الخميس ١٠ شباط (فبراير) ٢٠١١
بقلم زكية علال

عندما يصير الشارع محكمة..

  هل يوجد حاكم في العالم يذبح نصف شعبه من أن اجل أن يبقى في سدة الحكم؟!!
 هل يوجد حاكم يقتل خيرة شبابه من اجل أن يثبت للعالم انه الحاكم في بلده، ولا سلطان غيره؟!!
 هل يوجد حاكم في العالم يزرع الرعب والخوف في الشارع من أجل أن يرغم الناس على العودة إلى بيوتهم، ليبقى هو جاثما على رقابهم بغطرسته وعناده؟!!
 هل يوجد حاكم في العالم يدوس على أجساد النساء والأطفال والشيوخ لمجرد أنهم تظاهروا بطريقة حضارية وسلمية لتغيير نظام لم يكن في مستوى أحلامهم؟!!
 هل يوجد حاكم في العالم يثور ضده ملايين الناس معلنين رفضهم له ومطالبين برحيله أمام كل شاشات العالم وكاميرات المصورين، ومع ذلك يرفض الرحيل، ويتشبث ولو بشهور لعلها تكون فيها خاتمته، فيرحل عن هذا العالم برتبة حاكم؟!!
 هل يوجد حاكم في العالم يفتح السجون ويطلق سراح المجرمين والقتلة ليسكت صوت الحق الذي يرتفع في الشارع؟!!
 هل يوجد حاكم يدوس على جموع المتظاهرين بالخيول والإبل والسيارات، بعد أن داس على كرامتهم ثلاثة عقود من الزمن؟!!
‎ لا أحد يفعل ذلك إلا الحاكم العربي، والذي يجسده بشكل واضح حسني مبارك..

‎ حسني مبارك في حرب شرسة مع شعبه من أجل أن يحكمهم بالقوة، وهم الذين يصرخون منذ أيام في الشارع وأمام كاميرات العالم «الشعب يريد إسقاط النظام» «الشعب يريد إسقاط الرئيس».. يبدو أن الرئيس الذي عُقدت النية على خلعه أخذها مسألة كرامة، وهو الذي ظل يمسك برقاب الناس ثلاثين عاما دون أن يتأوه أحد منهم ، وهو الذي حوّل مصر العريقة والأبية إلى مملكة خاصة له ولأولاده وحاشيته ورجال الأعمال الذين جعل لهم دولا داخل الدولة، ويصبحون عند الأزمة سندا له بما يملكون من سلاح وقوة...
‎ أعجبتني كثيرا نصيحة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للرئيس المصري المخلوع لاحقا، والتي تحمل حكمة قد لا يدركها الحاكم العربي: « كلنا بشر، وكلنا إلى زوال».. كما توجه إلى الشعب الأبي الذي يتظاهر طلبا للكرامة والديمقراطية بقوله: «الديمقراطية ليست إحسانا من الحكام، ولكنها حق إنساني» كنت أتخيل أن هذا الوزير الحكيم يبتسم سخرية من هذا الحاكم العربي الذي يعتقد في نفسه الخلود ويذبح شعبه علنا دون خوف من أجل يقترب منه وقد تجاوز الثمانين من العمر.. هذه الثمانين التي سئم الشاعر زهير بن أبي سلمي الحياة وهو يصل إلى أعتابها لكثرة تكاليف الحياة، لكن مبارك لم يسأم الحياة، وهو يرى نفسه الوحيد الذي على صواب، وهذه الملايين المتظاهرة على خطأ.. وعلماء الأزهر على خطأ.. والناشطون السياسيون والحقوقيون على خطأ.. والشيخ القرضاوي على خطأ.. هل يمكن أن يجتمع وطن بأكمله على باطل؟!!

‎ لكن السؤال الذي يحيرني دائما: لماذا لا يحسن الزعماء العرب الخروج من الأبواب الواسعة؟ لماذا لا يرحلون ويتركون صورا طيبة في قلوب شعوبهم وعقولهم؟ لماذا يختارون الخروج من الأبواب الضيقة كاللصوص والمجرمين؟

‎ كان بإمكان حسني مبارك أن يخرج من ثورة شعبه بطلا ولو من ورق.. كان بإمكانه أن يخرج على شعبه ويقول بوطنية – ولو مفتعلة: «إذا كان في رحيلي حقن لدماء الشعب، وعودة الاستقرار، فإني أعلن انسحابي حبا في بلدي.»

‎ هذه الكلمة القصيرة كانت ستحفظ له ماء الوجه، وتجعله يخرج بطلا ويدخل التاريخ من بابه الواسع، وكانت ستكسبه احترام شعبه وتجعله يتغاضى عن أخطائه السابقة.. لكن الحكام العرب لا يملكون هذه الحكمة، ويرون أن القوة هي الكلمة التي يجب أن يقولوها لشعوبهم..

‎ والدرس لم ينته...............
 


أي رسالة أو تعليق؟

مراقبة استباقية

هذا المنتدى مراقب استباقياً: لن تظهر مشاركتك إلا بعد التصديق عليها من قبل أحد المدراء.

من أنت؟
مشاركتك

لإنشاء فقرات يكفي ترك سطور فارغة.

الأعلى