابات القتلة
ليست فندق لهو يرقص فيه الجهلة!
 
(5)
 
.. وقديما كنت أقول
قلبي هذا طفل ضائع
يشتاق أبًا .. أمًّا .. يشتاق النور
لكني الآن أرى قلبي
ينبوع دموع تولد بين صخور
ينبوع دموع تخفيها شمس الأمل الخادع
مهداة إلى روح محمد بو عزيزي

أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى